الرؤية المصرية فى القمتين الإسلامية والعربية
مع كل إنجاز يتحقق لمصرنا الغالية نجد أن هناك قوى إقليمية تحاول التقليل من حجم تلك الإنجازات من خلال قنوات وأصوات مأجورة باعت نفسها للدول والأجهزة التى تدير وتشرف على هذه القنوات، وكلما زاد فحيح ونعيق تلك الأصوات، تأكدت أننا نسير فى الطريق الصواب داخليًا وخارجيًا.
تضمن الأسبوع الماضى العديد من الأحداث المهمة على الصعيدين الأمنى والسياسى، أكدت عودة مصر إلى دورها الريادى على الساحة العربية من خلال تلك الرؤية الصائبة للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يقود سفينة الوطن بكل الاتزان والثقة والترفع عن الصغائر- وهذه من صفات الزعماء الحقيقيين- بدأ الأسبوع بعملية استخباراتية نوعية لتسلم الإرهابى الخطير الخائن هشام عشماوى ومعاونيه فى مأمورية قام بها السيد الوزير عباس كامل ورجاله بالتنسيق مع الجيش الوطنى الليبى، الأمر الذى أصاب أعداء الوطن من عناصر الجماعة الإرهابية فى الخارج بحالة من الخوف والهلع من أن يتعرضوا لنفس المصير، فى حال قيام الدول التى تؤويهم برفع يد الحماية عنهم، بعدما اكتشف العالم حقيقتهم، وأنهم أساس التخريب والترويع فى العالم كله، وكذلك زرع بذور الفتنة بين الشعوب.
وقد حاولت تلك الأبواق- التى أشرنا إليها- التقليل من أهمية هذا الحدث وتسلم هذا الإرهابى الخطير، بل إن بعض منظمات حقوق الإنسان والصحف والقنوات المأجورة وصفته بأنه «المعارض البارز». وهنا يجب أن يعلم الجميع أن تلك العملية تمت بهذا الشكل المعلن والمتميز لأنه كانت هناك معلومات مؤكدة أنه سوف يتم تهريب المذكور إلى إحدى الدول الإقليمية أو على الأقل التخلص منه قبل تسليمه للسلطات المصرية.ولكن بطبيعة الحال ليس كل ما يعرف يُقال فى حينها.
ثم جاءت القمتان العربية والإسلامية اللتان شارك فيهما السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، واللتان عقدتا فى مدينة مكة المكرمة فى ختام الأسبوع. والحقيقة التى يجب أن يتأكد منها الجميع أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قد ألقى كلمة فى المؤتمر الطارئ للقمة العربية، أشك أن أيًا من القيادات التى شاركت فيها يمكن أن تتناول جزءًا مما جاء فيها بنفس الوضوح والصراحة والشفافية، ويمكن أن يكون ذلك لاعتبارات مصالح هذه الدول. وهنا أتذكر كلمة الرئيس عند بداية تحمله المسئولية أنه ليست لديه تحالفات أو مصالح مع أى دولة إلا مصلحة الدولة المصرية فقط، وهو ما أكدته تلك الكلمات التى وردت فى خطاب سيادته، بحسبان أن تهديد أى دولة عربية تهديد لمصر أيضًا، وأن مصر لن تتسامح مع أى طرف إقليمى يهدد أمن العرب. ومن هنا فإن كلمته كانت الأهم والأدق والأخطر، والتى أوضحت الرؤية المصرية الصائبة للوضع الإقليمى الحالى، وكشفت تأصيلًا واضحًا لمحددات الأمن القومى العربى، حيث وعد سيادته بأن مصر سوف تشارك بقوة فى دعم الأشقاء العرب حين قال: «جئنا اليوم لنقدم رسالة تضامن لا لبس فيها مع الأشقاء فى السعودية والإمارات».
ومن هذا المنطلق، فإنه من الواجب ضرورة العمل على تفعيل التعاون المشترك بين دول المنطقة العربية، لمواجهة محاولات التدخل الأجنبية بأى وسيلة من الوسائل خاصة تلك التى تتعلق بالمعتقدات الدينية، والمقصود هنا من يحاولون جعل الصراع بين دول المنطقة صراعًا مذهبيًا، وهو ما تحاول إيران اللعب على أوتاره حاليًا، كذلك أوضح سيادته أن الأمن القومى المصرى، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومى العربى بصفة عامة ودول الخليج بصفة خاصة، وأن مصر تدين وترفض وتقف ضد أى تدخل من أى قوى إقليمية فى شئون دول المنطقة، واعتبار أن أمن دول الخليج من أمن مصر، وأنه يجب على الجميع احترام سيادة الدول العربية، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية والامتناع عن استثارة الطائفية والمذهبية، وأنه على الرغم من هذا الموقف الواضح والمعلن من جانب الدولة المصرية، إلا أن هذا لا ينفى قبول الحوار مع الأطراف الأخرى، والسعى للتفاهم معها إعمالًا لقوله تعالى: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها» صدق الله العظيم.. وذلك لأن التورط فى الحروب، سوف تكون له تداعيات لا يعلم مداها إلا الله، وأنه دائمًا لا يكون فيها غالب ولا مغلوب. فدائمًا الشعوب هى التى تدفع ثمن التهور والاعتداء، ومن هنا فقد كان سيادته واضحًا عندما أعلن أن مصر ليست من دعاة الحروب والصدامات العسكرية، إلا أن هذا لا يعنى عدم تدخلها فى مواجهة أى أخطار إقليمية تهدد دول الخليج وتعرض أمن وسلامة المنطقة للخطر.
وعلى صعيد آخر، فقد كان الموقف المصرى واضحًا فى قمة دول العالم الإسلامى الرابعة عشرة، والتى عقدت أيضًا فى مدينة مكة المكرمة، حيث تناولت كلمته مع قيادات الدول الإسلامية التى شاركت فيها ضرورة تضافر الجهود للقضاء على الإرهاب بجميع أشكاله، وتجفيف منابع الدعم له والرفض المطلق لمحاولات ربط الدين الإسلامى الحنيف بالأعمال الإرهابية التى تقترفها جماعات مارقة لا علاقة لها بالإسلام وتعاليمه. كما أكد أن القضية الفلسطينية ما زالت هى القضية المحورية فى المنطقة العربية ولا بد من الإعلان عن قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما تناولت كلمته ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، داعيًا إلى تكثيف الجهود وإيضاح الصورة أمام العالم الغربى، fأن الإسلام ليست له صلة أو علاقة بالإرهاب بأى صورة من الصور.. لقد كانت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هاتين القمتين سببًا من أسباب نجاحهما، لما تمتلكه مصر من معطيات وإمكانيات سياسية وعسكرية وأمنية وتاريخية تجعلها قادرة على أن يكون لها الدور الريادى فى المنطقة العربية، وكان هذا واضحًا عندما تناول البيان الختامى لكلتا القمتين، معظم النقاط التى جاءت فى كلمة سيادته ومناقشاته ومشاوراته مع معظم قيادات الدول التى شاركت فيهما.
هذه هى المكانة التى تستحقها بلادنا منذ قديم الأزل، والتى يحرص السيد الرئيس دائمًا على تفعيلها والتأكيد عليها مهما كانت الضغوط والظروف التى تتعرض لها.. «إنها مصر»..
تحيا مصر.