تأييد إلغاء قرار «العدل» بفصل موظفة لفقدانها البصر بعد 21 سنة خدمة
أصدرت المحكمة الإدارية العليا، الدائرة الثانية حكما في الطعن رقم 46581 لسنة 60 قضائية عليا 2020، قررت فيه بإجماع الآراء رفض الطعن المقام من وزارة العدل والمحامي العام لنيابات كفر الشيخ، وأيدت حكم محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة الصادر في أبريل 2014 بإلغاء قرار وزير العدل الأسبق.
فيما تضمنه من إنهاء خدمة الموظفة هنية محمد السيد على سن، 42 عاما، ورفع اسمها من سجل قيد أسماء العاملين بالنيابة العامة اعتبارا من تاريخ ثبوت العجز الكامل المرضى المستديم وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام وزارة العدل باعتبارها في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغها سن الستين شاملا الأجر الأساسي والأجر المتغير من حوافز وبدلات ومكافآت وأجور إضافية المقررة لشاغلي وظيفتها كما لو كانت قائمة بالعمل ومشاركة فيه وألزمت وزير العدل المصروفات.
وسبق وأصدر المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي أن ألغى قرار وزارة الصحة بفصل موظفة بالإسكندرية على سن 48 سنة بسبب فقدانها البصر فجأة بعد 27 عاما خدمة في وزارة الصحة، ثم جاء حكمه بإلغاء قرار وزارة العدل بفصل موظفة بكفر الشيخ على سن 42 سنة بسبب فقدانها البصر فجأة بعد 21 عاما خدمة في دار العدالة.
وأكد الحكم في حيثياته على أن الرحمة فوق العدل، فالقضاء ليس مجرد موقع لكنه موقف ورسالة، والرسالة حددها اَلْقُرْآن الكريم بقوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل وأهل العدل هم المؤهلون لها وجدانيا ونفسيا وعلميا والقاضي هو عنوان من عناوين الرحمة وقمة رسالته أن يرفع الظلم عن المظلومين.
وقالت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة القاضي المصري المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في حكمها الذي أيدته المحكمة الإدارية العليا وأصبح نهائيا وباتا أن المشرع خص العاملين المصابين بأمراض مزمنة بعناية خاصة نظرا لما يحتاجونه من رعاية اجتماعية خلال فترة المرض التي تستغرق أمدا طويلا نظرا لطبيعته.
فوضع نظاما خاصا للإجازات المرضية التي يحصل عليها المريض بأمراض مزمنة يغاير في أسسه وقواعده نظام الإجازات العام حيث يمنح المريض بمرض مزمن حقا وجوبيا في إجازة مرضية استثنائية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقرارا يمكنه من العودة إلى العمل أو يثبت عجزه عجزا كاملا وفي هذه الحالة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الستين.
وأشارت المحكمة أنه فضلا عن الاعتبارات القانونية الراسخة فإن الدوافع الإنسانية تتأبى بطبيعتها عن أن تتدنى حقوق العامل المريض بمرض مزمن وزيادة حاجته إلى صنوف الرعاية عن تلك التي كان يتمتع بها قبل مرضه والمرض قدر الله وحساب الموظف ينحسر فيما تمليه عليه إرادته.
واختتمت المحكمة حكمها الصادر لأول مرة في تاريخ وزارة العدل - أن المدعية التحقت بالعمل بوظيفة إدارية بالنيابة العامة بكفر الشيخ وهي سليمة الحواس وبعد مرور 21 عاما فقدت البصر بنسبة أقل من 636 وأصبح درجة إبصاره في كل من العينين اليمنى واليسرى 160 وهي أقل من النسبة المتطلبة قانونا بقرار وزير الصحة بل أشدها مرضًا ورهصًا.
إلا أن وزارة العدل إحالتها للمعاش على سن 42 سنة دون أية حقوق مالية أو وظيفية، رغم أن القانون تضمن في صراحة ووضوح وبإفصاح جهير تنظيم حقوق الموظف المريض بمرض مزمن وليس من بينها إحالته للمعاش بسبب المرض قبل بلوغه سن الستين، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مخالفا لأحكام الدستور والقانون مخالفة جسيمة ترقى به إلى حد الانعدام لعدوانه على حق من حقوقها الإنسانية لمن فقدت بصرها أثناء العمل فأصبحت حياتها العامة مظلمة وحياتها الوظيفية مظلمة أخذا في الاعتبار أن ما يعمق جراح المدعية أنها تعمل بإحدى دور العدالة التي تمنح الناس حقوقهم مما يتعين معه منحها حقوقها المالية عن المدة السابقة وحقوقها الوظيفية مستقبلا باعتبارها في إجازة مرضية بأجر كامل بكافة توابعه وملحقاته كما لو كانت في العمل ومشاركة فيه حتى بلوغها سن الستين.