التوعية.. والندوات التثقيفية
اجتهد فى الآونة الأخيرة العديد من المفكرين والمثقفين وكذلك الخبراء فى مجال الأمن القومى فى عرض أهمية تناول قضية الوعى الوطنى وضرورة تفعيلها خلال المرحلة الحالية، خاصة بعد تلك المحاولة الفاشلة التى قامت بها بعض العناصر الموتورة، مستخدمين فى ذلك شبكات التواصل الاجتماعى والحسابات المزورة التى تسيطر عليها جماعات الشر وكذلك أجهزة استخبارات دولية.. إلا أن تلك الكتابات كانت مقصورة على مجرد عرض الأفكار فقط، وللأسف لم يتمكن الإعلام من القيام بدوره المأمول بالقدر الكافى لتحقيق هذا التوجه من خلال شخصيات لها قبول ومصداقية لدى المواطن المصرى البسيط.
وفى إطار ما نحاول القيام به من نشر التوعية الوطنية بين الشباب المصرى بمختلف فئاته وانتماءاته، فقد تشرفت هذا الأسبوع بالمشاركة فى ندوتين مهمتين تناولت فيهما تلك القضية مع الاختلاف الكامل بين الحضور فى هاتين الندوتين.
كانت الأولى بدعوة كريمة من اتحاد شباب عمال مصر وفى حضور النائب محمد وهب الله، أمين عام هذا الاتحاد، حيث دار الحوار حول دور شباب العمال فى تلك المرحلة المهمة من تاريخ الوطن وكيفية العمل على الدفاع عنه بالتخطيط السليم والفكر المستنير ورفض الشائعات المغرضة التى تحاول النيل من استقرار البلاد.. ولعل أهم ما جاء فى هذا اللقاء تحديدًا ذلك الدور التاريخى الذى قام به عمال مصر الأوفياء خلال الفترة من عام ١٩٦٧ وحتى تحقق انتصار أكتوبر ١٩٧٣، وهو ما سميناه معًا «ما بين الانكسار.. والانتصار» وكيف لعب الوعى الوطنى والانتماء الحقيقى دوره فى قيام كل فرد فى الوطن بواجبه فى الموقع الذى يشغله، حيث لعب عمال المصانع الحربية تحديدًا دورًا كبيرًا فى إعداد الذخائر والمدافع المختلفة وكذلك الكبارى المحمولة التى تم العبور عليها إلى الضفة الشرقية لقناة السويس.. والمضخات التى استخدمت فى إحداث ثغرات كبيرة فى خط بارليف المنيع.
كان لقاءً وطنيًا رائعًا بامتياز استحضرنا فيه روح الانتصار وتواعدنا على أن تكون تلك النزعة هى الغالبة عليهم خلال المرحلة القادمة وألا ينجرفوا وراء الأكاذيب والافتراءات التى تسعى إلى إحداث الوقيعة بين الشعب وقياداته.
ثم جاء اللقاء الثانى بدعوة كريمة من الهيئة العامة للاستعلامات، حيث تشرفت بحضور ندوة عن «الفتاة المصرية.. ودورها التوعوى»، وذلك بمدرسة السيدة عائشة الثانوية للبنات بمنطقة روض الفرج التعليمية، والواقع أننى سعدت جدًا وأنا أرى هذا النظام والانضباط والالتزام بالزى المدرسى الموحد، علاوة على نظافة المدرسة فى كل ركن من أركانها، وكان هذا هو الانطباع الاول لى عند دخولى إليها، وتحولت تلك السعادة إلى الإعجاب والانبهار بمستوى الوعى والثقافة والانتماء بين بناتى من طالبات تلك المرحلة الثانوية.. بل ووقوفهن على معظم ما يدور من الأحداث الداخلية والخارجية التى تمر بها البلاد، وكان من أهم ما يشغل بالهن مشكلة سد النهضة ومدى تأثيرها على الأسرة المصرية وعلى الحياة بصفة عامة، حتى إن إحدى الطالبات استرشدت بكلمة السيد الرئيس بأن قضية المياه وسد النهضة قضية «حياة ووجود»، وبالرغم من ذلك فقد كانت لديهن ثقة كبيرة فى أن القيادة السياسية لديها القدرة على إيجاد حل لهذه المشكلة، إلا أنهن طالبن بضرورة تدخل الدولة لوقف نزيف الشائعات والترويج لتلك الصور السلبية التى تؤرق الشعب المصرى من هذه القضية.
كما كانت لهن رؤية أكثر إيجابية عندما تعاهدن على أن يقمن بحملات توعية تحت إشراف إدارة المدرسة المتميزة، تشمل المدارس المجاورة والنوادى والأسر والعائلات المختلفة، لمواجهة تلك الشائعات وهذه المحاولات المغرضة التى تسعى إلى زعزعة الاستقرار فى البلاد وزرع بذور الفتنة مرة أخرى للتأثير على الشباب ودفعهم إلى القيام بمظاهرات أو ما شابه ذلك، تعبيرًا عن خوفهم وقلقهم واعتراضهم تحت تأثير تلك الشائعات.
استشعرت بالفعل هذا الإحساس بالمسئولية رغم صغر سنهن، وكم كن متفاعلات بشكل إيجابى لم أكن أتوقعه منهن.
وفى كلا اللقاءين أنشد الجميع أنشودة «اسلمى يا مصر.. إننى الفدا» ولم يكن هناك فارق فى الحماس والمصداقية بين شباب العمال وأمهات الغد.
وفى الندوة التثقيفية الأخيرة التى حضرها السيد الرئيس أمس الأول، الأحد، تحت شعار «إرادة وتحدى» تحدث سيادته بكل الوضوح والشفافية عن أهمية التوعية الوطنية خلال المرحلة الحالية خاصة فيما يتعلق ببعض القضايا الإقليمية المهمة التى من الممكن أن تؤثر على العلاقات المصرية مع الدول التى ترتبط بعلاقات استراتيجية معها خاصة إثيوبيا والسودان، وأوضح أن من أهم أهداف التوعية الوطنية ضرورة تحقيق تماسك المصريين معًا وثقتهم فى الإدارة المصرية لحل الأزمات التى تواجهنا حاليًا، وأن نتجنب دعاوى التشكيك والمعلومات الزائفة التى تسعى إلى زرع بذور الفتنة والوقيعة بين أبناء الوطن.. كما تحدث عن ضرورة دعم القوات المسلحة المصرية فى المهام الموكولة إليها، والتى حققت إنجازات تصل إلى حد الإعجاز فى تجاوز الأزمات الاقتصادية والأمنية التى تعرضت لها البلاد فيما بعد أحداث يناير ٢٠١١، مؤكدًا أنه من لا يملك جيشًا قويًا وسلاحًا عصريًا لا يملك وطنًا.
لقد أكد السيد الرئيس ضرورة التوسع فى الندوات واللقاءات التى تحقق تلك التوعية الوطنية، والتى من خلالها أؤكد أيضًا أهمية الاستمرار فى تلك الندوات، وهذه اللقاءات الحية بعيدًا عن وسائل الإعلام المختلفة التى قد لا تجد لها نفس الصدى الذى تلاقيه تلك اللقاءات وهذه التفاعلات المبشرة بكل الخير لهذا الوطن.
وتحيا مصر..