«سخرية ورسالة شُكر».. حكايات وأسرار نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق
توفي، منذ قليل، الكاتب الكبير الدكتور نبيل فاروق، أشهر كاتب خيال علمي في مصر والوطن العربي وصاحب التحفة الأدبية «ملف المستقبل» و«رجل المستحيل».
حكايات وأسرار نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق
وكانت العلاقة بين نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق صداقة قوية وود كبير بين أهم كاتبين لدى المؤسسة العربية الحديثة، وهناك الكثير من الأسرار بينهما، منها:
ـ كان السبب في نشر أول رواية له
كان نبيل فاروق هو الكاتب المتفرد لدى المؤسسة العربية الحديثة للنشر والتوزيع بسبب ما أحدثته سلاسل روايات مصرية للجيب، ومنها سلسلة "رجل المستحيل" و"ملف المستقبل" و"كوكتيل 200" و"فارس الأندلس" و"ع × 2" وغيرها، التي كرست لتواجده في المؤسسة كخبير تتم استشارته في كل كبيرة وصغيرة في النشر.
لم يكن يعلم نبيل فاروق حسبما قاله لـ"الدستور" إن ما كان يفصل بينه وبين الراحل أحمد خالد توفيق سوى شارعين فقط، وقتها كان الدكتور أحمد خالد توفيق يدرس في الثانوية والدكتور نبيل فاروق في الكلية.
وحدث أن أصبح نبيل فاروق مديرًا للنشر في المؤسسة العربية الحديثة، وتولى مهمة قراءة الكتب الجديدة واختيار ما يصلح للنشر منها، ومن سوء حظ أحمد خالد توفيق أنه حين تقدم بروايته الأولى في عالم الكتابة وكانت عن الكونت دراكيولا، وهي أول أعمال سلسلة "ما وراء الطبيعة" التي اقترحها، كان نبيل توفيق حينها في إجازة، واضطرت المؤسسة لتقييم مجموعة من الكتب في غير وجوده، وكان أن ردت على أحمد خالد توفيق بأن كتابه لا يصلح للنشر.
ورجع نبيل فاروق من إجازته، وحدث بالمصادفة أنه رأى كتاب أحمد خالد توفيق بعد أن قامت المؤسسة بالرد على الأخير، وأبلغته برفض النشر، فاندهش نبيل فاروق لسلاسة وعذوبة كتابة خالد توفيق، واندهش لفكرة رفض الرجل، وما فعله إزاء هذا الموقف أنه قابل رئيس المؤسسة العربية الحديثة في ذلك الوقت حمدي مصطفى، وقال له بالنص: «إن لم نحظ بهذا الكاتب فسيكون منافسًا قويًا لنا في يوم ما».
واندهش نبيل فاروق لرد حمدي مصطفى حين قال: "إن قرار الرفض مدعوم بأن العمل ليس كبيرًا بشكل كافٍ للطباعة"، فرد عليه فاروق: "أن العمل لا يرتبط بعدد الصفحات"، واستطاع نبيل فاروق أن يقنع رئيس المؤسسة بطباعة السلسلة، وتمت الموافقة على الطباعة لأحمد خالد توفيق.
وتواصلت المؤسسة العربية الحديثة مع أحمد خالد توفيق وأبلغته بالعدول عن رفضها، وأن الكتاب سيطبع وستكون سلسلة حسب توصيفات نبيل فاروق.
ـ خالد توفيق يقابل نبيل فاروق بعد نشر أول عمل له بعامين
تقابل نبيل فاروق مع أحمد خالد توفيق حين زار الأخير المؤسسة العربية الحديثة، وكان فاروق متواجدًا فيها بحكم عمله، كان توفيق قد علم بما فعله نبيل معه في روايته الأولى وكيف أصر على طباعتها وأن الحجم غير مهم طالما هي رواية مكتملة، وبالفعل نشرت الرواية فشكر خالد توفيق نبيل فاروق ومن هذه اللحظة توطدت علاقتهما.
ـ كانا مختلفين في التفكير متفقين في الكتابة
كان نبيل فاروق قد انتقل من طنطا للإقامة في القاهرة على عكس أحمد خالد توفيق، الذي كان يكره ازدحام القاهرة ويفضل البقاء في بيته في طنطا.
وهناك الكثير مما اتفق عليه نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق فكانت نشأتهما على حب أشياء معينة مثل السينما وكانت السينما سببًا كبيرًا في حبهما للكتابة.
كما أنهما كان لهام توجه في كتابة روايات الجيب، وهي أنهما كانا يؤمنان أن الجيل المقبل مسئولية الجيل القديم، وبالتالي كانا يدسان في رواياتهم أخلاقيات بعينها وإرشادات يعلمان تمامًا أن القارئ سيتوصل إليها.
ـ كيف سخر خالد توفيق من نبيل فاروق؟
كتب أحمد خالد توفيق رواية "اسمه أدهم" عام 1995، وقام بالاتصال بالدكتور نبيل فاروق وأوضح له الفكرة، وطلب منه أنه يقرأ الرواية ويبدي رأيه فيها، لكن نبيل لم يقبل وقال له نصًا: "أنا لن أمارس دور الرقيب لما يكتب حتى عن أعمالي".
وصدرت اسمه أدهم بالفعل حينها كتب أحمد خالد توفيق شكر خاص لنبيل فاروق ووضح الأمر تمامًا، قال خالد توفيق: "شكر خاص للدكتور نبيل فاروق سمح باستعارة "أدهم صبري" من أجل هذا الكتيب، كما أنه رفض بشدة أن يطالع القصة قبل طباعتها كما اقترحت أنا، لأنه يمقت ممارسة دور الرقيب، أعرف أنه سيتحملني بصبره المعهود لأنه لولا أهمية أدهم صبري ونجاحه لما ولد هذا العمل وليت العجوز "رفعت إسماعيل" يبلغ درجة الأهمية التي تتيح له استحقاق كتيب مماثلا".
وحين قرأ نبيل فاروق "اسمه أدهم" ضحك كثيرًا وشكر خالد توفيق.