وائل خورشيد يكتب: همسات
العقل يعمل على أية حال، لا يمكن وقفه، أحيانا قد يصل لمرحلة هدوء، لكنه نشط، والأفكار.. كثير الأفكار، تتدافع داخل العقل، كل واحدة لها حجة ومنطق، وكل منطق له آخر يقضي عليه. في وقت الحيرة أنت تتأرجح مع كرات اللهب تلك داخل عقلك. وفي وقت الفراغ، أنت تتعايش مع همسات تتدارس موضوعات ليس لها وجود.
المستقبل متاح الآن - في عقلك - يمكنك أن تفكر فيه، كما لعبة الشطرنج، تحرك جنودك وتلعب بدلا من الآخرين، وتنتصر، أو تنهزم، كما يحلو لك، كما يمكنك أن تعيد حسابات الماضي، وتتعلم منها، أو تلعن نفسك، أو تندم بالطبع.. في عقلك أيضًا.
التشوش يأتي أحيانا، تلك المساحة الشاسعة الخيالية تحتاج شيئا يملؤها، وفي هذا الوقت تشعر بعدم الاتزان، تتخذ القرار ثم تعود فيه لأن نظرتك قد تتغير، بالطبع الحقائق تؤدي لنتائج أكثر دقة، ولكن حتى تلك الحقائق قد تلتبس على عقولنا.
- لا أعرف بالضبط. لكني أعرف جيدا. أنا على حق تماما. ربما كل ما أقوله خطأ. ولكن يجب أن أفعل هذا. ولكن أعتقد أنه ليس صوابا. ولكنه بالأمس كان الصواب. تعقل.. الصواب هو ما لا تدركه المشاعر، هو شيء ثابت لا تغيره سوى الحقائق. هل أمضي قدما؟ نعم. لا. فكر. فكرت. ماذا؟ لا أظن. ظن.
- هي من أخطأت. ولكنها امرأة وانت رجل. كان يجب أن أدفعه من السيارة. وأنت لست قاتل كما أنه قد يكون على صواب. هل تدع هذا الشخص يؤرقك. لا أنا لست صغيرا لتلك الدرجة. أنت معهم أم لست معهم؟ أحيانا. ليس في الأمر مواربة. كلما خرجت بقولٍ مخالف خالفوه. كن مع من تتفق. نختلف. لا تكن. لا يمكن.
- الغباء يورث الغباء، ومع ذلك قد يورث الحكمة هربا من نفس المصير، والجهل يورث نفسه ومع ذلك قد يكون دافعا للعلم، الرحمة فعل عظيم، ولكن قد تكون إحدى طرق القسوة، لأنها تشترط المقدرة، والمقدرة قد تدفعك لتغترّ فتقسو، الحياة الأبدية تولد من الموت، والميلاد نفسه هو موت أول، وتكرار الموت والحياة هم الرحلة.
- النجوم ليسوا الأمهر، والواجهات ليست إلا لوحة تخفي الأشياء، ما وراء الصورة هو العظمة الحقيقية، النجم يحظى بالتقدير بينما فريق العمل يبقى في الظل، والظل هو حيث يعيش أغلب الناس في الأساس. نحن الحكاية، والبطل يصنعها ويرويها عنا. وراء الكاميرات عظماء. ليست السينما فقط، وإنما الحياة.
التناقضات تعيش مع بعضها في مصير مشترك دائم، والسير على خيط حاد هو الذي يفصل. من قلب كل شيء قد يولد نقيضه، كما الليل والنهار، والوصول إلى منتهى الشيء، إيذان لما بعده.
الحياة لم تكن أبدا مشوشة إلا لمن يراها فعلا، وواضحة لمن لا يرى جيدا. ضعف النظر إلى الحياة طريقك للراحة أكثر.
