«العالمي للتصوف» يناقش أهمية المكون الروحي في تدبير أزمة كورونا
تتواصل فعاليات الملتقى العالمي للتصوف المنظم من طرف مؤسسة الملتقى والطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، في الفترة من 12 إلى 19 ربيع الأول 1442ه الموافق من 29 أكتوبر الى 5 نونبر، بانعقاد الجلسة العلمية الخامسة، حول موضوع "أهمية المكون الروحي والأخلاقي في تدبير الأزمات: كوفيد 19 نموذجا".
استهلت الجلسة الخامسة التي ترأسها الدكتور عبد الرزاق التورابي، أستاذ التعليم العالي بالرباط، بمداخلة للدكتور والخطيب زكريا محمد مرزوق من دولة مصر، تحت عنوان: "تدبير الأزمات في الإسلام: الأصول والمنطلقات"، أكد فيها أن التصوف مكون روحي يشمل كل مناحي الحياة، منوها بدور الملتقى العالمي الذي تقوم به الطريقة القادرية البودشيشية كل سنة، لما يحققه من مقاصد سامية تتنزه عن بعض الشبهات التي يلقيها بعض المغرضين له، وأشار أن عنوانه مساير لما تعيشه الأمة من أزمة متمثلة في كورونا، واعتبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثل الأسوة التي وجب اللجوء إليها في مثل هذه الأزمات، فقد عاشت الأمة أزمات كبرى تم التعامل معها بحكمة ربانية، مستدلا ببعض النماذج كحفر الخندق في غزوة بني قريضة، وعام الرمادة، والطاعون الذي كان في الشام، مبرزا قيمة التضامن الذي عرفته الأمة في خضم هذه الأزمات من خلال بعض التدابير الإجرائية التي كانت تصب في مصلحة الناس، معتبرا الصحابي الجليل عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص نموذجين وجب الاقتداء بهما في التدبير والتضامن.
فيما كانت المداخلة العلمية الثانية للدكتور منير البصكري الفلالي، أستاذ بجامعة القاضي عياض بآسفي، حول موضوع "دور المكون الروحي في ترسيخ قيم التضامن في ظل جائحة كورونا"، أكد من خلالها أن المكون الروحي يعد قيمة فاعلة ومساهمة في تجاوز أزمة كورونا في واقعنا المعيش، كونه قيمة متجذرة في المجتمع المغربي كهوية ثابتة عبر الأزمان من خلال ذكر بعض النماذج الصوفية التي بنت منهجها على العطاء والنفقة والتكافل في تربيتها، وقد خلص إلى أن لا تجاوز لهذه الأزمة إلا بالمساهمة الفعالة في الحملات التضامنية للتخفيف من هذه الجائحة، مع ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، والتضرع لله تعالى لكشفها ورفعها، منوها بالدور الذي لعبته الطرق الصوفية في هذه الظرفية وعلى رأسها الطريقة القادرية البودشيشية.
ليتناول الشيخ الدكتور رياض بازو، نائب رئيس الاتحاد العالمي للتصوف، من لبنان، في الكلمة العلمية الرابعة تحت عنوان "أهمية المكون الروحي والأخلاقي في تدبير الأزمات ـ كوفيد 19 نموذجا"، بين من خلالها أن في كل محنة منحة، وأن هذه الأزمة التي يعيشها العالم يمكن أن نستمد منها إشارات إحسانية كالفرار إلى الله واليقين به مع الأخذ بالأسباب، والاهتداء بهدي النبوة بتمثل مكارم الأخلاق بعيدا عن التطرف، مشددا على ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية معتبرا أن هذا المرض هو جندي صغير ولكن مفعوله كبير حيث أنه أزال الجبروت عن الطغاة وأعاد الناس إلى الله، وكشف الأزمات الأخلاقية التي تفتقدها الأمة، كما أبرز دور الشيخ المربي في التحصين والأخذ بالناس نحو التجديد الروحي لمواجهة هذه الأزمة.
لتعقبها الكلمة العلمية الرابعة للدكتور عبد الله الشريف الوزاني، أستاذ الفكر الإسلامي، تحت عنوان: "الآثار الإيجابية للمكون الروحي والأخلاقي في تدبير أزمة كوفيد"، أبرز من خلالها أهمية المكون الروحي في تجاوز الأزمات على مر التاريخ، معتبرا أن ما أصاب المؤمن في ظل هذه الجائحة هو فرصة للتأمل والتفكر في الآثار السلبية، والأخلاق الفاسدة التي حلت بمجتمعنا، مشددا على أن الدنيا هي دار ابتلاء وفيها خير وشر وجلال وجمال، وأن كل ما يصيب الأمة فيه حكمة تعود بالنفع على صاحبها، وقد حذر من خطورة هذه الجائحة لما فيها من آثار ضارة، متحدثا بنبرة تفاؤلية صوفية كون أن الصبر مفتاح لتجاوز هذا الابتلاء، وأنها طريق للارتقاء، رافعا أكف الضراعة لله بكشف هذه الأزمة رافعا هذا الوباء والبلاء على الأمة.
أما الدكتورة أسماء سيوبهان بيجيت، أستاذة في السياسة والتاريخ فكان عنوان كلمتها العلمية الخامسة "بحثا في الروحانيات في زمن الكوفيد: محاولة لصياغة إطار نظري"، قدمت من خلالها نبذة حول مشروعها الجديد الذي يروم التعمق في مجال الروحانيات في ظل هذه الجائحة طارحة لبعض الأسئلة حول الإطار الاجتماعي والنفسي والسياسي للتغييرات التي تكشف عنها الدراسات التي تعنى بوسائل التواصل الاجتماعي، وورشات العمل الروحية الافتراضية، إلى أي مدى تغير تعريف التدين في السنوات الأخيرة؟ هل يمكننا التوفيق بين الأنماط النفسية والدينية الثلاثة الجدية الطقوسية الإيمانية والروحية التي تم الكشف عنها في الدراسات؟ كيف نفسر زيادة الاهتمام بالروحانية في المنتديات عبر الأنترنيت؟
لتعقبها الكلمة العلمية السادسة للدكتور ميشيل طاو شان، باحث ومفاوض دولي ورئيس مؤسس للفكر الأممي، فحملت عنوان "الجائحة والسلام: وجهان لعملة يورو واحدة"، حيث غاص في معاني هذه الجائحة بمقاربة فكرية عميقة قدم فيها العديد من الملاحظات والإشارات المعينة على تجاوز هذه الأزمة.
ثم جاءت بعدها الكلمة العلمية الأخيرة للدكتورة أبير سوسيدو ميدينا، باحثة في التصوف بالمكسيك، حاملة لعنوان "البعد الروحي في زمن كورونا"، تناولت من خلالها مكانة البعد الروحي في تدبير أزمة كورونا، وأنه يعلب دور كبير في ربط الإنسان بالواقع دون التوقف مع ما تخلفه هذه الأزمة من آثار سلبية.
لتختتم الجلسة بوصلة من السماع الصوفي من أداء المجموعة الوطنية للطريقة القادرية البودشيشية للسماع والمديح.