وعى الشعب.. وضرورات المرحلة
من المؤكد أننا سنتوقفُ طويلًا أمام يوم الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠١٩، لأنه يوم محورى فى تاريخ مصر.. ربما لن يدرك الكثيرون أهميته إلا بعد وقت طويل، لكننى رأيت أن أتوقف عنده لأهمية مغزاه الواضح، لأنه يعد يوم استفتاء شعبى، وإن كان لم يتم الإعداد له بلجان انتخابية وصناديق شفافة للاقتراع من جانب الدولة بين الاستقرار والفوضى، إلا أن إرادة الشعب قد اختارت الاستقرار، وبوضوح أمام العالم أجمع.. فقد قرر الشعب المصرى أن يؤكد بأعلى صوت لصالح الاستقرار، وفشل فشلًا ذريعًا المخططون والمتآمرون والخونة والمرتزقة، رغم خططهم الشيطانية فى أن يثيروا الفوضى مرة أخرى على أرض مصر.
لا شك أن هناك تيارات عديدة قد تكاتفت لإسقاط مصر، وزرع الفوضى، وبث الكراهية فى الدولة، واستخدام الإعلام المُعادى والمأجور بكثافة وبشكل متواصل للتشكيك فى كل شىء تم على أرض الوطن وتلفيق شائعات وقصص مغلوطة وغير موثقة عن الجيش المصرى والتطاول على الرئيس وعلى الحكومة، وبث لقطات ليلًا ونهارًا تستفز الشعب الصابر الصامد عن طيب خاطر.
كما أنهم خططوا وتكاتفوا لاستغلال مشاكل الشعب وأوجاعه التى تحمّلها وما زال يتحملها، على أمل أن تحدث انفراجة قريبة فى الأحوال المعيشية- إلا أن كل خطط المتآمرين قد فشلت أمام إرادة الشعب، بل ذهبت أدراج الرياح، وقبلها بأيام كتبت: «إن أعداء الوطن لن ينجحوا إذا ما بقينا يدًا بيد مع الجيش والشرطة والرئيس على قلب رجل واحد».
وقلت أيضًا: «إن هناك رابطة قوية عميقة بين الشعب المصرى وجيشه لا يفهمها الأعداء، مصر منصورة إن شاء الله»، والحمد لله انتصرت مصر يوم ٢٧ سبتمبر انتصارًا هائلًا، فقبلها بأيام سألنى العديد من السيدات وجاءتنى استفسارات على «الواتس آب» من العديد من السيدات حول توقعى ليوم الجمعة الذى كان المخططون يدبرون له أن يكون يومًا للفوضى، إلا أننى كنت استشعرت نبض الشعب ورددت على التساؤلات بأن المرأة هى صمام أمان ولن تستجيب السيدات المصريات ولا الفتيات لأى دعوة للفوضى، لأن المرأة المصرية تريد الاستقرار والأمان لها ولأبنائها ولأهل بيتها، أما الناس فى الشارع المصرى فإنهم لن يتجاوبوا لأنهم قد تعبوا مما حدث إبان ٢٥ يناير ٢٠١١، ولن يتجاوبوا مع أى دعوات للفوضى.
إن الشعب المصرى له تركيبة خاصة جدًا، فإنه قد يئن من مشاكل الحياة اليومية والأسعار المرتفعة فى البنزين والكهرباء وآثار تعويم الجنيه، إلا أنه وقت الخطر يتوحّد من أجل حماية استقرار بلده.. لأن الاستقرار معناه تحسين الأحوال، ومعناه الأمان، ومعناه أنه قد كشف الخونة والظلاميين بدرجاتهم من إخوان وجماعات متطرفة وأسماء محروقة ظهرت مرة أخرى سبق وكشفها الشعب وكشف أدوارها الملعونة وأسماء ظهرت حديثًا من خلال الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى وهذه أيضًا رفضها الشعب، لأنها أصغر من تتحدث عن مصر بسوء، أو عن رموز مصر بسوء، والحقيقة الساطعة، التى ظهرت يوم ٢٧ سبتمبر بوضوح هى أن الشعب المصرى يلتف الآن حول جيشه وشرطته وقائده، ومن يرى مواقع التواصل الاجتماعى سيفهم نبض الشعب المصرى رغم اللجان الإلكترونية التى كانت مسلطة لتثير غضبه ضد كل شىء وضد أى إنجاز.
