محاربة الفوضى والإهمال.. مسئولية مجتمعية
جميعنا تابع كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء قيامه بافتتاح المرحلة الثانية من مشروع الصوب الزراعية بقطاع «محمد نجيب» للزراعات المحمية، الذى يضم ١٣٠٠ صوبة طاقتها الإنتاجية ١٨٤ ألف طن من الخضروات سنويًا، ويضم محطة للفرز والتعبئة بطاقة ٦٠٠ طن يوميًا وثلاجات للحفظ بطاقة ١٠٠ طن من الخضروات.. وهو الأمر الذى جعل رؤساء الشركات الإسبانية المتخصصة فى صناعة الصوبات الزراعية، وفى إنتاج وتربية بذور الخضروات يعلنون أن ما حدث من طفرة زراعية فى هذا المجال بمصر يعتبر إنجازًا غير مسبوق، بل إنها أكثر من ثورة زراعية ومعجزة أصبحت حقيقة.
كان هذا عن الإنجاز الذى تحقق فى هذا المجال مؤخرًا، إلا أننا ومن خلال الاهتمام بطبيعة عملنا فى مجال الأمن والإدارة قد استوقفتنا، فى مداخلة للسيد الرئيس أثناء تلك الاحتفالية، العديد من الرسائل المهمة والتوجيهات القوية والتعليمات الصارمة التى تهدف إلى مواجهة الفوضى والإهمال واللادولة بكل قوة وحسم، وكان ذلك فى حضور كل من السيد وزير الداخلية والسيد وزير الحكم المحلى ومعظم السادة المحافظين وقيادات الأجهزة السيادية، وهو ما كان له مردود إيجابى لدى المواطن المصرى الذى استبشر خيرًا فى قيام كل تلك الأجهزة بالتصدى لجميع مظاهر التسيب والفوضى والإهمال وعدم الانضباط وإعادة الأراضى المملوكة للدولة إليها من واضعى اليد عليها، وذلك فى إطار الحفاظ على هيبة الدولة، وإعادة الانضباط للشارع المصرى.
وفى أثناء لقاء تليفزيونى، يوم الأحد الماضى، حول تلك التوجيهات الرئاسية تلقيت عشرات الاتصالات كلها أمل وتفاؤل فى أن يتم تنفيذ ما أشار إليه السيد الرئيس بنفس الاهتمام والجدية التى تناولها سيادته فى كلمته للمسئولين.. ولعل أهم النقاط التى جاءت فى تلك الاتصالات تقترب كثيرًا من توجيهات الرئيس حيث جاء من بينها: مواجهة فوضى وضع اليد على أراضى الدولة خاصة فى مناطق الظهير الصحراوى، وكذلك تلك الأراضى التى تم بناء آلاف المساكن العشوائية عليها دون التنسيق مع أجهزة الإدارة المحلية، حيث إنها أصبحت أمرًا واقعًا، وهو ما يستلزم قيام تلك الأجهزة بتقنين الأوضاع بالنسبة لهذه الأراضى وتلك العشوائيات.. وهو ما أشار إليه الرئيس فى أنه لن يسمح لأحد بالتعدى على أراضى الدولة دون أن يدفع حق الشعب، وأنه لا يجوز لأى محافظ التنازل عن متر واحد من الأراضى دون سداد قيمته.. ثم جاءت المطالبة بضرورة وضع حد لإشغالات الطرق وانتشار الباعة الجائلين وسرقة التيار الكهربائى.. وهو أيضًا ما أشار إليه سيادته بأنه ضد الفوضى وعدم الانضباط.. وبعد ذلك جاءت شكوى من التسيب الإدارى وتعطيل مصالح المواطنين والبيروقراطية العقيمة، وهنا أيضًا نوه سيادته بأنه لن يسمح بالإهمال واللا دولة وأنه لا مكان لفاسد بيننا.. ثم ورد اتصال يتضمن الشكوى من جشع بعض التجار ووقوع المواطن البسيط ضحية لهذا الجشع، وهنا أيضًا جاءت كلماته بأنه من الضرورى الالتزام بالأسعار المعلنة التى تحددها الدولة، وأنه لن يسمح بأن تكون الأجهزة التنفيذية رخوة وليست لها سيطرة على كل ما تسول له نفسه أن يقوم بأى تصرف فى أى وقت وبأى طريقة، متجاهلًا أن هناك نظامًا ودولة وقوانين يجب احترامها والالتزام بها. ثم وردت بعض التساؤلات عن أمن مصر الداخلى والخارجى، وما تتعرض له من مؤامرات خارجية وضغوط داخلية من عناصر وجماعات تنفذ أجندات لدول وأجهزة تعمل ضد صالح الوطن.. وهنا أشار سيادته أيضًا إلى أن مصر تعمل من أجل تحقيق النهضة لشعبها بالبناء والتعمير وليس بالتدمير والتخريب، وأن من يسعى إلى استنزاف قدرات الدول لن ينجح فى ذلك لأن الأساس