«القومي للمرأة» يحتفي بذكرى وفاة إمام التنوير رفاعة الطهطاوي
احتفى المجلس القومي للمرأة بذكرى وفاة إمام التنوير رفاعة الطهطاوي المتوفى 27 مايو لعام 1873، والذي دافع بقوة عن حق المرأة فى التعليم، فقد أنشأ أول مدرسة لتعليم البنات "السوفية"، مستندآ إلى منطق الإقناع، فقد قضت التجربة في كثير من البلاد أن نفع تعليم البنات أكثر من ضرره بل إنه لا ضرر فيه أصلا، كما استند إلى الأحاديث النبوية التي تحض على تعليم البنات، مشيرا إلى أن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت منهن من تكتب وتقرأ، كحفصة بنت عمر وعائشة بنت أبي بكر، ويشير الطهطاوي إلى أنه في زمان الرسول كان هناك من يعلم القراءة والكتابة من النساء للنساء كالشفاء أم سليمان.
وناشد الطهطاوي إلى دخول المرأة من ميدان العلم إلى دخولها ميدان العمل قائلا "إن كل ما تطيقه النساء من العمل يباشرنه بأنفسهن وهذا من شأنه أن يشغل النساء عن البطالة"، مؤكدا أن العمل يصون المرأة عما لا يليق بها ويقربها من الفضيلة.
ورأى رفاعة الطهطاوي أن العلاقة الزوجية ليست علاقة امتلاك الرجل للمرأة، إنما يجب أن تكون علاقة صداقة ومحبة بين الزوجين، فهي التي ينتج عنها الاتحاد والائتلاف بين الرجل وأهله، وما ينتج عن ذلك من تقوية الروابط، وسمر الحديث والمحادثة اللطيفة، والتبسم، وإظهار التعاطف والمحبة، وكل ذلك يؤثر على النفس ويؤكد على المحبة، فينشأ الأولاد أيضًا في هذا الجو المفعم بالحب والولاء نشأة سليمة صحيحة، وتنتقل إليهم هذه المشاعر الجميلة التي يرونها في والدهم ووالدتهم، فيتخذوهما قدوة لهم، وعندما يأتي وقت تكوين أسرهم ويخرجون إلى الحياة، تنتشر هذه المشاعر كلها في المجتمع، وبذلك يصبح مجتمعًا يسوده الحب والولاء.
وكتب الطهطاوي في عقد قرانه على زوجته عام 1840 ما نصه: "التزم كاتب الأحرف رفاعة بدوى رافع لابنة خاله المصونة الحاجة كريمة بنت العلاَّمة الشيخ محمد الفرغلى الأنصاري أن يبقى معها وحدها على الزوجيَّة دون غيرها من زوجة أخرى أو جارية أياَّما كانت، وعلَّق عصمتَها على أخذ غيرها من نساء أو تمتع بجارية أخرى، فاذا تزوَّج بزوجة أخرى أياَّ ما كانت، كانت بنت خاله بمجرد العقد خالصة بالثلاثة، وكذلك إذا تمتع بجارية ملك يمين، ولكن وعدها وعدا صحيحاً لا يُنقض ولا يخل أنها ما دامت معه على المحبَّة المعهودة مقيمة، على الأمانة والحفظ لبيتها ولأولادها ولخدمها ولجواريها، ساكنةً معه في محل سكناه، لن يتزوج بغيرها أصلاً ولا يتمتع بجوار أصلاً ولا يخرجها من عصمته حتى يقضى الله لأحدهما بقضاء، رفاعة بدوى رافع، 14 شوال 1255هـ".
ومنح الطهطاوي بموجب تلك الوثيقة الحرية لابنة خاله أن تطلق نفسها بنفسها لو أقدم هو على ما اتاحه له الشرع من الزواج بغيرها، أو التمتع بجارية يملكها، وكان من رأيه أن تعدد الزوجات يضر بالمجتمع والفرد والأولاد والمرأة إذا لم يكن مقيدًا بالعدل، ولم يكن يرضاه لنفسه.
كما تبنى الطهطاوي في نظريته مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، ورأى أن المرأة مساوية للرجل سواء بسواء فأدرك أن بناء المجتمعات قائم على المساواة في الحقوق والواجبات بين الفئات والطبقات وبين الرجل والمرأة، فعمل فور عودته عام 1831 من باريس على نشر أفكار التطور والحداثة والحرية، وكان أول من دعا إلى تحرير المرأة وتعليمها ومساواتها بالرجل ومشاركتها له في ميادين العمل والعلم، فنادى باتخاذها "صديقة وأختا ورفيقة درب"، سابقا في ذلك قاسم أمين الذي ذكره المؤرخون كأول محرر للمرأة.