بين القائد ورجاله فى عيد الشرطة
لم يكن يوم الجمعة الماضى يومًا عاديًا بالنسبة للطلبة الجدد الذين التحقوا منذ شهر واحد بأكاديمية الشرطة، وذلك عندما فوجئوا بالرئيس عبدالفتاح السيسى بينهم منذ فجر هذا اليوم، يشاركهم طابور الصباح، ويطمئن على حسن اختيارهم للانضمام لمصنع الأبطال، ثم يشارك عائلاتهم، التى كانت فى زيارتهم فى ذات توقيت وجود الرئيس هناك، تلك اللحظات، وجميعنا شاهد تلك العلاقة الإنسانية والمشاعر الفياضة والدعوات إلى الله بأن يحفظه ويسدد خطاه، ليستمر فى عطائه لوطنه ولمواجهة أهل الشر أينما كانوا.. وقد سبق تلك الزيارة لقاء الرئيس مع وزير الداخلية وبعض قيادات الوزارة، لمدارسة تطوير مؤسسات الشرطة وإمدادها بكل المقومات التى تدعم فاعلية أدائها على مختلف الأصعدة والمجالات.
لن أتحدث اليوم عن تلك الذكرى الوطنية العظيمة التى خلدت يوم 25 يناير وجعلته عيدًا للشرطة المصرية، لأن الشعب المصرى جميعه يعرف تلك المناسبة وأسبابها، ودائمًا ما يفخر ويفاخر بها، ولكن دعونا نستعرض تلك التوجيهات والطموحات التى تبناها الرئيس، والتى صاحبت الاحتفال بعيد الشرطة هذا العام، وكلف بها قيادات الوزارة بضرورة تنفيذها فى أسرع وقت والأهداف المرجوة من ذلك، حيث كان من بينها:
- تحديث المنشآت الشرطية مع توحيد شكل وتصميم جميع أقسام الشرطة على مستوى الجمهورية بشكل حضارى يتماشى مع تلك التطورات التى تشهدها البلاد حاليًا.
- تغطية جميع ميادين وشوارع المحافظات المختلفة بكاميرات مراقبة، لإحكام السيطرة على الحركة المرورية من ناحية.. ومن ناحية أخرى لتقليل وجود العناصر البشرية من رجال الشرطة فى تلك المواقع، والاستفادة بجهودهم فى مجالات أخرى من الأعمال الأمنية.
- إنشاء أكبر مستشفى للطب البيطرى فى الشرق الأوسط يخدم كتائب الخيول والكلاب البوليسية، سواء فى مصر أو الدول الأخرى.
- إنشاء أكبر نادٍ للخيالة فى الشرق الأوسط تحت مسمى «وادى الفروسية»، يكون الهدف منه إحياء رياضة الفروسية من ناحية.. ومن ناحية أخرى إحياء نسل الخيول العربية الأصيلة فى مصر.
- تشجيع مؤسسات الشرطة المختلفة على القيام بمشروعات استثمارية متنوعة تستطيع من خلال عوائدها تغطية تكاليف أعمال التحديث والتطوير التى تقوم بها الوزارة.
- استمرار الاهتمام برفع الكفاءة القتالية لطلبة كلية الشرطة، لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.
جمعنى مؤخرًا، وعقب انتهاء زيارة الرئيس أكاديمية الشرطة، لقاء مع مجموعة من طلبة الكلية، وكذلك مع بعض الضباط حديثى التخرج، والذين تم توزيعهم على عدد من المناطق التى تشهد بعض العمليات الإرهابية والإجرامية، والتى تقلصت إلى حد كبير، نتيجة النجاحات التى حققتها الشرطة المصرية مع رجال القوات المسلحة، حيث لمست منهم جميعًا تلك الروح القوية ومدى الاستعداد المعنوى والبدنى لمواجهة الإرهابيين وأيضًا المجرمين الجنائيين بكل الشجاعة والإقدام.
