بلا أسوار.. «الاختيار» حيث سيناء عنوان كرامة العرب
حصل مسلسل "الاختيار" على متابعة عربية، واهتمام كبير من المشاهد العربي، حيث كتبت عدة صحف عربية عن هذا العمل الذي خلد بطولة الشهيد أحمد المنسي وعن بطولات جيش مصر، الذي يواجه قوى الشر والضلال في سيناء، تلك الأرض المباركة، والتي لها في نفوس العرب الكثير الكثير.
كتب المسلسل باهر دويدار والذي استطاع مع المخرج بيتر ميمي أن يقدما وثقية تاريخية مهمة من تاريخ مصر الحديث، ساعدهما ما قدمته شركة سينرجي، من إمكانيات ضخمة أدت إلى نجاح العمل، الذي كان المواطن العادي في أي مكان من العالم العربي يحتاج إلى متابعته، حتى يستطيع أن يطلع على عظمة ما قدمه أبناء الجيش مصر، من تضحيات وبطولات في مرحلة محورية وحقبة تاريخية غيرت مجرى تاريخ المنطقة، هذه الحقبة التي نعيش أيامها ومن الضرورة بمكان أن تنبري أقلام صناع الدراما والسينما لتوثيق أحداثها، ليس من أجل التوثيق التاريخي بقدر من أن تسجل هذه الأحداث التي تعد شهادة، لجرائم الجماعات الإرهابية، الذي وجدت في جماعة الإخوان المسلمين الحاضن الشرعي، والمصدر الأساس والمورد الحصري لعناصر تلك الجماعات.
أحدثت المتغيرات التي طرأت على المنطقة من احتلال العراق، وانفراط عقد الجيش العراقي، بقرار أمريكي إيراني، ثم فوضى ما بعد ما يسمى الربيع العربي، وتماهي اللاعب الأمريكي مع جماعات الإسلام السياسي على أساس إنها البديل الضامن لحماية إسرائيل، ومع آلة إعلامية ومنصات متعددة للسوشيال ميديا، وتدخل إيراني عبر أدوات متعددة عبر قطر والحوثيين وفصائل مسلحة، في العراق وسوريا ولبنان وتدخل تركي واضح عبر دعم لفصائل إسلامية بسوريا أو غزة ممثلة بحركتي الجهاد وحماس، اللتان شكلتا حاضنة لبقايا تنظيم القاعدة وداعش.
لا زالت الذاكرة واعية لكل الأحداث، رغم أن هناك من يحاول أن يشوه تلك الذاكرة، التي تحمل أسماء شهداء مصر ومصابيها، هؤلاء الشهداء الذين لو جمعت بطولاتهم لما استطاعت أن تحويها مجلدات، يتقدمهم الشهيد المنسي والنقيب علي صبري (الذي جسد دوره الفنان أسر يس في المسلسل) والعديد من الأبطال الكتيبة 103، الذين كتبوا تاريخا مشرفا للعسكرية المصرية، وحافظوا على أرض سيناء التي لها في نفوس العرب مكانة كبيرة وعظيمة، فهي أرض الأنبياء وفيها تجلى رب العزة ومنها وصلت العائلة المقدسة إلى مصر ومنها انتقل آل بيت النبي إلى أرض الكنانة.
جاء مسلسل الاختيار ليمثل واقعا عربيا مرا، بعد عام 2011 والدمار الذي لحق بالعزيزة سوريا وتهجير نحو، 6 ملايين من أبنائها وتدمير نصف البلد تقريبا، ولا زال هذا البلد يعاني الكثير، بعد أن احتشدت على أرضه كل أصناف الشر، وكما هو الحال في سوريا ذاك نفس الحال في ليبيا التي أصبحت مرتعا لكل من هب ودب من المتطرفين والقتلة، ولم يكن حال العراق بالأفضل فقد أعلن فيه قيام ما يسمى، الدولة الإسلامية "داعش" التي ضمت عتات المتطرفين.
ولأن مصر نقطة ارتكاز مهمة في معادلة توازن المنطقة، ولأنها هي الأكبر والأقوى وتملك جيش ذو كفاءة عالية، وتملك مقدرات بشرية كبيرة وموقع استراتيجي جعلها في مقدمة أهداف التنظيم الدولي، الذي قررت قياداته أن تعيد رسم خطة التمكين التي كان هدفها الأساسي سيناء.
وكما كانت سيناء بوابة النصر الكبير في حرب 73، كانت سيناء بوابة لبطولات جيش مصر، ملاحم من البطولات كتب بدماء خيرة شبلب مصر بطولات يشيب لها الولدان، بطولات لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
الاختيار، ليس مسلسل وحسب هو اختيار لأن تكون وتبقى مصر عزيزة مصانة أمانة، وهي قصة اختيار لطريق الحق والخير، وهو اختيار لأن نصحح فهمنا لأهمية خطر جماعات الإسلام السياسي، وأن نتذكر أن دماء أبناءنا وإخواتنا في مصر والعراق وسوريا وليبيا لا زالت في رقبة هولاء.
تحية لأرواح شهداء مصر وللشهيد أحمد المنسي، وكل شهداء الكتيبة 103 صاعقة لذين لهم في العقل العربي معانً إنسانية كبيرة من البطولات والفداء.