بئر الخيانة على القنوات التركية
تشهد قنوات الإخوان التى يتم بثها من تركيا هجومًا محمومًا على الدولة المصرية وتتزايد أصواتها كلما تعرضت تركيا لهزة سياسية داخلية أو خارجية، وكذلك لأى انتكاسة عسكرية فى أى دولة من الدول التى تقوم فيها بعمليات حربية بهدف السيطرة على جزء من أراضيها مثل العراق وسوريا، أو على مقدراتها الاقتصادية مثلما هى الحال فى ليبيا.
كانت الضربة الجوية التى قام بها الجيش الوطنى الليبى على قاعدة «الوطية» الجوية بداية واضحة لهذا الهجوم الإعلامى، عندما استشعر هؤلاء المأجورون من الإعلاميين المصريين، الذين باعوا ضمائرهم لأجهزة المخابرات التركية، الحرج فى موقفهم وفشلهم فى تأليب الرأى العام فى الداخل والخارج ضد الموقف المصرى المساند للحقوق المشروعة للشعب الليبى ودعم جيشه الوطنى الليبى وبرلمانه المنتخب، وكذلك فشلهم فى احتواء أصوات المعارضة الداخلية بعد تردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية وأيضًا المعيشية فى تركيا.
حاول هؤلاء فى لقاء مستشار الرئيس أردوغان إثبات قدرة الجيش التركى على التواجد فى جميع الدول التى يحاول غزوها، وأن قوته العسكرية تفوق قوة الجيش المصرى، ولا أعلم سبب اهتمام هؤلاء الخونة الدائم بمقارنة الجيش التركى بالمصرى، رغم أن العالم أجمع يعلم تفوق القوات المسلحة المصرية بكل تخصصاتها على القوات التركية.. ولكن يبدو أنها محاولات يائسة لطمأنة الشعب التركى من ناحية، ولإثبات ولائهم واحترامهم للدولة التى تؤويهم وتحميهم من ناحية أخرى.. ولكن الحقيقة أن هناك أسبابًا غير معلنة وراء تلك الحملات المحمومة من هؤلاء المرتزقة من الإعلاميين أشار إليها الإخوانى صابر مشهور، فى إحدى حلقات برنامجه الذى يبث من هناك، وذلك فى أعقاب صدور قرار من إحدى المحاكم المصرية بعدم الموافقة على تجديد جواز سفر المصرى الهارب أيمن نور، حيث تساءل على الهواء مباشرة عن مصيره ومصير زملائه الذين باعوا ضمائرهم لحساب تركيا بأنهم بدأوا يشعرون بالقلق من تغيير معاملة السلطات الأمنية معهم هناك، حيث تزايدت مطالبتهم بالحد من تحركاتهم، خاصة أن العديد منهم قد انتهت صلاحية جوازات سفره، ويبدو أن اتجاه السفارة المصرية لعدم تجديدها لهم، وبالتالى فإن إقاماتهم هناك أصبحت غير شرعية.
يأتى هذا فى الوقت الذى تم فيه تسريب حوار للرئيس التركى مع أحد مستشاريه حول أن عناصر الإخوان المسلمين المصريين قد يشكلون عبئًا على تركيا فى الفترة المقبلة نتيجة الضغوط الدولية التى تتهمه بحمايتهم وإيوائهم، بالرغم من أنهم أحد المصادر الرئيسية للإرهاب فى العالم.. كما أنهم سبق أن خانوا وطنهم الأصلى ومن المحتمل أن يخونوا تركيا طالما كان ذلك سببًا فى تقوية وضعهم فى المنطقة، وذلك بالتحالف مع إيران على سبيل المثال.. كما سرت بينهم أيضًا شائعات تفيد بأنه من المحتمل أن يتم تسليم بعض شباب الإخوان الهاربين فى تركيا مقابل قيام الجيش الوطنى الليبى بالإفراج عن بعض الأسرى الأتراك الذين يساندون حكومة الوفاق الليبية.. ومن الواضح أنه كلما تزايدت تلك الشائعات تتزايد معها الحملات المسعورة ضد الدولة المصرية، سعيًا منهم لإثبات ولائهم للنظام التركى وأملًا فى منحهم الجنسية التركية أو على الأقل السماح لهم بالإقامة هناك بغض النظر عن انتهاء صلاحية جوازات سفرهم، خاصة بعدما وعد الرئيس التركى العديد من ميليشيات «داعش» التى دفع بها إلى ليبيا بأنه سوف يمنح أفرادها الجنسية التركية عند مشاركتهم فى الحرب الأهلية هناك، وذلك إذا حققوا الانتصار المطلوب ضد الجيش الوطنى الليبى.
