عضو بمكتب «تسويات الأسرة» يكشف كواليس الجلسات بالمحاكم
مع ارتفاع معدلات الطلاق في مصر وازدياد عدد قضايا الأحوال الشخصية أو ما يُعرف بـ«قضايا الأسرة»، أصبح أطفال الطلاق ناقوس خطر يهدد استقرار المجتمع، في هذا السياق "الدستور" يحاور الدكتور إسماعيل إبراهيم أخصائي قانوني بمكاتب تسويات الأسرة وعضو في الجمعية المصرية للتسوية الودية لمعرفة كواليس جلسات التسويات بمحاكم الأسرة ومدى تأثير الخلافات الزوجية على الأطفال.
من خلال دراستك.. نعرف ما معنى التحكيم في المنازعات الأسرية بين الشريعة والقانون؟
للتحكيم عدة معاني منها لغوي وهو تفويض الحكم لشخص معين مع إجازة حكمه في الخصومة، اصطلاحا توليه الخصمين حكما يحكم بينهما، قانونا لجوء الطرفين للتحكيم للمنازعات التي نشأت أو يمكن تنشأ في المستقبل بمناسبة علاقة قانونية معينة ومحكمة النقض أكد أنه طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن التقاضي بما له من مميزات عكس القضاء المحكمة الدستورية العليا أكدت أن عارض للنزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار هم الذين يختارونه.
حضرت جلسات تحكيم في محاكم الأسرة.. ممكن نعرف كواليسها؟
فيما يخص قانون الأحوال الشخصية المصري ومسائل المنازعات القانون المصري متفرد في بعض الإجراءات القانونية من ضمن نقاط التميز به أوجب على القضائي أنه يخرج عن الحيادية فيبصر الخصوم "الزوج والزوجة"، بما له وما عليه وذلك خارج عن الأعراف القضائية لأن القاضي محايد ينظر الإجراءات دون تدخل منه لكن استثناء في قانون الأحوال الشخصية القانون أوجب على القاضي أنه يبصر الخصوم، كما أن القانون المصري أوجب على القاضي محاولة الإصلاح قبل الطلاق وذلك فيما قبل وجود حكمين من الأصل وذلك لحماية اللبنة الأولى للمجتمع.
التحكيم يكون في ثلاث دعاوى فقط في محكمة الأسرة هى التطليق للشقاق والتطليق للاعتراض على إنذار الطاعة في دعاوى الخلع ويجب فيها على القاضي والحكمين الذين يتم تعيينهم الإصلاح بين الزوجين، يحضر جلسات التحكيم الزوجين يشخصها وليس وكيليهما وحكم عن الزوج وحكم عن الزوجة "الحكمين"، يعملا كفريق عمل واحد يكون هدفهم الإصلاح ضمن خطة معينة أول خطواتها هى تحديد المشكلة هل هى بين الزوجين أنفسهم أو بسبب تدخل الآخرين.
ثانيا أفهام كل طرف طبيعة الطرف الآخر نظرا لاختلاف طبيعة الرجل عن طبيعة الست، وثالثا تقريب وجهات النظر بين الطرفين للوصول لحل، رابعا تحديد الهدف من الزواج لطرفي النزاع الزوجي، خامسا توفير بدائل، وتنتهى جلسات التحكيم بضرورة كتابة تقرير يوضح أسباب الخلاف والمخطئ والمصيب من وجهات نظر المحكمين لكنه ليس ملزم للقاضي في حكمه قانونا ولكنه يسترشد به فقط في بناء الحكم.
هل لمكتب التسويات بمحاكم الأسرة دور فعال في حل النزاعات؟
مكاتب تسويات هى مرحلة مستحدثة تسبق التقاضي تهدف إلى إنهاء المنازعة صلحا جزئيا أو كليا، فإذا نجح مكتب التسويات في الوصول لاتفاق ودي حتى ولو بالطلاق دون اللجوء للقضاء ولكن بتحديد شروط معينة ترضي الطرفين فيعد هذا نجاحا جزئيا.
لمكتب التسويات دور قوي جدا بتشكيله المتكون من أخصائي "قانوني واجتماعي ونفسي"، إذا ما تم تفعيله وذلك بتطبيق فكرة إلزام حضور طرفي النزاع بشخصيهما، ولكن من الجانب العملي هناك إشكالية بارزة وهى أن الحضور غير إلزامي لطرفي النزاع "الزوج والزوجة" بأشخاصهم، فأصبحت المسألة مجرد روتين فقط من ضمن الإجراءات.
