عندما خطفت «كاريوكا» الأنظار في «كان» بملاية لف وخلخال وشبشب بوردة
تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد الفنانة القديرة "تحية كاريوكا" وهي من الفنانات اللاتي لهن مواقف لا تُنسى على كافة الأصعدة، فكانت مصر على أعتاب حرب ثلاثية تنتظرها عقب إعلان جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس، وكان ذلك سبب العدوان الثلاثي على مصر، إلا أن مهرجان كان الفرنسي في هذا العام أتى قبل هذه الخطوة من أطراف الصراع، ليكون عام 1956 آخر مشاركة مصرية فيه قبل الانقطاع لمدة 6 أعوام متتالية عن عرض الأفلام المصرية في المهرجان منذ عام 1957 حتى عام 1963.
كان من بين الأفلام المصرية المشاركة في هذا العام 1956 فيلم شباب امرأة بطولة تحية كاريوكا، وشكري سرحان، وجاء يوم الحفل حيث يسير نجوم العالم على السجادة الحمراء وتطاردهم عدسات الكاميرات وأقلام الصحفيين من مختلف دول العالم، وباعتبار أن مصر مشاركة ضمن المسابقة، كان على نجوم شباب امرأة أن يسيروا على نفس السجادة، لكنهم لم يلقوا نفس الاهتمام الإعلامي بالنجوم العالميين من هوليود وغيرها.
نظرت تحية إلى المخرج صلاح أبوسيف، وكأنها تراقب رد فعله إثر تجاهل العالم لهم، ثم قررت أن تستخدم سلاحها الخاص في لفت الانتباه، فهي لديها من الخبرة ما يكفي لجذب النظر إليها، وعادت إلى غرفتها في الفندق، وخلعت ملابسها الأنيقة الرسمية، وارتدت ملاية لف وشبشب بوردة.
جاءت خطواتها ترن على السجادة الحمراء بالخلخال ذو الإيقاع الغزلاني لتنطلق وتخطف معها الأنظار والعدسات والتساؤلات من هذه؟ ومن أين أتت؟ يقولون إنها تحية، نعم تحية كاريوكا، مصرية ومشاركة بفيلم مصري في المهرجان، اسمه شباب إمرأة، ليعرف الجميع أن هناك سينمائيين مصريين، وأن هناك نجمة تدعى تحية.
ولكن مع أول احتكاك مباشر أثناء حفلة الغداء، جلست النجمة الأمريكية ذات الميول الصهيونية سوزان هيوارد في طاولة قريبة من الوفد المصري، وأخذت تتحدث عن الصراع العربي الإسرائيلي، ممتدحة دور إسرائيل وما تسعى إليه لإثبات أحقيتها في وطن وأرض، واصفة العرب بأنهم وحوش وحيوانات، ولم تستكمل حديثها حتى وجدت صوت شعبي مصري ينهال على سمعها بأسوأ الكلمات، لتلقنها درس لن تنساه أبدا في أحد أهم المهرجانات العالمية.
غضب النجم الأمريكي داني كاي تضامنا مع سوزان هيوارد، فاقترب ليرد الإهانة التي لحقت بها، لكن تحية منحته فرصة ليقترب منها حتى أصبح في مرمى يدها، ثم رفعت شبشها وصوبته في وجهه مباشرة، ليتراجع إلى الخلف ويذكر أن الوفد الألماني لقي معاملة سيئة بسبب موقف فرنسا من ألمانيا النازية، مما جعله يقرر الانسحاب من المهرجان احتجاجا على سوء المعاملة، ففكرت تحية كاريوكا في الانسحاب هي وبقية أعضاء الوفد المصري تضامنًا مع الوفد الألماني، لكن رئيس البعثة المصرية يحيى حقي رفض وقرر الاستمرار في حضور المهرجان حتى نهايته.
وكان على تحية كاريوكا أن تدفع ثمن إهانتها للنجمة الأميركية الصهيونية سوزان هيوارد، خصوصًا أن رئيس لجنة التحكيم في المهرجان اليهودي الفرنسي موريس لحمان، مدير الأوبرا في باريس، فجاءت النتائج على عكس ما توقع الجميع، ولم تفز تحية أو فيلمها بأية جائزة، على رغم ترشيح الكثير من النقاد العالميين له للفوز بإحدى الجوائز.