«كانت صدمة».. فتيات تعرضن للتحرش داخل الحرم المكي
روحانيات وتواشيح تتردد داخل الحرم المكي، في وقت يطوف فيه الحجاج حول الكعبة الشريفة، كانت يارا مجدي (اسم مستعار) تطوف ضمن الحجيج برفقة والدتها، وانغمرت بدموع الفرحة خشيّة من الله، حتى شعرت بمن يحتك بجسدها بشدة، فارتعدت من الخوف.
ما حدث لـ"يارا" هو تحرش جسديّ، وقع داخل صحن الطواف بالحرم المكي، ليؤكد أن التحرش الجسدي ليس له علاقة بالمكان أو الملابس التي ترتديها الفتاة، ففي أكثر البقع المباركة في العالم كانت تقع حوادث للتحرش بالفتيات أو السيدات.
فلم تكن تلك الفتاة هي الوحيدة التي تعرضت للتحرش الجسدي داخل الحرم المكي، ولكن هناك قصص وحكايات لفتيات عدة، تعرضن للتحرش في أماكن مقدسة وأثناء تأدية شعائر الحج والعمرة في الخارج تستعرض "الدستور" بعضًا منها.
قالت يارا: "فاكرة الواقعة بكل تفاصيلها، كنت وقتها في الكلية، وسافرت مع أمي عشان الحج، وداخل الحرم المكي وإحنا بنطوف حول الكعبة كنت لابسة عباية سودا واسعة مش منطقي هلبس غير محتشم في الحرم حتى لو لبسي كدة في العادي".
وأضافت: "كنت بطوف أنا وهي في الساحة، والدنيا كانت زحمة جدًا، خصوصًا عند الحجر الأسود، فجاءة لاقيت واحد من الرجالة لزق فيا جامد، وحط إيده على ضهري، ببص ورايا لاقيته واقف بيني وبينته حوالي 6 أشخاص وبيضحك وبيمشي".
وتابعت: "مقدرتش أتكلم بسبب الزحمة وصوتي تاه وخوفت على أمي وحسيت برعب شديد، ومكنتش قادرة أصدق اللي حصل وطلبت من أمي نروح نطوف في الدواير الأقل زحمة، ومن ساعتها لما بروح لازم يكون معايا زوجي أو أطلع أطوف في الدور التاني والتالت بعيد عن الكعبة".
وفسر الدكتور محمد مهدي، استشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر، حدوث تحرش جسدي في أماكن مقدسة مثل الحرم المكي، بأن الشخص المتحرش هو مريض نفسي يعاني من اضطراب في السلوك، يجعله يقوم بتلك الأفعال في أماكن مقدسة.
وأوضح أن ما يحدث من تحرش داخل الحرم، يهزم أسطورة تبرير التحرش بملابس الفتيات أو نزولهن الشارع معلقًا: "التحرش هي سمة غالية لدى المتحرش لا ينظر فيها إلى الملابس أو الأماكن، وليس هناك أي مبرر للمتحرش سوى أن شهوانتيه غلبت كل شيء لديه".
آية جميل (اسم مستعار)، فتاة آخرى تعرضت للتحرش في ذات المكان المقدس منذ عامين، حيث قالت: "التحرش بيحصل عادي في الحرم المكي، لأن الرجالة مع السيدات والطواف بيكون زحمة جدًا، وكل الأشواط في الحرم المكي بتكون جماعية".
وأضافت: "حمامات الحرم المكي، بيكون فيه رجالة مستنية ستاتهم بره، وكنت رايحة أنا وإخواتي البنات الحمام، لاقيت وسط الزحمة واحد داخل بس حركته مش طبيعية، فقولت استعد حطيت الشنطة بتاعتي عليا بما إني أكبر إخواتي عشان لو حصل حاجة أحمي نفسي".
واستكملت: "توقعت أن التحرش يكون بيا لكن للأسف تحرش بأختي الصغيرة وفعلًا لاقيته بشكل مفاجىء حط إيده على أختي الصغيرة من قدام وطلع يجري، حدفت عليه الشنطة بتاعتي وبدأت أنادي على الشرطي اللي واقف لكنه المتحرش كان جري وسط الزحمة معرفتش أجيبه".
وتحتل مصر المرتبة الثانية عالميًا في قضايا التحرش والاغتصاب بالمرأة وذلك بعد أفغانستان، بحسب إحصاء صدر عن المجلس القومي للمرأة في عام 2016، أكد فيه أن مصر تسجل سنويًا أكثر من 20 ألف حالة تحرش.
ويوضح إحصاء للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، خرج خلال عام 2015، أن 85% من حوادث الاغتصاب تكون لأطفال، إذ هم دون الـ12 عامًا، ومنهم من لا يعرف معنى التحرش والاغتصاب، و75% من النساء يتعرضن للتحرش.
لم يختلف الأمر مع روان محمود (اسم مستعار)، والتي حدث لها واقعة تحرش وهي في سن الـ15 عامًا من عمرها أثناء الطواف في الحرم المكي، وقالت: "كنت محجبة وقتها ولابسة عباية سودة لاقيت واحد عجوز بيطلب مني إني اسنده عشان يطوف".
وأضافت: "كنت صغيرة وقتها فوافقت لكنه لاقيته بيحط إيده على جسمي كله، وبيعتدي عليا جسديًا بشكل صعب، وطوال الطواف وأنا بشكك نفسي إني أكيد فاهمة غلط، لحد ما همس في ودني بكلام جنسي وقتها جريت وبعدت عنه وانهرت من البكاء".
وتابعت: "حاليًا أنا 22 سنة، لكن من ساعة الواقعة دي وأنا عندي رهبة من دخول الحرم وإحساس إني لو دخلت هيتم التحرش بيا خصوصًا إني كبرت، وخوفت أحكي لوالدي أو والدتي عن الواقعة اللي حصلت دي عشان محدش يجيب الذنب عليا إني وافقت أسنده".
يذكر أن المجلس القومي للمرأة أعلن منذ فترة تلقي مكتب الشكاوى التابع له 400 شكوى واستفسار متنوع، معظمها عن العنف ضد المرأة بمختلف أشكاله، طوال خمسة أيام تلت إثارة قضية المغتصب أحمد بسام زكي، بشأن تعرض فتيات لتحرشات جنسية في أماكن مختلفة.