وائل خورشيد يكتب: الحياة هي الإجابة
الميلاد هو السؤال، أو بمعنى أدق توضع عنده علامة الاستفهام، وأما الحياة فهي الإجابة.
إذا تمكن الطفل من النطق، فإنه سيسأل من أنا وماذا يحدث هنا، من أنتم، ما دوري في هذه الدنيا، من أين جئت؟. لن يحصل على رد مقنع وقتها، لأن كل ما سيقال له لن يفهمه بالطبع، ثم بعد ذلك من عادة الإنسان أن لا يتعلم من الآخرين، ولكنه يحب أن يجرب بنفسه الطريق، ومن هنا يتعلم، وأقصد الوجهين لمعنى الكلمة «يِتعَلِم عليه» ويتعلم أيضًا، والأولى ربما هي الدرس الحقيقي.
الحياة دوما رحلتها تأتينا بالرد على ما نريد أن نعرف، فلو سألت عن المستقبل، وذهب للعرافة، قد تخبرك بشيء، ولكن لن تعرف مدى صدقه إلا بالحياة نفسها، ولو اعتقدت أن النهاية قريبة، فلن تعرف الجواب إلا حينما تصل إلى هناك.
ما هي الحياة؟ هي مرحلة انتقالية، من مكان لمكان. ومن نحن؟ ربما مجموعة مختارة لهذه الرحلة، ثم هناك شيء ما، لا نعرفه، ولن نعرفه إلا بالحياة، ماذا بعد؟ الإجابة بالموت هنا ثم التوجه لهناك.
الحسابات جيدة، التحليلات ممكنة، التوقعات قد تصيب، ولكن الرد اليقين هو اللحظة، هو الانفعال والشعور، هو الأثر.
أفكر في أوقات كثيرة عن السبب الحقيقي وراء بقائنا هنا، قدومنا إلى هنا، سبب تحملنا الآلام، خوضنا التجارب، ما الفائدة من كل هذا إذا كان كل هذا سينتهي في وقت ما لا نعرفه، فقط قبضة واحدة تغلق هذا الملف. وكل فترة ومع كل نمو عقلي أو معرفة جديدة، أتصور جوابا ما، يحكمه إيمان ما، وفي النهاية لا نعرف.
الله يقول في القرآن الكريم: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، وهذا جواب ولكن ليس على سؤال ماذا نفعل، ولكن سؤال لماذا خلقنا الله؟. هذا جواب ليس من جانبنا، وإنما الزاوية الخاصة بنا لم نعثر لها على إجابة لها بعد، ماذا نفعل هنا؟، بمعنى أنه لو كنا قفزنا من عالم الذر مثلا للجنة، لم نكن سنفتقد الحياة كثيرا.. أعتقد، بالتأكيد لكل منا دور، ولا يعرفه، فنحن جميعا جزء من المنظومة نفسها، ولكننا لا نعرف سوى المحدود فقط.
على أية حال نحن هنا، خيالنا محدود مهما امتد، أعمارنا قصيرة مهما طالت، قدراتنا بسيطة مهما زادت، لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا، لا يمكننا كشف الغيب، ولا محاربة ما لا نرى، إلا بعد أن يكشف عن نفسه، بعد أن يكون قد آذانا.
الإقدام على خطوات جديدة محفوف بالمخاطر والآمال، ولكن تصوروا أن الحياة كلها خطوات جديدة، فتح باب شقتك للخروج هو خطوة جديدة، لأنك قد تتعرقل على أول سُلمة فتسقط وتنكسر عنقك، وتصاب بشلل رباعي وتتغير حياتك تماما. ربما على الوجه الآخر وأنت في مكانك تقفز في عقلك فكرة ألمعية تغير من حالك.
فإن كنا نبحث عن الجواب عن أي شيء، فهو يشبه لوحات الفن التجريدي، حيث غالبا ما لا يفهم اثنين الشيء بنفس المعنى، والمؤلف نفسه لا يريد أن تصل للجميع رسالة واحدة. الحياة هكذا نعيشها، نسير في تجربتنا، تأتينا الإجابة شيء فشيء.