الأحلام الإرهابية تبدأ بتغطية النساء وتنتهى دومًا بسفك الدماء
أعرف امرأة مصرية، مرموقة بإنجازاتها فى مجالها وتخصصها، وكل زملائها، نساءً ورجالًا، يفتخرون بها ويتطلعون إلى مكانتها المتميزة.
فجأة، ودون مقدمات، قررت هذه المرأة ارتداء الحجاب، بعد أن قضت عمرها كله منذ الصغر فتاة لا تغطى شعرها، وامرأة سافرة.
«دون مقدمات» كلمة خاطئة، فهناك مقدمات متنوعة، كثيرة، تراكمت عبر السنوات، لكى تؤتى ثمارها، وتحقق أهدافها.
وأنا بدورى أحب أن أرسل رسالتى هذه إلى المرأة المصرية المتميزة، المرموقة، وإلى غيرها من النساء، وحتى الرجال، ليس فقط فى مصر، ولكن فى كل مكان.. هذه المرأة، مثلها مثل الكثيرين من النساء والرجال، والشباب والشابات، فى بلادنا، وفى كل أنحاء العالم، الذين وصلتهم الفكرة الخطأ، بأن الحجاب هو «الرمز» الشرعى الأكبر، المتحدث الرسمى الأساسى، الرئيسى، الذى يعبّر عن «الهوية» الإسلامية، وأن المرأة التى تغطى شَعرها، بالتالى، هى أكثر إسلامًا، وأكثر عفة، وأكثر فضيلة، وأكثر تدينًا، وأكثر تمتعًا برضاء الله، بالتالى الأوفر فرصة، وحظًا، للفوز بمكان فى الجنة.
ورسالتى كالتالى:
أولًا، إن الحجاب ليس رمز الإسلام، إنما هو رمز سياسى لجماعة اسمها «الإخوان المسلمين»، المؤسسة فى مصر عام ١٩٢٨، على يد أحد الشيوخ، حسن البنا، وبفلوس الاحتلال الإنجليزى.. عندما أيقن الإنجليز أن وحدة وتماسك وارتباط الشعب المصرى قوة كبيرة، أكبر من محاولات التقسيم والتفكيك والتفتيت، لجأ إلى سياسة «فرّق تَسُد»، على أساس الدين والطائفة والمذهب، وإذا تقاتل الشعب على الدين فلن يجد الوقت، أو الطاقة، أو الوعى، لمحاربة العدو الأساسى المشترك، وهو المحتل المستعمر.. وهذه سياسة معروفة تاريخيًا، وتستخدم فى كل مكان، وحتى اليوم.
ثانيًا، بدأت دعاوى الحجاب مع تدشين الإخوان المسلمين، ومن بعدهم جميع التيارات، والمنظمات، والجمعيات، والمراكز، والمؤسسات، الإسلامية، والسلفية، سلمية، أو مسلحة، والتى انتشرت على كوكب الأرض بسرعة الضوء، وتمويل كل منْ له مصالح اقتصادية وسياسية وذكورية، فى داخل الدول، ومن خارجها، لإقامة دول دينية، وإمارات إسلامية، واستعادة الخلافة الإسلامية.. ولهذا يهللون للمرأة المحجبة، أو التى تقرر ارتداء الحجاب، ويشتمون المرأة السافرة، أو التى تقرر خلع الحجاب، فهى الخطر الأكبر على مشروعهم السياسى، فالمرأة فى يدها مفتاح تقدم أو تخلف المجتمع كله.
ثالثًا، الحجاب مثل مظاهر التدين، والتأسلم، والتسلف، الأخرى، ما هو إلا «استعراضات» سهلة للقشور الخارجية، البديلة عن جوهر التدين، وحقيقة العفة، والفضيلة.
رابعًا، الحجاب قائم على صورة ذهنية وعقلية للرجال والنساء.. النساء قطع مغرية من اللحم، لا تخاطب إلا حيوانية الرجال دائمى الجوع لالتهام اللحم.. والرجال بالطبع، مجرد ذئاب بشرية، شهوانية، متوحشة، تتحرك بغرائز النصف الأسفل من الجسد.. وهى غرائز حاضرة طوال الوقت، مكبوتة طوال الوقت، لا يمكن التحكم فيها، ولا يمكن تهذيبها، وتأديبها باستقامة الأخلاق، واحترام النساء.. وبالتالى فإنها تثار فورًا، دون تعقل، برؤية أى جزء غير مغطى، من دلائل طبيعة المرأة.. وعند الإثارة، تحدث التهلكة الكبرى، وما لا يحمد عقباه.. والحل الأمثل أن تتغطى المرأة كلها لأنها عورة.
ولكن إذا تعذر هذا، فعلى الأقل، وحتى تقام الخلافة، لا بد أن تغطى شعرها، وتخفيه، وتبعد فتنته الشريرة الشيطانية عن الذكور الأبرياء الطاهرين.. أهذه صورة يا ناس؟!.
خامسًا، هناك جيش كبير من النساء، والرجال، ذوى العقول المستنيرة الراجحة الذين يقرأون التاريخ، ويدركون كل هذه الحقائق، وينفرون من هذه الأفكار، ويفضحونها فى الإعلام، ويرفضون وجودها فى أسرهم، وعائلاتهم، وأوطانهم، أو أن تكون المعبرة الحقيقية عن هويتهم الدينية، والمتحدثة الإعلامية فى أى مكان، عن أخلاقهم.
سادسًا، الحجاب وغيره من أساليب تغطية شعر المرأة، أو أجزاء أخرى من جسمها، موجود فى التاريخ قبل وجود الإسلام.
سابعًا، الحل إذن ليس ارتداء الحجاب، ولكن «فضح» التضليلات التى يروجها أصحاب التطرف والتعصب، وإشاعة التفرقة، والتفكك، وتمهيد أرض الخلافة، لإضعاف الشعب الواحد، وإلهائه عن العدو الحقيقى، ألا وهو محتل الأرض، ومحتل الموارد، ومحتل العقول، ومحتل الإرادة.
التدين الحقيقى هو مقاومة أصحاب هذه الأفكار فى الداخل وفى الخارج، كل فى مجاله، والتى تنتشر إعلاميًا، ويتم ترويجها وتمويلها بفلوس التنظيمات الدينية المسلحة، جنود الدولة الدينية، والحالمين باستعادة الخلافة الإسلامية.
ذلك الحلم الذى بدأ بتغطية النساء بالحجاب والنقاب، وانتهى إلى الدم.
كل بلاد العالم، مع الأسف، تنادى بمكافحة إرهاب الدين والدم، وكلها يتعاون مع ممثلى وحلفاء هذا الإرهاب، علنًا، أو من وراء الستار.
هذا هو بيت الداء، وليس شَعر النساء، المسافر عبر الهواء.
من بستان قصائدى
نفقد أنبل الأشياء
نكتسب أسوأ الأخلاق
تُسفك حولنا الدماء
والعرب كلهم «نائمين»
لماذا يستيقظون؟
أليسوا «خير أمة»
على الأرض
الجميع كافر
وهم بركة المسلمين