ما بين الإنجازات ومحاولات الإحباط
دائمًا ما يواكب أى تطور أو إنجاز تحققه الدولة المصرية حدوث حالة من الهلع والارتباك فى صفوف تلك الدول والأجهزة التى تضمر الشر لنا، حيث تسارع إلى التشكيك فى نتائج هذه التطورات وتلك الإنجازات بل ومحاولة التقليل من نتائجها الإيجابية، وانعكاس ذلك على الدولة بصفة عامة والمواطن المصرى بصفة خاصة.
إننا نرى اليوم حراكًا سياسيًا ناجحًا ومؤثرًا على المستوى الداخلى تقوده بعض الأحزاب السياسية وكذلك وسائل الإعلام المختلفة، يشارك فيه العديد من رموز المعارضة الوطنية الشريفة، التى تهدف إلى تحقيق مصلحة المجتمع من خلال طرح الأفكار والمقترحات البناءة، التى يمكن أن تحقق ذلك بالفعل. يأتى هذا فى الوقت الذى يقوم فيه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بافتتاح العديد من المشروعات العملاقة والإنجازات العظيمة، التى سوف يكون لها مردودها الإيجابى على الدولة المصرية خلال المرحلة القادمة بإذن الله. فى ذات الوقت نرى تلك التغيرات فى الأداء الإعلامى والحزبى بل وأداء السادة نواب الشعب فى البرلمان، وهم ينتقدون عمل بعض الوزراء ويطالبونهم بتقديم كشف حساب عما قدموه خلال فترة توليهم الحقيبة الوزارية.. بل ونرى الإعلام وهو يستضيف رموزًا للمعارضة، وهى تتحدث فى منتهى الحرية والشفافية دون أن توجه لها اتهامات بالخيانة أو السعى لإحداث فتنة فى البلاد أو بين العباد، ولكن من منطلق أن النقد البناء يُسهم بلا شك فى رفعة الوطن وتلافى الأخطاء والتجاوزات التى قد تكون موجودة فى المنظومة التنفيذية أو المحلية.
بطبيعة الحال فإن تلك المتغيرات الإيجابية التى تشهدها البلاد حاليًا قد جاءت على غير هوى أهل الشر، الذين يتربصون لأى واقعة أو حدث، محاولين استثماره لتصدير صورة سلبية عن الأوضاع الداخلية فى مصر، التى وبحق تشهد حاليًا حالة من الاستقرار والهدوء السياسى والأمنى ونموًا فى مؤشرات الأداء الاقتصادى والاجتماعى والصحى أشاد به المجتمع الدولى فى كل التقارير التى تصدر عن المنظمات العالمية. ولعل حالات الانتحار الفردية التى وقعت مؤخرًا فى مصر، التى لم تتعدَّ ثلاث حالات حتى الآن، أعطت الفرصة لأبواق الفتنة والخيانة لكى تبث سمومها لدى الشارع المصرى من خلال شبكات التواصل الاجتماعى والحسابات الوهمية على صفحات السوشيال ميديا، وتحاول أن تعطى انطباعًا بأن تلك الحوادث تمثل ظاهرة بين الشباب المصرى نتيجة للإحباط أو الفشل، فى حين أن الحقيقة على غير ذلك نهائيًا، حيث كان واحد من الذين فقدوا حياتهم بالانتحار طالبًا متفوقًا فى كلية الهندسة، والثانية أيضًا طالبة متميزة فى كلية الصيدلة، وجميع المؤشرات تؤكد أن كليهما كان يمر بحالة مرضية نفسية نتيجة اكتئاب أصابه وكان يعالج منه. وعندما تصدينا للرد على القنوات والأبواق الإخوانية، التى تبث تلك السموم من الأراضى التركية، وجدنا أن آخر خمس سنوات شهدت تركيا ٦٠٨٥٠ حالة انتحار بمعدل ١٢١٧٠ حالة فى السنة، مع ملاحظة أن عدد سكانها ٨٢ مليون نسمة.. أما العام الأخير فى مصر فقد شهد ١٦٠٠ حالة فقط نتيجة الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية مع ملاحظة أن عدد السكان ١٠٠ مليون نسمة.. كما لاحظنا أن معدل الانتحار فى تركيا زاد خلال السنة الماضية نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، بينما تراجع هذا المعدل فى مصر مع مؤشرات التحسن الاقتصادى، بيد أن تلك الأبواق تحاول أن تقوم بتوظيف تلك الحوادث الفردية سياسيًا فى محاولة يائسة لتأجيج الرأى العام، وهو ما نجحنا فى التصدى له منذ بداية تلك المحاولات، وأحبطنا هذا المخطط كما نجحنا فى السابق فى إحباط العديد من المحاولات اليائسة التى تحاول دائمًا أن تؤثر على ترابط الشعب المصرى وتماسكه ومواجهته حروب الفتن المختلفة.. وقد كان الشعب المصرى بكل أطيافه هو البطل الحقيقى لإفشال تلك المخططات نتيجة الوعى الذى اكتسبه وولائه المطلق للوطن.
إننى أناشد كل المسئولين فى الدولة المصرية، كل من نطاق اختصاصه وموقعه، أن يتعامل مع تلك الحالات على الرغم من محدوديتها بجدية وحسبان، لأن ذلك يعد مسئولية مجتمعية يجب أن نتشارك فيها جميعًا، بدءًا من الأسرة وانطلاقًا إلى المسجد والكنيسة والمدرسة والجامعة وجهات العمل المختلفة، لكى نوجه الشباب بضرورة مواجهة مشكلات الحياة وصعوباتها بإيجابية.. وألا نركن إلى روح اليأس والإحباط الذى يولد الاكتئاب المؤدى بدوره إلى تلك المحاولات البائسة للانتحار.. يجب أن نقنع المرضى منهم بضرورة التداوى والعلاج دون خجل أو تردد.. فالمرض النفسى هو أحد جوانب الأمراض مثله مثل المرض العضوى.. كلاهما يصيب الإنسان وكلاهما يمكن العلاج والشفاء منه.
إن الشباب هم ذخيرة المجتمع المصرى، ومن هنا فإن المسئولية تُحتم علينا أن نرعاه ونحافظ عليه ونحتضنه ونتصدى لمشكلاته ونعالجها أولًا بأول، حتى يُسهم فى بناء الدولة المصرية الجديدة القوية بسواعده وسواعد جميع أبناء الشعب المصرى الأصيل.
وتحيا مصر..