الأمين العام لـ«الصحة النفسية»: فريق للتعامل مع راغبي الانتحار بسبب «كورونا» (حوار)
قالت الدكتورة منن عبدالمقصود، الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان التابعة لوزارة الصحة والسكان، إن الخط الساخن المخصص لاستقبال مكالمات الراغبين فى الحصول على الدعم النفسى فى ظل جائحة كورونا يعمل على مدار ٢٤ ساعة، وتلقى خلال شهر أبريل فقط ١٠٠٠ مكالمة.
وأضافت «منن»، فى حوارها مع «الدستور»، أن الأمانة استقبلت طلبات تطوع لتقديم خدمات الدعم النفسى من نحو ٢٩٠٠ متخصص من الجامعات ومنظمات المجتمع المدنى وتابعين لأمانة الصحة النفسية وأفراد متفرغين، وتم تدريب ٣٥٠ شخصًا على تقديم الخدمات، مشيرة إلى أن الأمانة لجأت لتدريب الأطباء فى المديريات «أونلاين» لتتمكن من توفير متخصصين لتقديم الخدمات فى ٣٧٠ مستشفى بالجمهورية تشمل مقرات عزل مصابى كورونا.
■ ما دور أمانة الصحة النفسية خلال جائحة كورونا؟
- بدأنا تقديم خدمات الدعم النفسى منذ منتصف مارس الماضى، بعد رصدنا احتياج المجتمع للدعم النفسى، ونسقت الأمانة مع الجهات المختلفة لتقديم الدعم النفسى والصحة النفسية، من خلال توحيد جهود الأفراد والجمعيات والجامعات والمؤسسات العاملة فى مجال الدعم النفسى فى مبادرة موحدة، وهناك تعاون من العديد من الجهات، كما تم توجيه فرق من الأمانة العامة للصحة النفسية لتقديم الدعم النفسى بمستشفيات العزل المختصة فى علاج الفيروس، حيث يتم إرسال فريق من الأطباء النفسيين بشكل مستمر، دعمًا للفريق الطبى والمرضى بالمستشفيات.
■ هل فرق الدعم النفسى قادرة على تغطية كل المستشفيات بالجمهورية؟
- بالطبع غير كافية لتغطية أكثر من ٣٧٠ مستشفى بالجمهورية، ولكن أمانة الصحة النفسية فى المقابل تتبع آلية مختلفة لتغطية كل المستشفيات بالدعم النفسى، وذلك من خلال تدريب الأطباء النفسيين بمديريات الصحة فى المحافظات وبالمستشفيات لتقديم خدمات الدعم للمرضى ولمقدمى الرعاية الصحية بمستشفيات العزل والصدر والحميات، كما يتم تدريب أطباء فى تخصصات أخرى على تقديم الخدمات والتعامل مع حالات القلق والتوتر والضغوط داخل مستشفيات العزل، وتتولى الدكتورة إيمان جابر، مسئول الدعم النفسى فى الأمانة، تدريبهم من خلال دورات «أونلاين» بالمحافظات.
■ ألم تستقبل الأمانة طلبات من متطوعين لتقديم خدمات الدعم النفسى خلال الجائحة؟
- منذ أكثر من شهرين أعلنّا عبر مواقع التواصل الاجتماعى عن فتح باب التطوع لتقديم خدمات الدعم النفسى للأطباء ومرضى كورونا بمستشفيات العزل، وبالفعل تقدم للأمانة نحو ٢٩٠٠ متخصص من الجامعات ومنظمات المجتمع المدنى وتابعين لأمانة الصحة النفسية وأفراد متفرغين، وتم تدريب ٣٥٠ شخصًا حتى الآن، ومنهم من يقدم خدمات الدعم النفسى من خلال الخط الساخن أو فى مستشفيات العزل، تحت إشراف الدكتورة نعمات على، المشرفة على عيادات «واحة» لعلاج الصدمات النفسية.
■ هل هناك علاقة بين الحالة النفسية ومناعة الجسم؟
- بالتأكيد هناك ارتباط وثيق بين الصحة النفسية والصحة العضوية للجسم، كما أن التوتر الشديد وضغوط العمل وقلة النوم والتدخين تؤثر بالسلب على مناعة الجسم وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإصابة بالأمراض المزمنة «الضغط والسكر والقلب»، وهو نفس الوضع مع حالات الإصابة بكورونا، حيث إن مناعة الجسم تتأثر بالصحة النفسية، ولذلك ننصح دائمًا خلال الفترة الحالية كل المواطنين بالنوم فترة كافية، وتقليل درجة القلق والتوتر، والبُعد عن متابعة الأخبار السلبية لزيادة مناعة الجسم.
