ضربة أمريكية موجعة.. كيف تؤثر العقوبات على الاقتصاد التركي؟
حالة من التخبط في التصريحات والقرارت يعاني منها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والحكومة التركية، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أول أمس فرض عقوبات على تركيا تحت قانون "مكافحة أعداء أمريكا"، وإدراج وزارة الخزانة والمالية الأمريكية مؤسسة الصناعات العسكرية ورئيسها إسماعيل دمير و3 أفراد آخرين مرتبطين بإدارة الصناعات الدفاعية التركية في قائمة العقوبات.
◄ تفاصيل العقوبات الأمريكية على تركيا
جاءت تفاصيل بيان وزارة الخارجية الأمريكية، تفرض الولايات المتحدة عقوبات على إدارة الصناعات الدفاعية في الجمهورية التركية، وفقًا للمادة 231 من قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات لمشاركتها عن علم في صفقة مهمة مع شركة روزوبورن إكسبورت، وهي الكيان الرئيسي لتصدير الأسلحة في روسيا، من خلال شراء نظام صواريخ أرض-جو S-400 ".
وتشمل العقوبات حظرًا على جميع تراخيص وتصاريح التصدير الأمريكية لصالح إدارة الصناعات الدفاعية وتجميد الأصول الخاصّة بالدكتور إسماعيل دمير، رئيس إدارة الصناعات الدفاعية، ومسؤولين آخرين فيها، وفرض قيود التأشيرة عليهم".
وأكد البيان أن الولايات المتحدة أوضحت لتركيا على أعلى المستويات وفي مناسبات عديدة أن شراءها لنظام S-400 من شأنه أن يعرض أمن التكنولوجيا والأفراد العسكريين الأمريكيين للخطر ويوفرَ أموالًا كبيرة لقطّاع الدفاع الروسي، فضلًا عن تسهيل وصول روسيا إلى القوات المسلحة التركية وصناعة الدفاع في تركيا، ومع ذلك، كان قرار تركيا المضي قدمًا في شراء واختبار S-400، على الرغم من توافر أنظمة بديلة قابلة للتشغيل البيني لدى حلف الناتو لتلبية متطلباتها الدفاعية. وقد تسبب هذا القرار في تعليق عضوية تركيا والعمل على فصلها من البرنامج المشترك لصناعة المقاتلة F-35.
ولفتت الخارجية الأمريكية إلى أن الإجراء يرسل إشارة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة ستنفذ قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA) – القسم 231، بالكامل ولن تتسامح مع المعاملات المهمة مع قطاعي الدفاع والاستخبارات في روسيا.
◄ تخبط في التصريحات التركية بين الصوت العالي والاستعطاف
وفي أول رد للأتراك كشف عن تخبط تركي في التصريحات بين الصوت العالي ومحاولات الاستعطاف والعودة مرة أخرى للمفاوضات والمناقشات، حيث دعا نائب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فؤاد أقطاي، الولايات المتحدة الأمريكية للتراجع عن قرارها بفرض عقوبات على تركيا في أسرع وقت ممكن، لافتا إلى أنه لا يمكن لعقوبات أي دولة أن تؤثر على الموقف التركي المستقيم قرار، قائلا: "إننا ندين قرار الولايات المتحدة هذا وندعوها للرجوع عن هذا الخطأ في أسرع وقت ممكن".
وأضاف أقطاي عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "سيزيد قرار العقوبات الذي اتخذته الولايات المتحدة من تصميمنا على الخطوات التي نتخذها من أجل مصالحنا الوطنية وصناعتنا الدفاعية تحت قيادة رئيسنا".
ونددت وزارة الخارجية التركية، بفرض العقوبات على أنقرة في بيان لها أيضا: «نندد ونرفض العقوبات الأمريكية أحادية الجانب، مضيفة أن منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» لا تهدد حلف الناتو. وأن العقوبات الأمريكية ستضر بالعلاقات الثنائية»، وتوعدت الوزارة في البيان: «سنرد باللازم».
وعبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن انزعاجه لفرض عقوبات على تركيا، وقال: "كنا نتوقع من الناتو الدعم وليس فرض عقوبات، وأن فرض عقوبات على تركيا لن يمنعها من الدفاع عن حقوقها"، زاعما أن أنقرة تنتظر من الولايات المتحدة والناتو دعمنا في مكافحة التنظيم الإرهابي، وتحسبا لعقوبات منتظرة، دعا أردوغان الأتراك لتحويل مدخراتهم إلى الليرة التركية.
وقال في كلمة له، إن تركيا تتوقع من الولايات المتحدة شريكتها في حلف شمال الأطلسي أن تدعمها لا أن تفرض عليها عقوبات لشرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس-400)، مضيفا أنه يشعر بانزعاج إزاء مضي واشنطن قدما في عملية فرض العقوبات.
وقال مسؤول تركي كبير إن العقوبات الأميركية على تركيا ستأتي بنتائج عكسية، وستلحق ضررًا بالعلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، وأن العقوبات لن تحقق نتيجة وستكون غير بناءة وستضر بالعلاقات، وتابع قائلًا "تركيا تؤيد حل هذه المشكلات عبر الدبلوماسية والمفاوضات، ولن نقبل العقوبات من جانب واحد".
◄ سيناتور أمريكي: لن نسمح لأردوغان بتقويض أمننا القومي وأمن حلفائنا بالناتو
وفي سياق متصل أعرب السيناتور الأمريكي الديمقراطي، كريس فان هولين، عن سعادته بقرار الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات ضد تركيا، قائلا لن نسمح لأردوغان بتقويض أمننا القومي وأمن حلفائنا المخلصين في الناتو دون عواقب".
