الإرادة السياسية ودعم حقوق الإنسان
اعتادت منظمات حقوق الإنسان، التى تمثل واجهات شرعية، سواء فى الداخل أو الخارج، أن تبحث عما يكفل للإنسان حقوقه وحرياته فى المجتمعات التى يعيش فيها بل وتسهم أحيانًا فى وضع التصورات والآليات التى من خلالها يمكن تحقيق ذلك.
فى حين أننا نجد هناك منظمات أخرى مشبوهة تخضع لسيطرة وهيمنة دول وأجهزة استخباراتية تقوم بتمويلها وتوجيهها لاختراق دول أخرى تناصبها العداء وتحاول إحداث توترات داخلية بها، وتقوم بتصدير صورة ذهنية غير صحيحة للمجتمع الدولى عن عدم احترام الحقوق والحريات التى تتمتع بها شعوب تلك الدول، وكذلك القيام بممارسات أخرى كالتعذيب والإقصاء، وذلك للتأثير على الرأى العام العالمى بغرض إدانة أو انتقاد سياسات هذه الدول، الأمر الذى يجعل هناك فرصًا لتوجيه اتهامات دولية لها بانتهاك وعدم احترام حقوق الإنسان بها، وبالتالى تؤدى إلى توقيع عقوبات عليها.
وفى إطار ما تواجهه الدولة المصرية حاليًا من محاولات يائسة وبائسة من بعض تلك المنظمات المأجورة، التى وصلت سيطرتها إلى حد جعل برلمان الاتحاد الأوروبى يقوم مؤخرًا بإصدار بيان يشير فيه إلى أن هناك أوجه قصور فى مصر فى مجال حقوق الإنسان.. وأيضًا فى إطار رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى التى تتعرض دول منه لنفس الأسلوب، فقد كان السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أول من بادر باستضافة مصر اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، حيث أوضح لأعضائها تلك الإنجازات التى حققتها مصر فى مجالات حقوق الإنسان الخمسة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك ما قدمته الأجهزة المعنية فى مصر إلى المنظمات الدولية المختصة، وهو ما يؤكد مدى جدية الدولة فى الالتزام بتعهداتها الدولية، احترامًا لمكانة مصر فى المجتمع الدولى.. كما شدد سيادته على دعم الدولة المصرية مفهوم حقوق الإنسان الذى يتضمن جميع المحاور الاقتصادية والاجتماعية والصحية والمعيشية والتعليمية وغيرها.. مع عدم اختزال تلك الحقوق فى الجوانب السياسية فقط، الأمر الذى تحاول بعض المنظمات المأجورة إثارته دائمًا.. وقد كان سيادته حريصًا على أن يؤكد على الوعى المصرى لتلك المحاولات الخبيثة التى تهدف إلى نقل صورة سلبية عن الأوضاع الداخلية فى بعض دول القارة الإفريقية، وذلك لتأليب الرأى العام العالمى ضدها فى المحافل الدولية.
والواقع أن الدولة المصرية قد تنبهت بالفعل لتلك المحاولات التى تتزايد كلما حققت مصر تقدمًا فى أى مجال من مجالات التقدم والازدهار.. ولعل الردود التى قامت بها وزارة الخارجية المصرية والهيئة العامة للاستعلامات مؤخرًا على بيانات بعض تلك الجمعيات وكذلك على بيان برلمان دول الاتحاد الأوروبى، الذى يشكك فى احترام مصر تلك الحقوق والحريات، كان هو الرد الأنسب والأوضح، حيث تناول فيه كشف تلك القوى الخفية التى تحرك الأحداث داخل هذا الكيان الأوروبى والتى تؤثر على قراراته بما يحقق الأهداف السياسية الهدامة لتلك القوى وبعض الدول الأخرى.
فى ذات الوقت، فقد تمكنت جماعة الإخوان الإرهابية من إنشاء عدد من تلك المنظمات بأسماء مصرية فى كل من سويسرا وتركيا وإنجلترا، محاولين من خلالها التأثير على الرؤية الدولية لموقف الدولة المصرية الإيجابى من قضايا حقوق الإنسان، حيث يتم تدعيم تلك المنظمات من خلال الدول الراعية للإرهاب والهادفة إلى تفكيك المجتمع أو تعطيل القانون أو إثارة النعرات الطائفية أو الانفصالية أو التدخل فى الشأن الداخلى للدولة لإدراك غاية خبيثة تنال من استقرار الدولة وتثبيت أواصرها.
وفى هذا الإطار، فقد قامت مصر مؤخرًا بالاستعداد لتقديم التقرير الدورى الذى سوف يتم عرضه على مجلس حقوق الإنسان فى جنيف خلال الأيام المقبلة.. حيث شارك فى إعداده جميع الوزارات المعنية والجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى وأيضًا منظمات حقوق الإنسان المصرية، وذلك لعرض الجهود التى بذلتها الدولة المصرية فى دعم وتعزيز احترام الحقوق والحريات منذ عام ٢٠١٥ وحتى منتصف ٢٠١٩.
وقد تضمن التقرير الالتزام بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، سواء المدنية أو السياسية وكذلك الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تناول قضايا تمكين المرأة وحقوق الطفل وذوى الإعاقة، وكذلك تمكين الشباب ومكافحة الفساد والهجرة غير الشرعية واللاجئين والمغتربين والاتجار بالبشر ومكافحة الإرهاب ونشر ثقافة حقوق الإنسان لدى الفئات والجهات والأجهزة المختلفة فى المجتمع المصرى، وكذلك التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان.
وهنا نرى أن التقرير قد تناول ١٤ محورًا رئيسيًا من المحاور التى تهتم بها جميع منظمات حقوق الإنسان المحترمة بصفة عامة وتلك التابعة للأمم المتحدة بصفة خاصة.. وأزعم أن تلك الجهود التى تقوم بها الحكومة المصرية وجميع الأجهزة المعنية بها هى محاولات حقيقية وصادقة بغرض تحقيق الأهداف المطلوبة من وراء تطبيق تلك المحاور، وإننا قد قطعنا بالفعل شوطًا ملموسًا على الطريق الصحيح تمكنا من خلاله من تحقيق قدر كبير من الاستقرارين الأمنى والمجتمعى، وكذلك المضى قدمًا لتنفيذ خطط التنمية والإنجازات المتنوعة خلال فترة زمنية قصيرة، بالرغم من كل التحديات والصعوبات والمخاطر التى تواجهنا حاليًا، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف الدينى، وصولًا لتحقيق الارتقاء بمستوى المواطن المصرى فى جميع مجالات الحياة ومن بينها مجال احترام وتعزيز حقوق الإنسان.. ومن الواضح أن الجهود المخلصة التى بذلت لإعداد هذا الملف قد تم تدعيمها من خلال إرادة سياسية مصرية صادقة تهدف إلى حماية الإنسان ومكتسباته، التى تحققت وما زالت تتحقق على أرض الواقع يوميًا، وهو ما خلق شعورًا حقيقيًا لدى المواطن المصرى بتقدير تلك الجهود وأيضًا تقدير القيادة السياسية، التى لا تدخر وسعًا ولا جهدًا لتحقيقها.
وتحيا مصر.