مصطفى البلكي: عبد الناصر كان الرجل المناسب الذي كسر كل قيود التبعية
حول ذكرى مرور نصف قرن على رحيل جمال عبد الناصر٬ قال الروائي مصطفى البلكي: "من يضيء لا ينسى هذا هو الثابت في تاريخ البشر٬ والتاريخ لا يحتفي إلا بمن منح البشرية الخير٬ وعبد الناصر جاء ورفاقه في فترة تقريبا أفلس الجميع في كل شيء٬ وكانت الحياة المصرية والعربية والعالمية في أشد الحاجة لمن يوقد شمعة٬ فكان الرجل الطموح الذي عاين حال المصريين وأدرك أمراضهم وعرف الدواء".
وتابع في تصريحات خاصة لـ"الدستور": الحياة حينما تكون قاسية تحتاج لمن يخفف من وطأتها٬ فكان الرجل المناسب الذي كسر كل قيود التبعية وكان بمثابة الروح الثورية التي سرت كالنار في الهشيم٬ وأصبح صوته أداة طيعة تفسر للبشرية ما يعانيه الناس.
وأضاف: وبعد كل هذه السنوات ما زال حاضرا٬ فصورة البطل يجدها الناس فيه هم يريدون زعيما يشبهه٬ صوتا قويا صاحب حضور.. فالحضور القوي هو الشيء الوحيد الذي يلمسه الناس فيه وفي ذكراه٬ لا شيء يفارق أصله ما دام أثره مستمرا.
وما زالت مواقفه وكلمته تتردد في كل مكان في وطننا العربي صورة زاهية٬ رغم كل إخفاقاته سيظل وحده يقبض على صورة البطل الذي يتمنى كل فرد عربي ظهوره٬ وهناك سبب آخر فمن عاش فقط من أجل الناس٬ خلدته الأفواه حتى الذين لم يعيشوا عهده هو في قلوبهم.
قبل بناء السد العالي كان الفيضان الغول الذي يأتي في سبتمبر٬ فيكسر الجسور ويجتاح القرى ويهدم البيوت٬ ويحول تلك القرى إلى جزر منعزلة٬ فتجمد الحياة لشهور٬ وبعد بناء السد والمعركة التي خاضها من أجله أصبح حصنا يقي مصر من رعب الفيضان٬ والخراب الذي يتركه خلفه وبعيدا عن الفوائد التي وجدت مع تشييده أكسب القرى والنجوع الأمان وحمى البيوت من التلاشي٬ وحول الجهود التي كانت تبذل كل عام من أجل تقوية الجسور إلى جهات أخرى فوفر الأيدي العاملة للزراعة وللعمل في مجالات أكثر نفعا.
وعلى كل متشكك في جدوى البناء أن يعود للتاريخ ليعرف٬ كيف كنا قبله وكيف أصبحنا بعده أبناء الريف وحدهم يعرفون من حكايات من عاصروا أيام الفيضان٬ ولو نظرنا إلى وقتنا الحاضر وتأملنا كيف تقاتل أثيوبيا من أجل سد النهضة لعرفنا أن الحياة ما كانت لتستقيم من غير هذا السد العظيم.