ثورة 30 يونيو ما بين الإنجازات والتحديات
ـ مضت 6 سنوات على ثورة 30 يونيو 2013 التى خرج فيها ملايين من أبناء الشعب المصرى لإسقاط نظام حكم جماعة الإخوان الإرهابية الذى استمر عامًا واحدًا شهدت فيه البلاد أحداثًا غير مسبوقة من العنف والتوتر والإقصاء والانصياع الكامل لتوجيهات مكتب إرشاد الجماعة، الذى كان يهدف فى المقام الأول إلى تمكين عناصر وكوادر هذا التنظيم من السيطرة على مفاصل ومفاتيح العمل فى جميع قطاعات ووزارات الدولة، خاصة تلك التى تتحكم فى الأمور الحياتية للشعب، مثل الوزارات الخدمية والاجتماعية والأوقاف والشباب والعدل، ولم ينجُ منها سوى جيشنا العظيم والشرطة المصرية برجالها الأوفياء.
انحاز الجيش والشرطة تمامًا لرغبة الشعب المصرى وإرادته الحرة فى إسقاط هذا النظام، الذى قام على العنف والترويع والتحالفات الخبيثة مع الدول التى تكن الكراهية والعداء لمصر، وعلى رأسها تركيا وقطر، وذلك لتثبيت دعائم حكمهم فى البلاد.. بل لقد وصل الأمر إلى التواصل والتنسيق مع إيران وإسرائيل والرغبة فى تمكين حركة «حماس» فى فلسطين والعمل على تعظيم دورها فى الساحة الفلسطينية على حساب السلطة الشرعية هناك، وذلك من خلال تقديم الدعم اللوجستى من وقود وكهرباء ومواد غذائية، حتى ولو كان ذلك على حساب الشعب المصرى الذى كان يعانى من انقطاع الكهرباء وقلة البنزين يوميًا.
ومنذ سقوط هذا الحكم المستبد وحتى اليوم ونحن نحاول أن ننهض بمصرنا الغالية منذ أن تولَّى المستشار عدلى منصور رئاسة البلاد خلال الفترة الانتقالية التى اختار الشعب بعدها الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع آنذاك، ليتولى قيادة دولة منهكة عانت فى سنواتها الأخيرة من عدة أزمات تصاعدت إلى أقصى درجاتها عندما استولى الإخوان على الحكم.. وقد أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى أننا كنا «شبه دولة» وكنا معرضين للإفلاس والانهيار الاقتصادى والعزلة السياسية والفتن الطائفية وضعف الأجهزة الأمنية وأخونة العديد من قطاعات الدولة والتأثير على أقطار الشباب والسيطرة على معتقداتهم وأيضًا على السوشيال ميديا والشبكات العنكبوتية من صفحات التواصل الاجتماعى ووجود ما لا يقل عن 40 ألف عنصر إرهابى مدربين على أعلى مستوى بمعرفة أجهزة استخباراتية دولية وممولين من دول عربية وإقليمية ودولية يقومون بعمليات إرهابية تستهدف أمن البلاد وترويع العباد تحت ستار الدين.. وهو منهم براء.. وهذا ما حصدناه من حكم الإخوان.
واليوم نرى مصر وقد تصدرت المشهدين العربى والإفريقى سياسيًا وحققت طفرات وإنجازات اقتصادية وعمرانية تصل إلى حد الإعجاز، نظرًا للفترة الزمنية القصيرة التى تولى فيها الرئيس قيادة دفة سفينة التنمية والعطاء والتقدم، وعادت للأجهزة الأمنية القدرة على مواجهة الإرهاب بمعاونة صادقة من رجال القوات المسلحة المصرية الباسلة، وسقط منهم العديد والعديد من الأبطال الذين ضحَّوا بحياتهم فى سبيل مستقبل هذا الوطن.. وما زلنا حتى اليوم نرى هؤلاء الرجال يقدمون أرواحهم بكل جسارة وإقدام لكى ننعم نحن بحياة الأمان والاستقرار. إننى أكاد أُجزِم بأنه لا توجد دولة فى العالم تتعرض لما يشهده وطننا من مؤامرات داخلية وخارجية تستهدف إسقاطنا وإعادتنا إلى نقطة الصفر.. لقد خرجت من عباءة جماعة الإخوان العديد من التنظيمات الإرهابية لترويع الشعب المصرى.. فى ذات الوقت نجد أن العديد من الدول فتحت أبوابها وفضائياتها لبث السموم والفتن والوقيعة والتحريض بين أبناء الشعب الواحد، وأخيرًا رأينا تلك الكيانات والشركات الاقتصادية التى تسعى لتمويل محاولات إثارة الشغب والإرهاب.. والغريب هنا أن العناصر التى تم القبض عليها والتى تدير تلك الكيانات ليسوا من الإخوان فقط بل منهم الناصريون واليساريون والاشتراكيون الثوريون وحركة 6 أبريل.. جميعهم تحالفوا معًا لإسقاط الدولة المصرية.
