الأنبا نيقولا يستعرض تاريخ المجامع المسكونية وانشقاقها في 451
أدلى الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث الرسمي للكنيسة في مصر، بتصريح صحفي، حول "المجمع المقدس المسكوني الرابع الخلقيدوني 451".
وقال الأنبا نيقولا أنطونيو، في بيان رسمي، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك":"المجمع المسكونيّ الأوّل انعقد في مدينة نيقية (آسيا الصغرى) عام 325 لبحث هرطقة آريوس في ما يخص "الأقنوم الثاني، الكلمة- الابن، في الثالوث" بأنّ السيّد المسيح لم يكن إلهًا ولا أزليًّا، بل مخلوقًا مثل أيّ مخلوق آخر أوجده الله من لا شيء، بينما المجمع المسكونيّ الثاني انعقد في مدينة القسطنطينيّة عام 381 لبحث هرطقة مقدونيوس القسطنطيني في ما يخص "الأقنوم الثالث، الروح القدس، في الثالوث"، بخلق الروح القدس وعدم مساواته في الجوهر مع الآب والابن، وبحث هرطقة أبوليناريوس أسقف اللاذقية في ما يخص "تجسد الأقنوم الثاني، الكلمة- الابن، في الثالوث"بأن المسيح لم يأخذ طبيعة إنسانية كاملة".
واضاف مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس:" أن المجمع المسكونيّ الثالث التأم في مدينة أفسس (آسيا الصغرى) عام 431 للردّ على هرطقة البطريرك نسطوريوس فيما يخص "تجسد الأقنوم الثاني، الكلمة- الابن، في الثالوث"، بأنّ المسيح كان شخصين، شخصًا بشريًّا وشخصًا إلهيًّا، أمّا الشخص الإنسانيّ فولدته مريم، وأمّا الشخص الإلهيّ فهو كلمة الله الأزليّ، وكان القديس البابا كيرلس الإسكندري استخدم قبل هذا المجمع عبارته اليونانية الشهيرة «μία φύσις τοῦ θεοῦ λόγου σεσαρκωμένη» (Mia Fisis Tou Theou Logou Sesarkomeny) التي ترجمتها العربية الحرفية «طبيعة واحدة لكلمة الله متجسدة»، والتي يمكن أن تُقرأ بالمعنى «طبيعة واحدة متجسدة لكلمة الله». أي أن، المسيح عند تجسده، كما يقول البابا كيرلس "أن المسيح هو طبيعة (φύσις) واحدة مكونة من عنصرين، عنصر إلهي وعنصر إنساني"، وقد استخدم البابا كيرلس اصطلاح طبيعة (φύσις) كما عند الآباء الإسكندريين، والذي يقابله عند الأباء الأنطاكيين في المعنى اصطلاح «πρόσωποv» (شخص)".
وتابع:"في المجمع المسكونيّ الثالث أعلن آباء المجمع موافقتهم على الرسالة التي كان البابا كيرلس قد بعث بها إلى نسطوريوس، والتي جاء فيها "إننا نعترف بأن الكلمة صار واحدًا مع الجسد، اذ اتحد به اتحادًا شخصيًا. فنعبد الشخص الواحد، الابن- والرب، يسوع المسيح، إننا لا نفرق بين الله والانسان ولا نفصل بينهما وكأنهما اتحدا الواحد بالآخر إتحاد كرامة وسلطة، فهذا القول ليس سوى كلام هراء، ولا ندعو الكلمة المولود من الله مسيحًا آخر غير المسيح المولود من إمرأة، إنما نعترف بمسيح واحد هو الكلمة المولود من الآب وهو الذي اتخذ جسدًا".
واكمل:"المجمع المسكونيّ الرابع انعقد في مدينة خلقيدونية (آسيا الصغرى) عام 451. للردّ هرطقة أوطيخا ومؤيدوه فيما يخص "شخص يسوع المسيح بعد التجسد" بأن للمسيح طبيعة واحدة إلهية، وأن طبيعته البشرية غير كامل وأكّد المجمع "أنّ المسيح هو شخص واحد، أو أقنوم واحد، في طبيعتين، إلهيّة وإنسانيّة إنّه إنسان حقًّا وإله حقًّا،ة وإنّه إنسان تامّ وإله تامّ. كما أكّدوا أيضًا اتّحاد الطبيعتين الإلهيّة والإنسانيّة في الشخص الواحد ليسوع المسيح بدون اختلاط أو تشوّش أو انفصال أو انقسام".
واستطرد:"مما سبق يتبين أن المجامع المسكونية الثلاثة الأُولى كانت خاصة بأقانيم الثالوث الأقدس، وان مكانة المسيح الإله، الكلمة- الابن، قبل تجسده وفي تجسده، وان مكانة الروح القدس، أما المجمع المسكونيّ الرابع فكان خاص بيسوع المسيح بعد تجسده، وعلى ذلك فإن عبارة القديس كيرلس الإسكندري التي إستخدمها قبل المجمع المسكونيّ الثالث «μία φύσις τοῦ θεοῦ λόγου σεσαρκωμένη» والخاصة بالمسيح الإله، الكلمة- الابن، في تجسده. يجب أن لا تطبق على يسوع المسيح بعد تجسده، والذي بُحث في المجمع المسكوني الرابع".
واضاف:" في هذا المقام إن كنيستنا الأرثوذكسية لا تنكر هذه العبارة للقديس البابا كيرلس، «μία φύσις τοῦ θεοῦ λόγου σεσαρκωμένη» (طبيعة واحدة لكلمة الله متجسدة)، ولا تفهمها على ضوء تحديدات مجمع خلقيدونية العقائدية واصطلاحته. بل تفهمها كما فهمها البابا كيرلس ذاته على ضوء رسالة المصالحة.
واستكمل لأن البابا كيرلس إستعمل هذه العبارة قبل المجمع المسكوني الثالث في رده على نسطوريوس الذي قال: "إن يسوع كان في الواقع شخصين، شخصًا بشريًا وشخصًا إلهيًا، أما الشخص الإنساني فولدته مريم، وأما الشخص الإلهي فهو كلمة الله الأزلي"، رافضًا بذلك اتحاد الطبيعتين (الإلهية والإنسانية) في "شخص يسوع المسيح"، إتحادًا طبيعيًا وجوهريًا، كما لم تكن غاية البابا كيرلس أن يُعلّم أن يسوع ليس طبيعتين كاملتين ألوهية كاملة وناسوتًا كاملًا، وأن يُميز بين ناسوت المسيح وألوهيته".
واختتم:" رسالة المصالحة (عام 433) بين البطريرك يوحنا والأنطاكيين وبين البابا كيرلس والإسكندريين، التي دعيت بقانون الوحدة، وقد وافق عليها جميع ممثلي الكنائس أو بالحري كل الكنيسة المسكونية، كاعتراف إيمان أرثوذكسي له أهمية في شرح دقيق للتعليم القديم الأرثوذكسي عن طريقة إتحاد الطبيعتين في الرب يسوع المسيح، والعلاقة المتبادلة بينهما.