■ ما مؤشرات الخطر التى تستدعى طلب المواطنين الحصول على خدمات الدعم النفسى؟
- عند التفكير المستمر على مدار اليوم فى جائحة كورونا لدرجة تؤثر على المهام الحياتية، سواء العمل أو المذاكرة، والقلق والتوتر الشديد بشكل يؤثر على طريقة الحياة، ورؤية الكوابيس خلال فترة النوم، أو عدم الانتظام فى النوم بشكل مرضى نتيجة الخوف من الإصابة بالفيروس، يجب الاتصال بالخط الساخن لأمانة الصحة النفسية على الفور.
■ ما الفئات التى تستهدفها الأمانة بالدعم النفسى خلال الجائحة؟
- رصدت أمانة الصحة النفسية ٣ فئات بحاجة للدعم النفسى فى المجتمع، وهى: العاملون فى المجال الصحى «الأطباء والتمريض والفنيون والعاملون»، والمرضى وذووهم وأهالى المتوفين من فيروس كورونا، والفئة الثالثة تشمل المجتمع ككل بجميع فئاته «أطفالًا ومراهقين وسيدات وكبار السن»، وتم التحرك للوقوف على احتياجات كل فئة على حدة وآليات الدعم النفسى الموجهة لهم.
■ ماذا عن آليات الدعم المقدمة للفئات المستهدفة من الأمانة؟
- الأطقم الطبية تواجه فى الأغلب ضغوطًا شديدة فى العمل بسبب كثرة الحالات التى تتعامل معها، إلى جانب شعور القلق والتوتر، ويتم توجيهها بأفضل الطرق للتغلب على تلك الضغوط والعزل بالمستشفى، وننصحها بشكل مستمر بالتواصل المباشر مع الأسرة والأقارب والأصدقاء، وممارسة الهوايات خلال فترة الفراغ بالمستشفى.
وفيما يخص المصابين بكورونا يتم التعامل معهم من خلال فريق متخصص بالخط الساخن، وننصحهم بالابتعاد عن متابعة أخبار الفيروس فى وسائل الإعلام وقراءتها من مصدر موثوق منه، بعيدًا عن التهويل، مرة واحدة فقط فى اليوم لا أكثر حتى لا تنعكس سلبًا على نفسيته.
■ ما المؤشرات الخطيرة التى دفعت الأمانة لتقديم الدعم؟
- رصدت إدارة الإعلام والعلاقات العامة، بقيادة الدكتور محمد على، خوفًا وقلقًا كبيرين ظهرا من خلال مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام خلال جائحة كورونا.
■ ماذا عن أدواتكم لتقديم رسائل الدعم لفئات المجتمع؟
- نقدم خدماتنا من خلال الخط الساخن والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى والإعلانات، لتوجيه الخدمة المتخصصة لكل الفئات.
وبالنسبة للخط الساخن للأمانة، فتم تقسيمه لـ٣ أقسام وفقًا للتعامل مع الفئات التى تستهدفها، لتقديم خدمة أكثر تخصصية، فهناك فريق يعمل لدعم الأطباء فى المستشفيات نفسيًا، وفريق آخر يختص بدعم المصابين، وفريق ثالث للرد على استفسارات المواطنين وتقديم الدعم النفسى فيما يخص القلق والتوتر.
■ هل هناك خطة لدعم فئة الصحفيين والإعلاميين نفسيًا؟
- بشكل عام هم ضمن فئات المجتمع، ويتم تقديم الدعم النفسى من خلال الاتصالات الواردة على الخط الساخن، وبشكل خاص نفكر فى تقديم دعم نفسى للصحفيين والإعلاميين المنوط بهم تغطية أخبار كورونا التى تسبب لهم فزعًا، إلى جانب الضغوط التى يتعرضون لها نتيجة لطبيعة العمل ومتابعة أخبار كورونا على مدار الساعة، ووضعنا محاور أولية لتقديم الدعم النفسى فى شكل ندوات أو لقاءات بالتنسيق مع الجهات المعنية.
