لا أتمناه مصريًا خالصًا
لا تندهش إذا لم أصادف هواك فأكتب عن الضيف البيولوجى الثقيل، فإن كنا أمام أزمة عالمية بكل معنى الكلمة، فلا أقل من الهدوء والتعامل معها بوعى، حتى لا نشارك جميعًا فى الوصول بها إلى حد الكارثة، وجزء من الوعى أن نواصل حياتنا بشكل طبيعى، ولكن مع قليل من إجراءات احترازية لن تضر فى كل الأحوال، ومعها قليل من ثقافة صحية مهمة ومطلوبة وضرورية حتى فى غياب الأوبئة، كن فاعلًا وأدِ دورك فى مواجهة الفيروس، ولا تكتف بأن تكون مجرد مفعول به ينتظر تعليمات يشكك فى مصداقيتها ألف مرة قبل أن ينفذها، ٧٠٪ من المصابين بـ«كورونا» حتى الآن فى الصين تعافوا.
نعود لما لا أتمناه مصريًا خالصًا، نهائى كأس دورى الأبطال الإفريقى، فلأول مرة منذ سنوات يصل الأهلى والزمالك إلى الدور نصف النهائى، فى مواجهة مصرية مغربية نترقبها بحذر تاريخى معتاد، يلاقى فيها الأهلى الوداد، بينما يواجه الزمالك الرجاء، وفرص أن تجمع المباراة النهائية الأهلى والزمالك قائمة، يزيد من حرارتها أن المباراة النهائية للبطولة، صارت مباراة واحدة على أرض محايدة، ورغم أن هناك مشاعر طيبة مرهفة لجماهير كل من الفريقين، صاحبت غريمه أمام منافسه فى مباريات دور الثمانية، وتمنت النهائى بعد صعودهما مصريًا خالصًا، لتسود مصر إفريقيا كرويًا من جديد، لكن ثق وتأكد أن ما فى القلب يبقى فى القلب حتى حين.
لا تدع «كورونا» ينسيك مهزلة السوبر المصرى الأخير فى الإمارات، والتى لعب فيها نجوم الفريقين بطولة مطلقة، لم تنجح إلا فى إزعاج بلد مُضيف، وإحراج مصريين مغتربين يشتاقون لـ«ريحة الحبايب»، وعكننة مزاج متابعين لم يستمتعوا بمباراة تليق بقطبى الكرة المصرية، حتى فوجئوا بسقطة أخلاقية مشتركة، وصمت الجميع بعارٍ لا تزال بصمته حاضرة بالقلوب، وأسترجع فى الوقت نفسه أحداث مباراة أهل القمة التالية فى الدورى، يوم أن صارت تقلبات الطقس عاصفة، إلى حد عودة أتوبيس فريق الزمالك إلى مقر النادى، كما خطط مُرتضاه، بينما ينتظره فريق الأهلى ومعه طاقم تحكيم أجنبى على ملعب استاد القاهرة، فى مشهد هزلى سخيف، فلا تنسَ، خاصة أن أمواج الكوميكس المصاحبة لا تزال هادرة، تغيب قليلًا لصالح «كورونا»، لكن سرعان ما تستعيد صدارة المشهد، الفيروس وباء عالمى صحيح، لكن كفة الأهلى والزمالك راجحة لا محالة، والتعصب إقصائى حاد، وفى أبهى صوره لدى جماهير الفريقين، فى مثل هذه المناسبات الإفريقية زمان، كانت جماهير الفريقين مصرية بحق، تقف خلف كل فريق وقفة من القلب، بطولات عديدة لكلا الفريقين، أسهم فيها جمهور الفريق الآخر بروح وطنية خالصة، أذكر منها كأهلاوى مباراتين تاريخيتين للزمالك فى مواجهة جيت الجزائرى وشوتنج ستارز النيجيرى، ومثليهما للأهلى أمام كوتوكو الغانى وكانون ياوندى الكاميرونى، التعصب كان موجودًا ولكنه محدود، أما الآن فقد صار مجنونًا وكارثيًا.
صحيح أن تداعيات «كورونا» تضع مصير بطولة هذا العام برمتها فى مهب الريح، وأقله أن تُقام المباريات المتبقية جميعها دون جمهور، إلا أن جماهير الفريقين تستطيع دومًا خلق ملاعبها الخاصة، وبكل أجوائها، وما أكثر المقاهى فى مدن وشوارع المحروسة، وهى فى الغالب لا ضابط لها ولا رابط، والاحتقان متراكم يملأ النفوس، ولا ينتظر إلا طفحًا خطورته وقتها لن تقل عن خطورة «كورونا» القاتل، ولا أغفل تأكيد أن مباريات الأهلى والزمالك معًا لم تعد أبدًا ممتعة، غابت عنها المتعة منذ سنوات، لا أذكر بالفعل آخر مباراة لهما كانت تستحق وصف «مباراة القمة» التاريخى، لكل هذه الأسباب وغيرها، لا أتمناه مصريًا خالصًا.