لا أحتمل القهر النائم فى فراشكم وله تسجدون «1»
أسمعهم يقولون: «الوحدة خير من جليس السوء»
أرد قائلة: «الوحدة خير فى كل الأحوال»
من كلامى تندهش النساء
كأنما هبطت عليهن من الفضاء
وبالحجارة المتحفزة يقذفنى الرجال
للمرة الأولى أجدنى غير مبالية
ما كان يشغلنى ويقلقنى
أن أتأخر عن موعدى
مع «وحدتى»
فى كل زمان ومكان
يختلف البشر فى كل الأشياء
فصيلة الدم.. والجينات الموروثة
الأفكار والأحلام
الطباع والمزاج
حسابات البنوك
أرصدة الأوهام
عقائد ديانات ملل طوائف
لكنهم على شىء واحد يتفقون
وإن تغير الزمان
وإن تبدل المكان
كلهم يحتاجون إلى لمسة حنان
منزهة عن المصالح والأغراض
إلى منْ يقدم واجب العزاء
وإن لم يلبس السواد
أو استعصى فى عينيه البكاء
كتبت الشِعر
قالوا ليست بشاعرة
كتبت النثر
قالوا ليست بكاتبة
تمردت ثُرت
تساءلوا أهذه ثائرة؟
كيف لى أن أرضيهم؟
ولماذا يناصبوننى العداء؟
إنى حقًا حائرة
افترشت الأرض على ناصية الطريق
انتزعت ذكرياتى من داخل قلبى
وأخذت بصوتى المتحشرج
على المارة أنادى:
منْ يشترى حياة امرأة كاتبة شاعرة
أيام وأشعار وآلام
خصم ليس له مثيل
صفقة ولا فى الأحلام؟
منْ قال لكم
إننى أريد هذه الحياة؟
لماذا توقعتم أننى سأنتمى إلى عالمكم هذا؟
منْ قال لكم
إننى أتقبل توالى الليل والنهار
وغدر الجسد الذى أحمله
والعواصف الربيعية الممتلئة بالغبار؟
منْ قال لكم
إن مزاجى وطباعى ودمى
يرضى بهذا العبث واللاجدوى والسراب
وسأبتلع السم فى الطعام والشراب؟
كيف للزهرة المنتزعة من الحدائق
أن تتأقلم فى الأرض الخراب؟
منْ قال لكم
إن لى مكانًا هادئًا ساكنًا آمنًا
تحت الشمس الحارقة الصاخبة؟
وبيتًا دافئًا برائحة القهوة والبخور والورود
يأوينى.. يعزلنى عن التفاهات والتقاليد والجحود؟
منْ قال لكم
إن روحى تحتمل الظلم الذى تعبدون
والقهر النائم فى فراشكم وله تسجدون؟
منْ قال لكم
بقلبى متسع لذكريات تئن من الندم
وألم لا يكف عن الصهيل
وحياة مهما تتجمل وتراوغ وتتخفى
فهى عدم؟
ماذا أفعل هنا
فوق الأرض
وكل منْ أحبهم
تحت التراب؟
كلما أحببت أحدًا
فجأة أو بعد تلميحات
يروح عنى ويختفى
ولا يبقى لى شىء
إلا المرارة والألم
كل منْ أحببت
اسمه مدون
فى دفتر الانصراف
لكنه بالدم منحوت
فى دفتر الحضور
أحمل حسرتى وارتعاشات قلبى
وأذهب إلى زيارة القبور
أسكب آهاتى فى صمت
وأضع باقة من الزهور
أصل إلى البيت منهكة
أعد الشاى ورائحة البخور
وأشرد طويلًا فى حالى
ألتحف بالسؤال المحرم المحظور
لماذا يُمنع كل أحبائى
ويُسمح لى أنا بالمرور؟
الكاتبات الشاعرات
لديهن هوس بدخول التاريخ
لديهن ولع بأن يذكرهن التاريخ
بماذا يفيدنى دخول التاريخ؟
ما أهمية أن يذكرنى التاريخ؟
السر كله يكمن أثناء الكتابة
المتعة كلها «هنا والآن»
عن أى تاريخ يتكلمن؟
دخول التاريخ أكذوبة كبرى تحررت منها
هل يستطيع «التاريخ»
إذا مرضت أن يقدم لى حبة دواء؟
وإذا عطشت هل يمد يده بقطرة ماء؟
هل يستطيع «التاريخ»
أن يبدد الحزن السارى فى دمى؟
وأن يشفى الألم الناخر فى عظامى؟
هل بإمكان «التاريخ»
أن يمنحنى قوة الاستمرار فى عالم مشبوه
لا شىء يجدى معه..
عالم ميئوس منه.. أحمق معتوه
يقتل وهو يرتدى القفازات الحريرية
يكذب ويدمر ويخرب باسم الشرع والأنبياء؟
هل بإمكان التاريخ أن يعيد الشهداء والأحباء؟
هل يمكنه استعادة العواطف المحتلة بالقسوة والنسيان
وأن يعيد إلى الحياة المحتضرة نبض الأشياء؟