«قصة الثروة في مصر» كتاب جديد عن دار ميريت
صدرت حديثا طبعة مزيدة ومنقحة من كتاب "قصة الثروة في مصر" للباحث والكاتب الصحفي الدكتور ياسر ثابت، يرصد الكتاب الذي يقع في 621 صفحة من القطع الكبير، أسرار الثروة في مصر على مدى فترة زمنية تمتد من نهايات القرن الثامن عشر حتى وقتنا الحاضر، ويقدم مرجعًا موثقا لا غنى عنه لكل من يهتم بتاريخ مصر المعاصر.
في مقدمة كتابه الصادر عن دار ميريت، يقول الدكتور ياسر ثابت "عن ستة حروف يتحدث هذا الكتاب: الثروة، هذه الحروف الستة حكمت مصر، وحرَّكت الأحداث مثل مسرح العرائس، وأقامت نهار المحروسة، ولم تقعد ليلها حتى الآن، لم تكن الثروة في مصر ترفـًا، بل طرفـًا في كل شيء: الحروب والمقاومة، الصناعة والزراعة، التحالف والصراع، الفرد والعائلة".
بداية، يشير المؤلف إلى أن الأغنياء الحقيقيين في مصر أشباح بلا أسماء، وبعض الأغنياء البارزين واجهات لآخرين، أو أن أرقام ثرواتهم مكذوبة. كما يوضح أن معظم الأغنياء المصريين، أو من أصول مصرية، حققوا أموالهم في أسواق غير منتجة أو بأسلوب اقتناص الريع، وتداول الأصول المعروضة بدلًا من الإنتاج. والظاهرة المقلقة في تقدير مؤلف الكتب هي تعاظم الثروات الفردية من دون أن يضطلع كثير من أصحابها بمسئولية اجتماعية ودور ملموس في العمل الخيري لصالح المجتمع.
يقول الدكتور ياسر ثابت "تحدثت مصر عن أول مليونير إبان الحملة الفرنسية - الشيخ حسن طوبار- ثم شهدت أول ملياردير في عهد مبارك". ثم أوضح أن طوبار كان واسع الثروة والنفوذ محبوبًا من سكان إقليمه، وكان في حالة من الرواج كفيلة بأن تقعِده عن اتخاذ موقف يمكن أن يهدد ثروته، لكنه فضَّل عز مقاومة المحتل الفرنسى عن ذل العيش في بحبوحة تحت حكم الغاصب المحتل، حيث قدَّر أحد جنرالات الحملة الفرنسية ثروة الشيخ طوبار "بأنها في حدود خمسة ملايين فرنك سخَّرها كلها لمقاومة الفرنسيين منذ بداية الحملة تقريبًا".
وتحدّث المؤلف عن محمد علي باستفاضة، موضحـًا أن هذا الوالي الجديد تعامل مع مصر كلها على أنها أملاكه، وكان شديد الحزم، حتى إن عقاب التأخير في توريد المحاصيل للحكومة وصل أحيانًا إلى الإعدام، إلا أن اهتمام محمد علي بماله وأملاكه -التي اتسعت لتشمل أرض مصر- لم يكن بالنسبة للمصريين شرًا مطلقـًا، كما لم يكن خيرًا مطلقًا (كما يقول الكاتب) فقد كان همُه أن ينشىء في مصر جيشـًا وصناعة وتعليمـًا وغيرها من أسباب الحضارة والمجد، حيث شق الترع، وأنشأ الجسور والقناطر والسدود وأوفد عددًا من الطلاب المصريين إلى الخارج لدراسة فن الزراعة وغيره من العلوم المختلفة."
وجاء عصر إسماعيل الذي "ولد فيه أشهر رجال المال والأعمال في ذلك الزمان"، وفي مقدمتهم اليهود الذين كانوا "يبحثون عن المال فوق الأرض وتحتها أيضـًا"، فقد أسس اليهودي إميل عدس الشركة المصرية للبترول في بداية عشرينيات القرن العشرين، كما احتكر إيزاك ناكامولي تجارة الورق في مصر، واحتكر اليهود معظم مجالات التجارة والصناعة إلى جانب العقارات والأراضي الزراعية، واستطاعوا تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بلغت ذروتها في الفترة من عام 1940 حتى عام 1946.
ويستعرض الكاتب تاريخ ثروة اليهود في مصر حتى خروجهم منها، وانتقل الكاتب إلى الجالية اليونانية، ومنهم كوتسيكا الذي أنشأ مصنعـًا للكحول في منطقة طره، والذي كانت ثروته (قبل بزوغ القرن العشرين) تقدر بأربعة ملايين جنيه، ويضيف أن قوائم الأغنياء في مطلع القرن العشرين شهدت أسماء مصريين مثل أحمد المنشاوي باشا، وهو من أعيان الغربية، وقدرت ثروته بنحو مليوني جنيه، وكان الحس الوطني واضحـًا في أعمال الخير لديه. ومن أثرياء مطلع القرن العشرين يذكر المؤلف فخري بك عبد النور، وعمر سلطان، وإدريس بك راغب، والأمير عزيز حسن حفيد الخديو إسماعيل ومؤسس نادي السيارات، يضاف إليهم البارون البلجيكي إدوارد لويس جوزيف إمبان مؤسس ضاحية مصر الجديدة، وصاحب قصر البارون الشهير.
أما أول قائمة مرتبة للأغنياء المصريين فقد ظهرت بعد تأسيس بنك مصر عام 1920 وكان ترتيبها كالتالي: الأمير عمر طوسون، الأمير أحمد سيف الدين، الأمير يوسف كمال، الشواربي باشا، البدراوي باشا، علي شعراوي باشا، علي فهمي المهندس، ميشال سرسق، حبيب باشا سكاكيني، ميرزا، محمود سليمان باشا، محمود خليل باشا، الذين روى الكاتب قصة كل منهم بالتفصيل.
وأفرد الدكتور ياسر ثابت فصلًا في كتابه بعنوان "ثروات الرؤساء.. فتش عن الأنجال" تناول فيه رؤساء مصر بعد الثورة، بدءًا بمحمد نجيب الذي مات وحيدًا ولم يعش أحد من أبنائه حياة كريمة، ثم جمال عبد الناصر الذي قال مقربون منه "إنه ألزم نفسه بألا يملك أرضـًا أو عقارًا، وكان رأيه أن الحاكم في مصر لا يجوز له أن يمتلك لأنه بذلك يفقد قدرته على التعبير.