وفى ذات الوقت، تابعت بكل الفخر ذلك الأداء المتميز من رجال الشرطة الأوفياء الذين بذلوا جهودًا كبيرة لتأمين الاحتفالات التى ننتظرها كل عام بعيد الميلاد المجيد، وهنا أتذكر الشهيد البطل مصطفى عبيد، الذى كان قد تم تكليفه العام الماضى بتأمين كنيسة العذراء وأبى سيفين بعزبة الهجانة بمدينة نصر، والذى تعامل مع ثلاث عبوات ناسفة تم وضعها على سطح المسجد المجاور للكنيسة، حيث شاء القدر أن تنفجر فيه إحدى تلك العبوات أثناء محاولته إبطال مفعولها، ليستشهد مضحيًا بحياته فداءً للمئات من المصريين، سواء المسيحيين أو المسلمين، والذين كانوا يتأهبون للاحتفال معًا بعيد الميلاد المجيد، حيث تناسى الشهيد أن لديه أسرة وأطفالًا صغارًا، ولم يخش عليهم من موته، حيث ضحى بنفسه لنعيش نحن وأهلنا من الأقباط محتفلين بتلك المناسبة المباركة، ضاربًا بذلك أروع آيات التضحية والفداء.
فى هذه الأيام، ونحن نحتفل بعيد الشرطة، لا بد أن نتذكر تلك البطولات والتضحيات التى يقدمها هؤلاء الرجال فى جميع المجالات، حيث شهدت البلاد مؤخرًا حالة من الاستقرار والأمن جميعنا يشعر بها، بل إن العالم أجمعه يشهد بذلك، وليس أدل على هذا أن تقام بطولة العالم لكرة اليد فى مصر، حيث تشارك فيها لأول مرة فى التاريخ 32 فريقًا تمثل 32 دولة، وجميعها تشهد بالأمن والأمان فى كل الأماكن التى ترتادها، وتنقل صورًا حية لبلادها تؤكد ذلك.
إن كل يوم تمر به بلادنا يسجل بطولة من بطولات رجال الشرطة تصلح بمفردها لأن تكون عيدًا لها، فها هم رجال الشرطة يوجهون الضربات الاستباقية لفلول الإرهاب فى عقر داره، ويواجهون أخطر تنظيم إرهابى عرفه التاريخ، وهو تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، الذى يرعى جميع التنظيمات الدموية التى تأخذ من الدين ستارًا لنشاطها، ومن الجهلاء وقودًا لعمليات تخريبية تسعى من خلالها إلى ترهيب العباد وتدمير البلاد.
احتفالنا بعيد الشرطة هو تكريس لرحلة عطاء بدأت عام 1952، عندما دافع آباؤنا عن مدينة الإسماعيلية ضد المحتل البريطانى، واستمر هذا العطاء إلى يومنا هذا، وإن اختلفت أساليب المواجهة والفداء.
هذا هو قدر رجال الشرطة، وهذا واجبهم، الذى يقومون به دون كلل.. وعندما حاول أهل الشر أن يطمسوا هذا اليوم من خلال تلك الأحداث والمظاهرات وأعمال العنف التى حدثت فى ذات المناسبة عام 2011، فشلت محاولاتهم، وصمد رجال الشرطة وواجهوا الإرهاب والفوضى بكل التفانى والإخلاص، وسقط منهم مئات الشهداء، ولكنّ زملاءهم كانت لهم الكلمة العليا، ونجحوا فى تقويض الإرهاب والقضاء على عناصره وكوادره بل وقياداته.
وعلى الرغم مما يتعرض له أبطالنا من رجال الشرطة البواسل من أخطار وتضحيات، لكننا نجد كل عام أن هناك تزايدًا فى أعداد الطلبة الراغبين فى الالتحاق بكلية الشرطة، حيث بلغ عدد المتقدمين هذا العام نحو 55 ألف طالب، وهو ما يؤكد أن هناك شعورًا وطنيًا يسرى فى نفوس شبابنا الصاعد الذى يرغب فى بناء نهضة وطنه ويساعد فى حمايته وأمنه.
رسالتى إلى زملائى وأبنائى من رجال الشرطة فى عيدهم، تكاد لا تتغير عن كل عام، ولكنها هذا العام تحمل قدرًا كبيرًا من التقدير والعرفان على ما تحقق بالفعل على أرض الواقع من إنجازات أمنية على مختلف الأصعدة، وهو ما يجعلنى أفخر دائمًا بأننى كنت وما زلت واحدًا منهم، وأشد على أيديهم جميعًا شاكرًا لهم جهودهم وتضحياتهم فى سبيل تحقيق أمن وأمان وطننا الغالى..
وتحيا مصر.