■ ما تأثير الجائحة على معدل الأمراض النفسية؟
- هناك أبحاث علمية أجنبية أكدت أن جائحة كورونا ستكون لها آثار نفسية ناتجة عن الجائحة ستظهر بعد انتهاء الحجر الصحى، ومن المتوقع أننا سنواجه فترة من الضغوط النفسية الناتجة عن الجائحة، وحاليًا ينتشر القلق والتوتر الشديد والضغط نتيجة الحظر وما يترتب عليها بعض الأعراض، ومنها الملل، ولكن لا توجد دراسات مؤكدة تكشف عن ما ستسفر عنه الجائحة مستقبلًا.
■ هل تفكر الأمانة فى إجراء دراسة حول تأثير الجائحة على المواطنين؟
- فكرنا بالفعل ونجهز حاليًا الاستمارة الخاصة بالدراسة، ونفكر فى طرحها «أونلاين» عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ولكن نحتاج إلى قدرة أكثر على التجاوب من المواطنين فى الإجابة عن الاستمارات.
■ كم عدد العاملين بالخط الساخن لتقديم الدعم؟
- هناك أكثر من ٢٠٠ متخصص يعملون بالخط الساخن لتقديم خدمات الدعم النفسى، ويتم تدريبهم كل فترة لتحديث إجراءات التعامل مع المواطنين، فى حين أنه قبل الجائحة لم تكن هناك خدمات متخصصة بالخط الساخن، ومنها الخدمات المتخصصة للمرضى، وكنت سعيدة جدًا بعد وضع الخط الساخن للدعم النفسى لمرضى الكورونا ضمن دليل منظمة الصحة العالمية للأرقام المعتمدة للجائحة بكل دول العالم.
■ ما فترة ذروة المكالمات الواردة على الخط الساخن؟
- حاليًا يعمل الخط الساخن على مدار ٢٤ ساعة بعد أن كان يعمل من الساعة ٩ صباحًا حتى الثالثة عصرًا قبل جائحة كورونا، وأكثر فترة حاليًا يستقبل فيها الخط الساخن مكالمات واستفسارات المواطنين من الساعة ٦ عصرًا حتى الساعة ١٠ مساء.
■ كم عدد المكالمات الواردة على الخط الساخن؟
- زادت المكالمات والاستفسارات الواردة على الخط الساخن بنسبة أكثر من ١٥ ضعفًا، حيث كان الخط الساخن يستقبل نحو ٨٠٠ مكالمة طوال العام، فى حين بلغت المكالمات خلال شهر أبريل فقط ١٠٠٠ مكالمة، وحاليًا يتم رصد إحصائية كاملة بشهر مايو الماضى.
■ كيف يتم تقديم خدمات الدعم النفسى للمواطنين عبر الخط الساخن؟
- يستقبل المختص استفسارات المواطنين ويسجل بيانات المتصل ويرسلها إلى معالج متخصص، وبدوره يتصل من هاتفه بالشخص صاحب الاستفسار، ويقدم الدعم النفسى فى جلسة واحدة، ويمكن إعادة الجلسة مرة أخرى بعد أسبوع عند الضرورة، فالخط الساخن لا يقدم جلسات منتظمة للمرضى، وإنما يتم توجيهه لتقديم جلسات بالمستشفى عند الضرورة.
■ كيف يتم التعامل مع حالات الرغبة فى الانتحار نتيجة الإصابة بكورونا؟
- يتم تقديم الدعم النفسى للحالات خلال العزل المنزلى من خلال بلاغات الخط الساخن للوزارة أو البلاغات الواردة للأمانة من مستشفيات العزل، ويتم التعامل مع الحالة من خلال فريق الدعم النفسى للمستشفيات.
■ ما الإجراءات التى اتخذتها الأمانة فى مستشفياتها خلال الجائحة؟
- اتخذت إدارة المستشفيات، بقيادة الدكتورة رانيا زكريا، كل الإجراءات الوقائية المتمثلة فى تطهير وتعقيم الأسطح، وإلغاء الزيارات بشكل نهائى للمرضى المحجوزين بالمستشفى والتواصل تليفونيًا فقط، وتطبيق إجراءات مكافحة العدوى، وإجراءات التباعد الاجتماعى بين المرضى فى العنابر بنسب إشغال ٥٠٪ فى بداية الجائحة و٧٥٪ حاليًا، والتأكد من ارتداء الكمامات الطبية داخل المستشفى، وإجراء مسح حرارى لكل العاملين بالمستشفيات للتأكد من عدم ظهور أى أعراض لفيروس كورونا على العاملين، كما أن هناك مسئولًا عن مكافحة العدوى فى كل مستشفى، ويتم منح الموظفين المشتبه فى إصابتهم بكورونا إجازة لمدة ١٤ يومًا وفقًا لإجراءات الخط الساخن ١٠٥.