إن الحقيقة التى اتضحت هى أن الشعب المصرى هو شعب واعٍ وطيب، وأمله ينحصر فى أمان واستقرار وعيشة كريمة على أرض وطنه، لقد كان يوم استفتاء فى حب مصر، بعث فيه الشعب المصرى عدة رسائل مهمة للعالم، ولكل من كانوا يخططون لتدمير مصر.. قدم الشعب المصرى ملحمة حب على أعلى مستوى، واحتفل عشرات الآلاف فى حب مصر عند المنصة، معلنين للعالم انتصار الاستقرار والغناء والبهجة، حاملين أعلام وطنهم الغالى، كان المتآمرون على مصر يريدون أن يغيروا طبيعة الشعب المصرى منذ أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، فقد كان ضمن مخطط التقسيم بث الكراهية بين أبناء الوطن وتغيير الهوية المصرية.
ومع عودة الاستقرار والأمان فى عهد السيسى ومع بطولات الجيش المصرى وعودة رجال الشرطة وإنجاز العديد من المشروعات القومية، رفض المصريون العودة إلى الفوضى، ومن ناحية أخرى فإن للمرحلة الحالية ضرورات، أولاها: يقظة مستمرة من جانب الشعب، والتوحد مع الجيش والشرطة والدولة، وثانيتها: فإنه مطلوب من جانب القيادة والدولة أن ترفع عن الشعب المعاناة، وأن توقف الزيادة المطردة فى الأسعار والخدمات الأساسية والرئيسية، وأن تتضاعف المعونات والخدمات للمرأة المعيلة، وأن تنظر الدولة بعين الاهتمام إلى ضرورة الاتجاه إلى أساسيات لتحسين موارد الدولة، وليس تكبيل الشعب بزيادات أخرى، خاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة والفقيرة والمعدمة.
لا بد من توفير مجالات الإنتاج، من خلال التصنيع، وفتح المصانع المغلقة، وبناء مصانع جديدة، وتشجيع الاستثمار لرأس المال الوطنى وللمصريين الذين يريدون المساهمة فى زيادة الإنتاج بمشروعات متوسطة وصغيرة، وتسهيل إجراءات الاستثمار فى داخل مصر، ما دامت تخدم الاقتصاد القومى، ولغير المصريين ما دامت لمشروعات بناءة تخدم الإنتاج، وتفتح آفاقًا وتوفر فرص عمل، إن إجراءات الاستثمار لاتزال صعبة فى مصر، كما سمعت من العديد من المحبين لمصر.
إن هذا الشعب يستحق أن نرفع من مستواه المعيشى بأن نقدم له خدمات ميسرة، وأن نرفع عن كاهله المعاناة التى ظل يتحملها منذ أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، أعلم أن الرئيس السيسى قد تولى المسئولية فى ظروف صعبة وخطيرة، وأدرك أنه أتى مع تركة ثقيلة على كتفيه، لكن الشعب قد التف حوله، ووضع ثقته فيه، لهذا فإننا نأمل أن تتمهل أى إجراءات تعسفية قد تضيف لمعاناة الطبقة المتوسطة والفقيرة، وأن نبدأ فى جنى الثمار، إن المواطن والمواطنة والشباب وأصحاب المعاشات وكل مواطن محب لمصر ومخلص لها من الشعب المصرى يأمل فى انفراجة معيشية عاجلة.
ويأمل فى حياة أفضل داخل وطنه، وفى ظل قيادة يثق فى أنها أمينة عليه ومخلصة وتحنو عليه، إن لدينا بلا شك شعبًا بطلًا فى الصمود والتضحية، لكنه يأمل أيضًا فى نظرة تعاطف من الحكومة لتحسين أحواله المعيشية الآن وليس غدًا، لأنه شعب قد تحمل الكثير، وقدم شهداء أبطالًا، ومازال وهو شعب يستحق أن ننظر إليه بعين العطف، وبفتح أبواب تتيح له حياة أفضل فى أقرب وقت، إن ضرورات المرحلة تتطلب أن نظل متكاتفين معا، شعبًا وجيشًا وشرطة وقيادة، وأن تتقدم مصر إلى الأمام نحو الرخاء والاستنارة والتنمية والاستقرار، ودون تكاتفنا لن نتقدم، ولا بد من الإدراك أن أعداء الوطن مازالوا يتربصون به وباستقراره وبرفعته، وستظل محاولاتهم مستمرة ما دامت مصر تتقدم وترتفع مكانتها بين الدول.. وسلامًا لك يا مصر الوطن والشعب والجيش والشرطة والقيادة والأرض.