فادي عاكوم يكتب: راجل وست ستات
أبصرت الحكومة اللبنانية النور بعد مخاض ليس بطويل والتي كان لافتا فيها انها حكومة من لون واحد، ورئيس جديد، وأكبر عدد من السيدات الوزيرات في تاريخ الحكومات اللبنانية، وربما أراد من وقف خلف عملية التشكيل والتأليف الخروج بحكومة مميزة بعض الشيء بعد الانتقادات العاصفة التي واجهتها منذ تسريب بوادر الشكل واللون.
رئيس الحكومة حسان دياب كان اول مفاجاة بالحكومة، كونه كان خارج الدائرة السياسية الأولى ويعتبره البعض من الدائرة الثالثة او الرابعة، ولا تاريخ سياسي له الا توليه حقيبة وزارية لأشهر معدودة، وكان لافتًا وقتها محاولته التقرب من ايران وبالتالي من حزب الله من خلال محاولته ادخال المناهج الدراسية الايرانية في المناهج اللبنانية، ويبدو ان هذه المحاولة نجحت فأسفرت عن اختياره بعد احجام غالبية سياسيي الطائفة السنية عن تشكيل حكومة في هذه المرحلة السياسية الأخطر في تاريخ لبنان، ورغم محاولات تلميع اختياره والترويج بانه مستقل وسيشكل حكومة باستقلال تام عن الأحزاب الحاكمة، الا ان وقائع تشكيل الحكومة ترافقت مع انسحاب للعديد من الاحزاب على راسها تيار المستقبل الذي يترأسه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وتيار القوات اللبنانية الذي يرئسه سمير جعجع بالاضافة الى كتلة وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وبالتالي اصبحت الساحة فارغة لاحزاب السلطة اي حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر وتيار المردة والحزب القومي السوي الاجتماعي واللقاء التشاوري، او باختصار حلفاء حزب الله، وحتى هذا التكتل تنازع اعضائه الحقائب الوزارية ووصل الخلاف الى مرحلة لم يشهدها لبنان من قبل من قبل حلفاء الحزب، خصوصا بين سليمان فرنجية زعيم تيار المردة وجبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر كون الرجلين يطمحان بالوصول الى الكرسي الرئاسي.
فاتت الحكومة على غير ارادة الشارع الذي اراد حكومة مستقلة، فكانت التسميات من قبل حلفاء حزب الله من مختصين وحزبيين ومناصرين، اي ان لا شيئ تبدل رغم الاشهر الثلاثة التي تشكل عمر الثورة في لبنان، وحتى الوزارات السيادية تم توزيعها فيما بينهم بكسر لكل الاعراف السياسية المعمول بها والتي كانت تضمن حقوق التمثيل الطائفي والسياسي بشكل عادل.
وبالتالي فانه من غير المتوقع ان تقوم الحكومة باي اجراءات ترضي الداخل اللبناني ومعه المحيطين الاقليمي والدولي، خصوصا وان مجموعة دعم لبنان طلبت صراحة من الحكومة الجديدة القيام باصلاحات جذرية على الصعيد المالي والسير بمكافحة الفساد، والاهم البقاء على حياد فيما يتعلق بالصراعات الاقليمية وتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بحصر السلاح بالجهات الشرعية وسحبه من الاحزاب وهو ما يشير الى ضغط دولي صريح بشان سلاح حزب وربطه باي دعم قد يتلقاه لبنان في المستقبل القريب لانقاذ اقتصاده المنهار فعلا.
اما ثوار لبنان فقد بات موقفهم معروفا برفض التشكيلة الوزارية الجديدة كونها تمثل نفس الاطراف التي ثاروا ضدها، ولهذا لا يأملون منها اي جديد خصوصا في ملفات الفساد واسترداد الاموال المنهوبة.
ولا يتبقى لرئيس الحكومة سوى التغني بتشكيلته التي يصر انها تمثل الثوار رغم غيابهم التام عنها، والتغني ايضا باكبر حصة نسائية، وهي امور ظن هو ومن رشحه بانها ستكون ادوات لتحويل الانظار في ظل انكشاف كافة اوراق اللعبة السياسية بشكل تام وكامل، مع دخول الاحزاب التي كانت تشكل فريق 14 اذار المعركة بشكل مباشر بالانسحاب التام من الحكومة والتي يتوقع بان يحدثوا بلبلة سياسية في البرلمان خلال مناقشات اعطاء الثقة للحكومة، علما ان الفريق الحاكم قد يوصل الحكومة للثقة من خلال الدائرة التي احاط نفسه بها من احزاب صغيرة موالية بشكل تام له.
وباختصار ما لن يستطيع حسان دياب القيام به، هو عدم ادراج شرعية سلاح حزب الله في البيان الوزاري المنتظر، بالاضافة الى عقم تحركاته الاقتصادية الخارجية بسبب الموقف الاقليمي والدولي من الحزب وادراجه كمنظمة ارهابية، كما لن يستطيع فتح ملف الاموال المنهوبة والمهربة الى الخارج ومعه ملفات الفساد، كما ان مسالة القيام بانتخابات نيابية مبكرة بعد تعديل قانون الانتخاب الحالي يعتبر سرابا.
ولن يتبقى لهذه الحومة الجديدة الا انها ستكون الاقصر عمرا بين الحكومات اللبنانية مع توقعات بتغييرها قريبا، بالاضافة الى انها حكومة "راجل وست ستات".