ويتابع هؤلاء المرتزقة الأحداث اليومية فى مصر باهتمام بالغ لمحاولة تشويه أى نجاح أو تقدم يحدث بها فى أى مجال، أو التشكيك فى قدرة الدولة على إدارة المواقف والمشكلات التى تتعرض لها.. فها هم يحاولون صرف الأنظار عن التواجد التركى فى ليبيا إلى مشكلة سد النهضة فى إثيوبيا، محاولين إيهام المواطن المصرى بأن تلك هى المشكلة الأهم بالنسبة لمصر لأنها مسألة وجود وحياة والتواجد التركى فى ليبيا لا يشكل أى خطر على الأمن القومى المصرى.. ومن المتوقع أيضًا أن تشهد الاستحقاقات النيابية المقبلة فى مصر موجة أخرى من الهجوم والانتقادات عليها للطعن فى أى خطوة تتخذها الدولة المصرية فى طريق الديمقراطية مع الاستمرار فى تجاهل الممارسات الاستبدادية الصارخة التى يمارسها النظام التركى ضد المعارضين السياسيين هناك.. وبطبيعة الحال فإن العناصر الإعلامية الإخوانية سوف تتمادى فى هذا التوجه نظرًا لما سوف يزيده ذلك من عزلة تنظيم الإخوان الإرهابى فى أى استحقاق انتخابى قادم فى مصر نتيجة افتضاح ممارساته الاستبدادية التى شهدها الشعب المصرى أثناء الفترة التى تولت فيها تلك الجماعة حكم البلاد.
ومن الواضح أن السلطات التركية تتعامل مع هؤلاء المرتزقة حاليًا بشىء من عدم الاهتمام والتجاهل، وهو الأمر الذى جعلهم يرسلون آلاف الرسائل والشكاوى على الموقع الإلكترونى لوزارة الداخلية التركية يناشدون المسئولين فيها عقد لقاءات مع الجالية المصرية هناك، ومعظمها من أعضاء جماعة الإخوان الهاربين لتركيا، للوقوف على مشاكلهم ومساعدتهم فى حلها أسوة بما يحدث لأعضاء الجالية السورية هناك، التى تلقى اهتمامًا ملموسًا من السلطات التركية، خاصة من يحملون مؤهلات جامعية.
لقد أيقن هؤلاء الخونة الذين يستخدمهم أردوغان أبواقًا ضد بلادهم بأن مصيرهم ومهمتهم قد شارفت على الانتهاء، وأنه لن يتحملهم طويلًا، فقد رسم لكل منهم دورًا محددًا عندما ينتهى فسوف يتم إلقاؤه فى سلة المهملات تمهيدًا لترحيله إلى بلاده أو تجميدًا وتحديدًا لتحركاته واتصالاته وحتى لظهوره إعلاميًا، وهو ما حدث بالفعل حاليًا للبعض منهم، حيث لم نعد نراهم إلا على فترات متباعدة أو عند الحاجة إليهم فقط.
هذا دائمًا هو مصير الخائن لبلاده، يكون له دور محدد ويصبح بلا أى قيمة بمجرد أن ينتهى هذا الدور المرسوم له والذى ينفذه بكل دقة تطبيقًا لمبدأ السمع والطاعة.. قريبًا سوف نرى عودة هؤلاء العملاء من تركيا وأيضًا من قطر.. أو نرى البعض منهم يطلب الإقامة فى دولة أخرى قد تسمح لهم بذلك، ولكنهم فى نهاية المطاف سوف يظلون هاربين مطاردين ومشردين نادمين على اليوم الذى باعوا فيه ضميرهم لأعداء وطنهم.
وتحيا مصر.