الفكرى والإنسانى والأخلاقى والدينى لا يوجد لدى هؤلاء المتآمرين. وكما رأينا فإن مداخلة السيد الرئيس أجابت عن معظم تساؤلات المواطن البسيط الذى يسعى إلى أن يعيش حياة كريمة فى وطنه، وأن يشعر بالأمان والاستقرار، وأن الدولة بكامل أجهزتها تسعى لتحقيق تلك الأهداف له على الرغم مما يمر به الوطن من تحديات وصعاب، وجاءت كلماته وتصريحاته واضحة لا لبس ولا غموض فيها، وأنه يسعى جاهدًا بما تمليه عليه أمانة المسئولية أن يكون يدًا حانية بقدر ما يستطيع على ذلك المواطن البسيط الذى تحمل وما زال يتحمل مشقة القرارات الاقتصادية الصعبة التى فرضتها ظروف إهمال ممتد قرابة الخمسين عامًا تصدى لها الرئيس مستندًا إلى قناعته وثقته فى أن الشعب سوف يقدر ما يقوم به لصالح الأجيال القادمة.. ويكفى هنا أن نشير إلى أن المشروعات التى افتتحها الرئيس خلال الشهر الحالى فقط، سواء فى مجال صناعة وتصدير الفوسفات فى العين السخنة، أو الصوب الزراعية فى قاعدة محمد نجيب، قد أتاحت فرص عمل مباشرة لعدد ٨٠٠ ألف مواطن مصرى، بخلاف فرص العمل غير المباشرة فيما يتعلق بالمنتجات الخاصة بتلك المشروعات، ناهيك عما سوف يؤديه ذلك من ضبط أسعار تلك السلع والمنتجات، وخلق فرص جديدة للاستثمارات القائمة على المعايير الدولية، الأمر الذى يسهم كذلك فى القضاء على التضخم السنوى وخفض معدل البطالة، وسد الفجوة الغذائية، وتحسين معدلات التصدير، وغيرها من الأهداف التى سوف تؤدى تلك المشروعات إلى تحقيقها. ولكننى توقفت فى النهاية عند عبارة مهمة جدًا أتمنى أن ننتبه إليها جميعًا وهى «مش أنا بس يا جماعة.. إحنا كلنا مع بعض.. إحنا قاعدين نعمل إيه؟».
وفى هذا الإطار فإننى أعتقد أن تلك العبارة تحمل توجيهًا وتكليفًا واضحًا ومحددًا لكل أجهزة الدولة بأن تعمل فى منظومة متناغمة، لتحقيق تلك الأهداف التى أشار إليها سيادته، والتى جعلت المصريين جميعهم يستبشرون خيرًا منها. وتأتى وزارة الحكم المحلى على رأس تلك الأجهزة، حيث تلعب المحليات دورًا كبيرًا فى السيطرة على الشارع والأسعار وإشغالات الطريق والباعة الجائلين والعشوائيات والإهمال، يساندها فى ذلك وزارة الداخلية بكل قطاعاتها المرتبطة بالتعامل مع الجمهور، سواء فى ذلك المرور وأيضًا مواجهة جشع التجار والجرائم التى تمس الأمن الاجتماعى والاقتصادى للدولة، وهو ما كان يقصده السيد الرئيس من ضرورة وجود تنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة لتحقيق الانضباط، والقضاء على الإهمال والفوضى، وعودة هيبة الدولة مرة أخرى، من خلال تنفيذ القرارات الإدارية والأحكام القضائية بكل حزم وحسم دون أى استثناءات أو مجاملات، حتى لو استدعى الأمر استبعاد أى عناصر إدارية فاسدة تعوق تنفيذ ذلك.. بيد أن كل تلك الجهود والمواجهات التى سوف تقوم بها أجهزة الدولة المختلفة لن تؤتى ثمارها بالشكل المأمول إلا إذا تعاون معها وبإخلاص أبناء الشعب المصرى فى كل المواقع والمحافظات، وذلك بالإبلاغ عن أى تجاوزات أو قضايا فساد أو إشغالات وغيرها من الأمور التى يسير القائمون بها عكس التيار الذى تسعى مصر إلى تحقيقه، وهو تيار الاستقرار والرخاء والقضاء على الفساد والفوضى والإهمال.. ولا شك أيضًا أن الظهير الإعلامى بكل وسائله سوف يسهم فى تشجيع أى مواطن فى أن يقوم بواجبه تجاه وطنه، للتصدى لأى محاولات إفشال خطوات النجاح والتنمية التى بدأت تتحقق على أرض الواقع، وجميعنا نراها أمام أعيننا يومًا بعد يوم.. ومن هنا فإننى أقول إن مواجهة الفوضى والإهمال هى مسئولية المجتمع كله قبل أن تكون مسئولية الأجهزة التنفيذية للدولة.. لكى نحقق لها الأمل المنشود فى مستقبل كريم بإذن الله.
وتحيا مصر..