■.. وبالنسبة للعيادات الخارجية؟
- لم يتم غلق العيادات الخارجية بمستشفيات الصحة النفسية سوى مرة واحدة بأحد مستشفيات الصعيد؛ نتيجة لإصابة إحدى الممرضات بفيروس كورونا، وتم غلق العيادة لمدة ١٤ يومًا وتطهيرها، ودون ذلك لم يتم غلق أى عيادة، حيث إن حرمان المريض النفسى من العلاج أسوأ من إصابته بكورونا، كما يتم صرف العلاج للمرضى لمدة ٣ أشهر بدلًا من الصرف الشهرى، الأمر الذى أسهم فى تخفيف الضغط على العيادات بمستشفيات الأمانة، ونسعى لتقديم خدمات العيادات بشكل إلكترونى، ولكنها متعثرة فى بعض الأقسام ما عدا تخصص الأطفال والمراهقين، حيث نجحت الأمانة فى تقديمها بشكل ناجح منذ بداية ظهور الجائحة.
■ ما الإجراءات التى يتم اتخاذها فى حال وجود حالة اشتباه إصابة بكورونا بين المرضى؟
- يتم تحويلها على الفور لمستشفى القاهرة الفاطمية، الذى خصصته وزارة الصحة والسكان بناء على اقتراح الدكتور أحمد عكاشة، الطبيب النفسى، لاستقبال حالات المرضى النفسيين المصابين بفيروس كورونا لتقديم العلاج اللازم لها، ولدينا فريق من الأطباء والممرضين يقدمون الخدمات الطبية بالمستشفى، ولا يتم سحب المسحة الخاصة بفيروس كورونا فى مستشفيات الصحة النفسية وإنما يتم سحبها من خلال وزارة الصحة بالتنسيق مع خط ١٠٥.
■ هل هناك بالفعل حالات ثبتت إيجابية إصابتها فى مستشفيات الصحة النفسية؟
- أول حالة إصابة بين المرضى فى كل مستشفيات أمانة الصحة النفسية ظهرت بعد ٣ أشهر من بدء الجائحة، وهو ما يعتبر إنجازًا ونجاحًا للفريق الطبى بمستشفيات الأمانة، وتم تحويلها لمستشفى القاهرة الفاطمية، وأنهت علاجها بشكل كامل وعادت للمستشفى منذ أيام بعد تعافيها من فيروس كورونا، وتمثلت الأعراض المبدئية التى ظهرت عليها فى ارتفاع درجة الحرارة وألم فى الحلق وكحة.
■ ما الإجراء الذى اتخذته الأمانة مع المخالطين من الفريق الطبى للحالة؟
- تم عزلهم لمدة ١٤ يومًا ولم يظهر عليهم أى أعراض.
■ هل أدوية الصحة النفسية تؤثر على المناعة خلال علاج المصابين بفيروس كورونا؟
- لا تؤثر على مناعة الجسم بل بالعكس فإن الأدوية التى تخفف التوتر والضغط تحسن المناعة، ولكن قد يحدث تعارض فى بعض العلاجات مع الأدوية المخصصة لعلاج المرضى من كورونا، ولذلك أصدرنا دليلًا بالأدوية المسموح بتناولها للمرضى النفسيين المصابين بالفيروس، والأدوية الخطيرة التى يجب عدم تناولها والتداخلات التفاعلية بين الأدوية النفسية وأدوية علاج مرضى الوباء، وتم نشره على موقع الأمانة، ويتم تسليمه لكل الأطباء العاملين بمستشفيات العزل.
■ هل هناك خطة لزيادة الدعم النفسى بمستشفيات التأمين الصحى؟
- الوزارة وجهت بزيادة خدمات الدعم النفسى خصوصًا فى ظل جائحة كورونا، وزيادة أعداد المتخصصين وتدريبهم بشكل خاص على الدعم النفسى والتوسع فى مجال الصحة النفسية بالمستشفيات، ونجهز حاليًا لبرنامج تدريبى متخصص للصحة النفسية فى محافظات المرحلة الأولى من مشروع التأمين الصحى.