فما زالت قيادات حركة 6 أبريل ومن معها تمارس دورها فى محاولات إثارة الرأى العام وإحداث حالة من السخط وتأليب الجماهير ضد سياسات الإصلاح الاقتصادى، حيث تم رصد اتصالات من شباب بالحركة وآخر فى تركيا، ويعاونهم من خلال استخدام قناة الشرق الفضائية الممولة من الإخوان وقطر وتبث من تركيا الإخوانى الهارب معتز مطر من خلال عبارات متفق عليها مثل «اطمن إنت مش لوحدك» ودعوة الجماهير لإطلاق الصافرات أثناء مباريات المنتخب المصرى فى البطولة الإفريقية والهتاف للاعب محمد أبوتريكة فى الدقيقة 22، وذلك بعد أن تم توزيع مبالغ مالية كبيرة على عدد من شباب الألتراس فى مصر من خلال تلك الشركات التى تم القبض على قياداتها مؤخرًا، وذلك لخلق حالة من الشحن ضد الدولة وإرسال صورة ذهنية للخارج بأن الأوضاع الأمنية فى مصر غير مستقرة، وبالتالى يتم إفشال الجهود الرامية إلى جذب الاستثمارات إلى الدولة.. بل لقد وصل الأمر إلى الاتفاق على افتعال أعمال شغب فى استاد القاهرة خلال مباراة مصر والكونغو على غرار ما حدث فى استاد بورسعيد فى فبراير 2012 بترتيب الإخوانى محمد البلتاجى، والذى أسفر عن سقوط 72 ضحية.. ولولا يقظة رجال الأمن الذين أحبطوا هذا المخطط قبل المباراة المشار إليها، والذى كان المستهدف فيه إسقاط عدد من الضحايا الأفارقة لتدمير العلاقات المصرية - الإفريقية وتكوين رأى عام عالمى ضد مصر.
أما ما يحدث حاليًا من هجوم إلكترونى محموم على المنتخب الوطنى المصرى، وخاصة لاعبه الدولى محمد صلاح، فهذا موضوع آخر يهدف إلى تأهيل محمد أبوتريكة ليكون أيقونة اشتعال الفتن والشغب والعنف فى المدرجات، بل لقد وصل الأمر ببعض المغيبين منهم إلى وصفه بالمهدى المنتظر مع تأجيج فكرة مظلوميته ومطاردته لتزداد شعبيته، مستندين فى ذلك إلى فكرة عاطفة الشباب وحالة اللاوعى التى فشل الإعلام حتى الآن فى فك شفرتها.
وهنا تنشط الخلايا النائمة والعناصر الإرهابية فى استهداف هؤلاء الشباب كما حدث فى 25 يناير، حيث إن أدبياتهم دائمًا تعتبر أن الدم وقود الثورات.. هل رأيتم كم نحن مستهدفون خارجيًا وداخليًا من جميع قوى الشر التى تحالفت على وطننا المفدى حيث أصبح أعداء الأمس حلفاء اليوم لتحقيق حلمهم الفاشل؟.
ما عرضته هو جزء من كم تحديات كبير يتعرض له الوطن، ولكننى ما زلت وسوف أظل على قناعة وثقة بوعى الشعب المصرى الأبىّ وبتفهمه الكامل تلك المؤامرات التى تحاك ضده ليعود إلى غياهب الظلم والظلمات والتشرذم والانقسام.
إننى أدعو الجميع إلى تجاهل موضوع أبوتريكة نهائيًا حتى تندثر الفكرة ويتم وأدها فى مهدها.. وأن نتعاون مع أجهزتنا الأمنية بكل صدق وأمانة لتوفير قدر متجدد من المعلومات تستطيع من خلاله الاستمرار فى الضربات الاستباقية التى نجحت من خلالها فى إجهاض 90% من العمليات التى استهدفت أمن البلاد مؤخرًا. إذا كانت مسيرة عطاء ثورة يونيو 2013 ما زالت مستمرة فإن الظهير الشعبى سوف يكون هو الوقود القادر على استكمال تلك المسيرة.. مؤمنًا بالله وبقيادته.. متلاحمًا ومتعاونًا لمواجهة محاولات قوى الظلام لإسقاط دولتنا، وهو ما لن يحدث بإذن الله طالما كنا جميعًا على قلب رجل واحد..
وتحيا مصر.