إنجازات.. وتضحيات
تنوعت الجرائم التى يتعرض لها المجتمع المصرى حاليًا، حيث أرجع جميع الخبراء ذلك لاختلاف المناخين الاجتماعى والثقافى اللذين يعتريان هذا المجتمع حاليًا، نتيجة تلك الحالة من الاغتراب التى نشهدها منذ أكثر من ثلاثين عامًا من التسيب والتجريف والإهمال واللامبالاة، بالإضافة إلى تردى التعليم والثقافة.. ما نراه اليوم أمر كاشف وليس منشئًا، الأمر الذى يلقى على الجهات الأمنية المخلصة عبئًا ثقيلًا لمواجهة تلك الحالة.
وعلى الرغم من حجم الإنجازات التى تتحقق نجد أن هناك هجومًا على النجاح بدلًا من أن يكون على السلبيات، مستغلين فى ذلك بعض الأحداث الفردية لإثارة البلبلة والتشكيك فى الدولة وأجهزتها وضرب الاستقرار.. والغريب أن من يقوم بتلك الحملات العديد من الشباب المغرر بهم، الذين أصبحوا أداة سهلة فى السيطرة عليهم من شبكات التواصل الاجتماعى التى يسيطر عليها أهل الشر والعديد من الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية المعادية لنا.. دون أن يحاولوا مجرد التفكير فى صحة ما يقومون بترويجه على تلك الشبكات.. وكان آخر تلك المحاولات ما يتم ترويجه حاليًا بين مجموعة مجهولة من الفتيات اللائى يدعون إلى التظاهر يوم ١٩ من الشهر الحالى، والذى تحدد وفقًا لمناسبة ميلاد الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث أعلنت بعض الفتيات عن قيام حركة تسمى «حركة ١٩ نوفمبر»، وظهرن على شبكات التواصل الاجتماعى يرددن نفس شعارات جماعة الإخوان الإرهابية إبان أحداث يناير ٢٠١١.. وبالرغم من سذاجة تلك الدعوة وتفاهة أسلوبها، لكننا يجب ألا نتركها تمر دون كشفها والتصدى لها والوقوف على الأسباب الخبيثة من ورائها.
يأتى هذا امتدادًا لمحاولات قوى الشر لزرع الفتنة وإحداث الوقيعة بين الشعب ومؤسساته المختلفة، وكذلك التشكيك فى تلك النجاحات التى تتحقق يومًا بعد يوم ومحاولات تصيد الأخطاء الفردية، وتصويرها على أنها منهج وأسلوب سائد فى المجتمع المصرى.. نجد أن هناك إنجازات تتحدث عن نفسها ولا تجد من يتحدث عنها.. حتى إن بعض تلك الإنجازات تأتى على شكل خبر عابر وعادى قد لا يستوقف القارئ أو المتابع لينتقل منه إلى خبر أكثر إثارة وهيافة قد يتعلق بمطرب من الدرجة الرابعة أو لاعب كرة يشترط الحصول على الملايين، لكى ينضم لهذا النادى أو ناد آخر أو زواج وطلاق فنانة، وغيرها من تلك الأخبار التى تعطى انعكاسًا سلبيًا عن اهتمامات الشباب والمجتمع فى تلك المرحلة المهمة التى تمر بها الدولة المصرية.. حتى إن البعض منهم لا يتابع ما يدور حوله من أحداث مؤثرة بالفعل على مسيرة الدولة، وهذا ما نشاهده أحيانًا عند مناقشة بعض الشباب عن تلك الإنجازات التى تتحقق وهذه المجهودات التى تبذل لتخلق لهم مستقبلًا واعدًا ومشرقًا، وهو ما يتطلب تضافر جهود جميع المؤسسات الإعلامية والثقافية والاجتماعية والتعليمية، لكى تبرز تلك الإنجازات والنجاحات بشكل يعيد للمواطن المصرى، خاصة الشباب ثقته وارتباطه بوطنه. ولعل من تلك الأخبار التى تم نشرها بشكل عابر، وكأنها مجرد أخبار تقليدية، تلك النجاحات الأمنية والضربات الاستباقية التى حققتها أجهزة الشرطة خلال الأسابيع القليلة الماضية، والتى استطاعت من خلالها القضاء على العديد من العناصر التكفيرية التى كانت تتأهب للقيام بعمليات إرهابية مؤثرة لولا يقظة رجال الأمن الذين استطاعوا إجهاض تلك المخططات، وهذه العمليات قبل القيام بها. ومن هذه العمليات الناجحة على سبيل المثال لا الحصر خلال شهر يونيو تمت تصفية ١٤ إرهابيًا داخل أحد المنازل المهجورة فى حى المساعيد بالعريش كانوا متورطين فى مهاجمة الكمين الأمنى فجر يوم ٥ يونيو، والذى أسفر عن سقوط ٨ شهداء من رجال الشرطة البواسل. أما يوم ٢٩ أكتوبر فقد أعلنت الأجهزة الأمنية عن تصفية ١٣ إرهابيًا وبحيازتهم أيضًا كميات كبيرة من الأسلحة وكانوا على وشك القيام بعملية نوعية كبيرة. والغريب هنا أن وسائل الإعلام تناولت تلك العمليات الناجحة والمبهرة فى نتائجها والتخطيط لها وكأنها تتحدث عن خبر يتعلق بحدث عابر.. وهنا أتساءل: ماذا لو أن إرهابيًا واحدًا فقط نجح فى الهروب من تلك المداهمات وقام بعملية إرهابية أو بتفجير حزام ناسف كان يرتديه وأسفر ذلك عن سقوط بعض الضحايا من القتلى والمصابين؟.. ألم يكن ذلك مدعاة لأن تهاجم جميع وسائل الإعلام الأجهزة الأمنية وتتهمها بالقصور والتقصير، ويظهر الخبراء الأمنيون ليتفننوا فى إظهار قدراتهم الخارقة على تلافى تلك الجريمة من خلال تنظيرهم وتحليلاتهم البعيدة تمامًا عن أرض الواقع؟ وها هو النقيب باسم فكرى، رئيس مباحث مركز قوص بمحافظة قنا، قد سقط شهيدًا أثناء مشاركته فى حملة أمنية لضبط الخارجين على القانون هناك، ولم نسمع من يندد بتلك الواقعة، ولا من ينادى بحق الشهيد، ولا منظمات حقوق الإنسان، وجاء خبرًا عابرًا، وأغلب الظن أنه لم يلفت النظر إليه أصلًا. قد لا تعلمون مدى ما يصيب أبناؤكم من رجال القوات المسلحة والشرطة عند تجاهل بطولاتهم أو التهوين من تضحياتهم من إحباط وتأثير سلبى يشعرون من خلاله بعدم اهتمام أبناء وطنهم بهم.. ومن هنا فإننى أولًا أوجه التحية الواجبة لأبطال الشرطة المصرية وأناشد وسائل الإعلام إبراز تلك الإنجازات وهذه النجاحات، لما لها من تأثير إيجابى على نفوس أبطالنا منهم، وفى ذات الوقت من بث الخوف والذعر فى قلوب ونفوس تلك العناصر التكفيرية الغادرة.
وتحيا مصر..