النيابة العامة تحدد عقوبة مخترقى الحظر ومستغلى السلع والأدوية
أصدرت النيابة العامة بيانًا أكدت فيه أنه في ظل ما تتخذه مؤسسات الدولة من قرارات وإجراءات لوقاية المجتمع من آثار فيروس "كورونا" المُستَجَد وأضراره، وما توفره لذلك من خدمات وأدوات ومواد وسلع؛ فقد تبين من متابعة المكتب الفني للنائب العام لِمَا يعرض على النيابات من محاضر وبلاغات مخالفة البعض قرارات حظر الانتقال أو التحرك بالطرق.
كما تبين استغلال آخرين الظروف الراهنة للغش بالأدوات والمواد الطبية الوقائية وبعض السلع الاستراتيجية ومستلزمات المعيشة الضرورية، وتخزين كميات كبيرة منها لاحتكارها وبيعها بأزيد من الأسعار الرسمية المُقرَّرة، وعدم الالتزام بغلق المحال- المُقرَّر غلقها- في المواعيد المُحدَّدة لذلك؛ كل هذا محاولة منهم لاستغلال ما تمرُّ به البلاد من ظروف استثنائية للتكسُّب بطريق غير مشروع.
وعلى ذلك؛ فقد وجه النائب العام سائر النيابات بالجمهورية باتخاذ كل الإجراءات القانونية؛ للتصدي لتلك الجرائم ومرتكبيها، والتعاون مع كل الجهات المعنية لتحقيق ذلك، وتقديم الجناة فيها للمحاكمة الجنائية؛ إعمالًا لنصوص القانون التي تعاقب على كلٍ من الآتي:
(1) مخالفة قرار حظر الانتقال أو التحرك بالطرق دون ضرورة مرتبطة بالاحتياجات الطارئة، والتجمعات الطلابية، وقيادة وسائل النقل الجماعية أو الخاصة، فتح المحال التجارية أو الحرفية- المُحدَّدة- أو المقاهي أو محال التسلية أو المطاعم أو وحدات الطعام المُتنقلة أو النوادي أو مراكز الشباب أو صالات الألعاب الرياضية في غير المواعيد المُقرَّرة قانونًا؛ بالحبس والغرامة التي تصل لأربعة آلاف جنيه؛ وذلك بموجب قانون حالة الطوارئ وقرار رئيس مجلس الوزراء في هذا الشأن.
(2) الغش أو- الشروع فيه- لشيء من الأغذية أو العقاقير أو الأدوية أو المنتجات الطبيعية أو الصناعية المعدة للبيع، وبيعها أو طرحها للبيع مغشوشة كانت أو فاسدة أو منتهي تاريخ صلاحيتها؛ بالحبس بين سنة إلى خمس سنوات وغرامة بين عشرة آلاف إلى ثلاثين ألف جنيه، أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر؛ إضافةً لما يجوز للمحكمة القضاء به من غلق المُنشأة المُخالِفة مدة تصل إلى سنة وإلغاء رخصتها؛ وذلك بموجب قانون قمع التدليس والغش.
(3) حيازة وعرض السلع مجهولة المصدر وعدم الاحتفاظ بالمستندات الدالة عليها- مستوردة كانت أو محلية- بحبس لا يقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، فضلًا عن مصادرة المضبوطات؛ وذلك بموجب قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 113 لسنة 1994 بشأن حظر تداول السلع مجهولة المصدر أو غير المطابقة للمواصفات.
(4) احتكار السلع وإخفاؤها؛ بالحبس بين سنة إلى خمس سنوات، وغرامة بين مائة ألف جنيه إلى مليون جنيه، فضلًا عن مصادرة المضبوطات؛ وذلك بموجب قانون التموين.
(5) حبس المنتجات الاستراتيجية المُعَدَّة للبيع عند التداول بإخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها، أو بأي صورة أخرى؛ بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة بين مائة ألف جنيه إلى مليوني جنيه، أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، فضلًا عن مصادرة المضبوطات، وفي حالة العود يكون الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وتُضاعَف قيمة الغرامة؛ وذلك بموجب قانون حماية المستهلك.
(6) بيع السلع المسعرة جبريًا أو محددة الربح بسعر يزيد عن السعر المحدد، أو الامتناع عن بيعها بالسعر المقرر، أو فرض أو تعليق بيعها على شراء سلع أخرى، أو بشروط مخالفة للعرف التجاري؛ بحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من ثلاثمائة جنيه إلى ألف جنيه، فضلًا عن مصادرة السلع وإغلاق المحل ما لا يقل عن ستة أشهر، وتضاعف العقوبة في حدَّيها في حالة العود إلى ارتكاب الجريمة، وتصل العقوبة للسجن الذي قد يبلغ خمس سنوات وغرامة بين خمسمائة جنيه إلى ألفي جنيه إذا سَبَقَ الحكم على الجاني مرتين؛ وذلك بموجب قانون التسعير الجبري وتحديد الأرباح.
هذا ولمَّا كان تكوين ضمائر الأمم وحضاراتها في العالم بأسره وامتثالها للقوانين مُندَمِجًا بأصولها الثقافية والدينية.
ولما كانت تلك القوانين قائمة على معنى العدل المستقي من تعاليم الأديان؛ فقد كان لزامًا على النيابة العامة كلما دَعَت الضرورة لذلك أن تركن في بياناتها لاستدلالات دينية تؤكد على احترام الأمة للقانون وتطبيقه بصورة سليمة.
إذ إن وعي هذا البلد وضميره وأمنه الاجتماعي القومي قد تأسس ابتداءً على مكارم الأخلاق المُنبعثة من معايير وقِيَم وُضِعَتْ بناء على تعاليم الأديان السماوية التي تنعم بلادنا في ظلها؛ تلك الأديان التي اجتمعت على مكارم الأخلاق والحلال والحرام في التعاملات؛ فلا مراقبة الأجهزة الأمنية ولا المعاقبة القضائية وحدهما يكفيان؛ بل لا بد أن تندمج معهما عقيدة الثواب والعقاب الدينية كرادع حقيقي عن ارتكاب الجرائم.
وعلى هذا؛ فإن النيابة العامة تشير إلى وجوب الالتزام بالقوانين واللوائح التي يفرضها ولاةُ الأمر- خاصة في مثل الظروف الراهنة- لدفْع الضرر والأذى عن الناس- ولو احتمالًا- وتعزير من يُخالفها؛ وذلك تأسيسًا على ما أقرَّه الرسولُ الكريمُ- صلَّى الله عليه وسلم- بقوله "لا ضَررَ ولا ضِرار"؛ (رواه الإمام مالك في المُوَطَّأ)، وقد نهى الله عز وجل عن الغش والتدليس في الأسواق والبيوع؛ بقوله في كتابه العزيز "وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا المِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ". (سورة هود: الآية ٨٥)، وكذا نَهَى الرسولُ- صلى الله عليه وسلم- عن الغش بقوله "من غَشَّنا فليس منَّا" (رواه مسلم)، ونَهَى كذلك عن كل وسيلة لزيادة الأسعار على المستهلكين بغير حق بقوله "من دَخَلَ في شيءٍ من أسعارِ الناس لِيُغْلِيَهُ عليهم فإنَّ حَقًّا على اللهِ أن يَقْذِفَهُ في النَّار"، أو كما قال صلى الله عليه وسلم. (رواه الإمام أحمد في مسنده).