ونقلت صحيفة "كاثمريني" اليونانية عن فان هولين قوله "بعد مشاهدة الرئيس ترامب يرفض مرارًا تحميل تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان أردوغان المسؤولية، يسعدني أن أرى هذه الإدارة تفرض أخيرًا هذه العقوبات المطلوبة، حتى لو كانت فقط كتهديد وشيك بمزيد من الإجراءات من جانب الكونجرس".
وأضاف السيناتور أن "هذه الإجراءات ترسل رسالة واضحة إلى أردوغان، بأنه لن نسمح له بتقويض أمننا القومي وأمن حلفائنا المخلصين في الناتو دون عواقب، وسأستمر في العمل لمواصلة الضغط على تركيا للوفاء بالتزاماتها تجاه أمن جميع أعضاء حلف الناتو".
◄ ترحيب يوناني بالعقوبات الأمريكية ضد تركيا
ورحبت وزارة الخارجية اليونانية بفرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا بسبب شرائها أنظمة الدفاع الجوية الروسية "إس 400"، معربة عن شعورها بالارتياح لهذا القرار.
وأشارت الخارجية إلى أن اليونان بصفتها عضوًا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، تنظر بارتياح إلى بيان وزارة الخزانة الأميركية حول فرض عقوبات على مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، ورئيسها ومسؤولين آخرين.
واعتبر رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، تركيا حليفًا غير آمن، متهمًا إياها بأنها تهدد الأمن المشترك لحلف الناتو.
كما أصدر المعهد اليوناني الأمريكي (AHI) ومجلس القيادة الأمريكية اليونانية (HALC) اللذان يمثلان للوبي اليوناني في الولايات المتحدة، بيانان أشادا فيهما بالعقوبات ضد تركيا.
وقال نيك لاريجاكيس، رئيس المعهد اليوناني الأمريكي: "ترحب بقرار إدارة ترامب بفرض عقوبات طال انتظارها على تركيا لمحاسبتها على انتهاكها قانون مكافحة الإرهاب، واتخذت الولايات المتحدة خطوة في الاتجاه الصحيح وأرسلت رسالة واضحة إلى تركيا مفادها أن واشنطن تبتعد عن سياسات الاسترضاء الفاشلة السابقة تجاه تركيا.
كما أكد رئيس المعهد اليوناني الأمريكي مجددًا أن تركيا لا تزال تشكل تهديدًا لليونان حليفة الولايات المتحدة والشريك الاستراتيجي جمهورية قبرص، وأيضًا في انتهاك للقانون الأمريكي.
وتابع لاريجاكيس إن تركيا تنتهك قانون مراقبة تصدير الأسلحة في كل مرة تأمر فيها طائرات F-16 التي زودتها الولايات المتحدة بدخول المجال الجوي اليوناني لأن الشرط الذي حصلت فيه تركيا على طائرات F-16 هو أنها تستخدم فقط للدفاع المشروع عن النفس.
وقال المدير التنفيذي لمجلس القيادة الأمريكية اليونانية، إندي زيمينيدس: لقد تحولت سياسة الولايات المتحدة تجاه تركيا أخيرًا من الاسترضاء إلى المساءلة.
أضاف "هذه العقوبات هي خطوة أولى إيجابية وإشارة واضحة لأنقرة بأنها ليست فوق القانون. ومع ذلك، فإنها تظل الخطوة الأولى. العقوبات ليست نهاية اللعبة. نحن لا نزال ملتزمين بالعمل مع شركائنا في ANCA وIDC لمطالبة الكونجرس القادم وإدارة بايدن القادمة بالبناء على خطوة فرض العقوبات".
◄ العقوبات ستدفع اقتصاد تركيا إلى حافة الهاوية
وعن تأثير العقوبات الأمريكية على الاقتصاد التركي، أكدت صحيفة "آسيا تايمز" الآسيوية، إن قرار الولايات المتحدة بمعاقبة أنقرة بسبب شرائها صفقة الدفاع الجوي الروسي (S-400) سوف يدفع اقتصاد تركيا المتدهور بالفعل إلى حافة الهاوية، وانهيار الليرة التركية.
وأشارت الصحيفة، بحسب آراء مجموعة من الخبراء الاقتصاديين، إلى أن الإجراءات العقابية على تركيا، سوف تزيد من عزلتها وتدفع البلاد إلى حافة الهاوية، حيث تواجه أنقرة تهديدًا بفرض عقوبات من كتلتين قويتين تمثلان مجتمعتين أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي.
ونقلت الصحيفة عن جيسون توفي، كبير خبراء الأسواق الناشئة لدى "كابيتال إيكونوميكس" ومقره لندن، قوله إنه بسبب بفرض العقوبات على تركيا، انخفضت الليرة بنحو 25٪ هذا العام، مما أدى إلى تفاقم التداعيات الاقتصادية الناجمة عن أزمة فيروس كورونا.
وأضاف، أنه "بالنظر إلى الموقف الخارجي السيئ لتركيا، فإن هذه القوبات قد تدفع البلاد إلى حافة أزمة في ميزان المدفوعات".
وقال أيكان إردمير، كبير مديري برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) في واشنطن العاصمة، لـ"آسيا تايمز": "هناك قلق على جانبي الأطلسي من أن العقوبات الأشد قد تدفع أنقرة بعيدًا عن جيرانها وحلفائها"، خصوصا في ظل تزايد مغامرات أنقرة الخارجية، في محاول لإحياء "وهم الخلافة العثمانية الجديدة".
وأضاف توفي: "لا تزال التوترات الجيوسياسية تشكل خطرًا على مستقبل تركيا، وعلى الرغم من ذلك، فإن الرئيس رجب طيب أردوغان، لم يُظهر سوى القليل من الدلائل على تخفيف حدة لهجته العدائية".