ولكن من خلال إحصائية أجريتها من خلال دراستي في الدكتوراه شملت 4 مكاتب تبين أن نسبة الصلح من إجمالي عدد طلبات التسوية تصل في المتوسط من "4 لـ17 %" بشرط حضور أحد طرفي النزاع بشخصيهما أو وكليهما أي أن من بين 100 حالة من 4 لـ17 حالة، ولكن لو حضر طرفي النزاع بشخصيهما تصل حالات الصلح إلى 75 % من إجمالي عدد الطلبات المقدمة للمكتب التسويات.
ما مدى تأثير النزاع القضائي على أطفال الشقاق وهل الأخصائيين دور في فحص الحالات؟
عمليا الطلاق له دور كبير في سلوكيات الأطفال، ولكن في بعض الحالات الطلاق هو الحل الوحيد حفاظا على حالة الأطفال النفسية، نظرا لاحتدام الصراع بين الأبوين فاستمرار زواجهما يؤذي الأطفال، ولكن بوجهة نظر شاملة لكل الزوايا الطلاق يؤثر على الزوجة والزوج والأطفال، ولكن المتضرر الأكبر هم الأولاد فالطلاق حالة تدخل فيها الأسرة بالكامل وتؤثر على سلوكياتهم جميعا.
فالأطفال يشعرون في حالة الطلاق فقدان الشعور بالأمان وعدم الشعور بالاستقرار وماديا ومعنويا وتكوين وترسيخ صورة سلبية عن الزواج وتكوين أسرة، الشعور بالقلق، حدوث خلل في البناء النفسي واضطراب التوازن العاطفي للطفل، نمو مشاعر العدوان السلبي لدى الطفل مثل "المكايدة الصامتة للأبوين وللمحيطين بهم"، اضطرابات سلوكية وتشمل "العند، شعور بالحرمان غضب، سلبية، لا مبالاة، كذب سرقة تأخر دراسي تدخين مخدرات" الإحصائيات أثبتت أن حالات الطلاق للأطفال الشقاق "الطلاق" أعلى من نسب الطلاق للأطفال في الحالات العادية.
هل تلاحظ في جلسات التسويات وجود تعنت من قبل السيدات في إنهاء الخلافات وديا؟
لا أستطيع أن أصدر حكم بـ"تعنت" ولكن السيدات كتلة من المشاعر ولم تلجأ إلى المحكمة إلا بعد صراع نفسي كبير"مشحونة بمشاعر سلبية"، فلحظات التعنت لأنها تكون في لحظات انفعالية ليس للعقل دور فيها، خاصة وأن قضايا الأحوال الشخصية قائمة على المكايدة والعند، ولكنها إذا فعلت العقل وصلت إلى القرار الصائب؟
فلا نستطيع أن نقول أن المرأة متعنتة ولكن لطبيعة الخلاف الأسري وبقدر الاحتكاك وبقدر قرب العلاقة تبدأ المشاكل فطبيعي أن تصل المشاكل بين الزوج والزوجة إلى ذروتها، ذلك فالله سبحانه وتعالى أمرنا إلى اللجوء على الحكمين في حالة العجز عن السيطرة على المشاكل الزوجية نتيجة التقارب والاحتكاك.
ما هى أغرب الحالات التي عرضت عليكم في مكتب التسويات؟
أغرب الحالات كانت لأبوين وابنهما المراهق واستمرت الحالة على مدى 4 جلسات كل جلسة 45 دقيقة انتهت الجلسات بموافقة الأبوين على الرجوع إلى مسكن الزوجية دون شروط جوهرية وسط رفض تام من الابن على قرارهما نظرا لما عايشة منذ طفولته من مشاكلهما الزوجية ومدى تأثيره السلبي على نفسيته حتى أصبح مفتقد الشعور بالأمان الأسري ورغبته في تكوين أسرة.
هل جلسات الصلح يحضرها أطفال؟
نحن نحرص على عدم حضورهم جلسات الصلح، ولكن بعض الزوجات والأزواج يتعمدوا إحضارهم كشهود على طبيعة الخلافات بينهم، وسلاح في الضغط على الطرف الآخر لمكاسب مؤقتة دون إدراك ما يفعلونه على نفسية أطفالهم للأسف.
كنسبة تقريبية.. لجوء السيدات لمحاكم الأسرة بالمقارنة الرجل؟
السيدات أعلى نسبة للجوء إلى محكمة الأسرة ولكنها نسبة منطقية نظرا لأن القانون يعطى الحق للسيدات في إقامة 16 أو 17 دعوى تقام وفي الجانب الآخر للرجل من حقه فقط إقامة 3 أو 4 دعاوى فقط ومعظمها دفاعية منطقي جدا أن تتفوق نسبة لجوء السيدات للمحكمة الأسرة أكثر من الرجل.