«سد العجز».. خبراء يوضحون مصير أموال التصالح فى مخالفات البناء
تساؤلات عدة تدور في أذهان المصريين حاليًا حول مدى استفادة الحكومة المصرية من قرار التصالح في المباني المخالفة، وبالتزامن مع مد فترة التصالح لنهاية شهر سبتمبر الحالي، توافد عدد كبير من المواطنين لتقديم طلبات التصالح لتجنب الوقوع تحت طائلة القانون، ودفع غرامات مالية كبيرة أو إزالة البناء الخاص بهم.
تواصل "الدستور"، مع خبراء اقتصاديين ومختصين حول الأمر، لتوضيح مصير العائد المادي من التصالح في المباني المخالفة، وحقيقة استخدام هذه المبالغ في أمور تخص الدولة وليس من أجل منفعة شخصية كما يدعي بعض المروجين للشائعات.
في البداية قال الخبير الاقتصادي، شريف الدمرداش، إن هناك خلطا كبيرا في تداول المعلومات بين المواطنين حول التصالح في المباني المخالفة، فهناك فئة كبيرة تعتقد أن العائد المادي من هذا القرار سيتم استثماره في بناء وحدات سكنية جديدة أو تنفيذ مشروعات قومية، لكنها أحاديث غير رسمية، فالأولويات التي تحتاج إليها الدولة أكبر من هذا القدر.
استكمل "الدمرداش" حديثه لـ"الدستور"، منوهًا إلى عجز الميزانية الذي تعاني منه الدولة في الوقت الحالي، وبالأخص في الشهور السابقة التي شهدت جائحة فيروس كورونا، ما أثر على ميزانية دول العالم أجمع، لذا قرار التصالح في البناء المخالف كان واجبا من أجل سد العجز في الميزانية، والسبب الآخر هو التصدي للممارسات المجرمة قانونيًا.
"التصالح في البناء المخالف سيعود على مصر بالكثير من المنافع".. يقول "الدمرداش" إن هذا القرار كان لا بد من تنفيذه منذ سنوات عدة للقضاء على أي مخالفات تؤثر على الاقتصاد المصري بشكل ملحوظ، وهكذا تسير الدولة في مسار صحيح للوصول إلى مركز اقتصادي منافس عالميًا، نستطيع من خلاله أن نحقق الموازنة بين النمو الاقتصادي والإنتاج المحلي.
لم يختلف رأي وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، حين سألناه عن الأسلوب الجديد الذي اتبعته الدولة في قرار التصالح للبناء المخالف، مشيرًا إلى نظام الرأسمالية الذي تتبعه أمريكا في التعامل مع مواطنيها لتحقيق الموازنة الاقتصادية، وهكذا يسير الأمر هنا حاليًا للاستفادة من العائد المادي في التصالح وسد المديونيات والقروض المالية.
"يجب القضاء على جميع المباني غير المرخصة والمخالفة في أسرع وقت ممكن".. أشار "النحاس" إلى أن هذه الممارسات هي ما جعلت مصر تعاني من عجز شديد في الميزانية، بسبب عدم تحقيق الموازنة بين النمو الاقتصادي والإنتاج المحلي، وما جعل مصر تتجه إلى الاقتراض من الدول الأخرى، لكن بمجرد القضاء على هذه الظاهرة ستكون هناك مساحة جديدة لارتفاع مؤشر الاقتصاد مرة أخرى.
وأوضح "النحاس" أن مركز مصر العالمي اقتصاديًا سيشهد تطورًا ملحوظًا خلال الفترة القادمة بعد قرار التصالح في المباني المخالفة، بسبب تحقيق نمو اقتصادي كبير نتيجة القضاء على المباني غير الرسمية والتي تؤثر بشكل ملحوظ على الإنتاج المحلي في مصر، ما سيجعلنا ضمن أول 20 مركزا على مستوى الاقتصاد العالمي.
استبعد "النحاس" خلال حديثه فكرة الاستفادة من المبالغ المجمعة من خلال التصالح في إنشاء مشروعات جديدة أو بناء وحدات سكنية، فالأزمة هنا ليست في المشروعات بل في سد عجز الميزانية للدولة، ما جعل الحكومة المصرية تتجه لتنفيذ هذا القرار مؤخرًا.
واختتم الخبير الاقتصادي حديثه مناشدًا الحكومة المصرية التعامل الإيجابي مع المواطنين في تنفيذ قرارات البناء المخالف، وبالأخص في إزالة الأراضي الزراعية، حيث من الممكن تعويض المالكين بأراضٍ جديدة يقومون بدفع معداتها تدريجيًا، والاستفادة أيضًا من الأرض التي سيتم هدمها حتى لا تصبح بورًا.
كما حذر رئيس مجلس إدارة جمعية مطوري القاهرة الجديدة، المهندس محمد البستاني، من الممارسات الإجرامية التي يتم التعامل بها تجاه ثروة العقارات المصرية منذ سنوات عدة، مشيرًا إلى قانون العقوبات الذي يحتم التصدي لهذه الظاهرة.
وأشار "البستاني" إلى أن قانون التصالح في البناء المخالف يحقق إيرادات قيمتها 700 مليار جنيه، مناشدًا استخدام هذه المبالغ في تطوير البنية التحتية للبلاد، والمساهمة في إعادة رسم خريطة القطاع العقارى في مصر، وتحويل شريحة كبيرة من العقارات المخالفة إلى وحدات سكنية قانونية.
وعن رأيه الشخصي، يرى "البستانى" أن هذا القرار سيؤدى لانتعاش مؤقت في السوق العقارية، عن طريق طرح وحدات سكنية كانت تصنف بأنها "عشوائية وغير شرعية" وقد يؤدى ذلك إلى تحسين الأسعار أو ثباتها على الأقل.