إعادة الوعى
تشرفت هذا الأسبوع بأن أكون ضيفًا على التليفزيون المصرى فى لقاء بعنوان «كيف تنتصر مصر فى معركة الوعى؟».. والحقيقة أننى وجدتها فرصة كبيرة، لأعرض على الرأى العام ما وصلنا إليه من وجود بعض التراجع فى الوعى الجمعى وأيضًا الوعى المعرفى، خاصة فيما يتحقق من إنجازات ونجاحات غير مسبوقة داخل وخارج البلاد.. وقد اتفقنا على أن يكون عنوان الموضوع «إعادة الوعى»، بدلًا من العنوان المشار إليه.
الواقع أننى لم أكن أتوقع ردود الفعل الإيجابية التى وردت لى شخصيًا وللقائمين على البرنامج، لما تناولناه بكل الصراحة والشفافية، إلى الحد الذى انتقدنا فيه أنفسنا كوسائل إعلام بمختلف أساليبها «مرئية، مقروءة، مسموعة» من عدم القدرة الكاملة على تفعيل الوعى لدى جموع الشعب المصرى بصفة عامة والشباب بصفة خاصة، بتلك الإنجازات والنجاحات التى تحققت.. وتركنا مساحة لبعض وسائل الإعلام المعادية والحاقدة للتقليل من أهمية تلك النجاحات والتشكيك فى هذه الإنجازات.. حيث أشاد الجميع بتلك الجرأة والصراحة فى تناول هذا الموضوع.. وهو ما دفعنى لأن أعرض جزءًا مما تناولناه فى اللقاء على حضراتكم هنا.
فى البداية يجب أن أشير إلى أن مفهوم الوعى هو إدراك ما يحدث حولنا من أحداث ووقائع، بغض النظر عن كونها سلبية أم إيجابية.. والوعى الجمعى يحمل المعنى نفسه، ولكن من الممكن أن يكون مشاركًا فيما يتخذ من قرارات يستفيد منها المجتمع، عندما يشارك أكبر عدد من أفراده فى صنع أو اتخاذ قرار أو موقف، طالما أدرك هذا المجتمع أهميته، وهو ما يمكن اعتباره أحد أشكال الممارسات الديمقراطية.. إذن فالوعى الحقيقى المبنى على الوضوح والشفافية من الممكن أن يكون مؤثرًا بشكل إيجابى على مواجهة أى محاولة لإجهاض أو تشكيك أو تسفيه أى إنجاز أو تطور أو نجاح فى أى مجال من المجالات.
لكن الشخصية المصرية بكل ما تملكه من مقومات وملكات وقيم أخلاقية كريمة، تتعرض حاليًا لمحاولات كريهة من المسخ والسخرية من أى إنجاز يتحقق على أرض الواقع والتشكيك فى أهميته وجدواه، ومن هنا كانت معركتنا الحقيقية والمجتمعية والتشاركية لمواجهة تلك المحاولات التى تسعى إلى التأثير على الوعى الشعبى، حيث اعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بداية توليه المسئولية أن الشعب المصرى هو رأسمال الدولة ومصدر قوتها، بشرط أن يكون يدًا واحدة لا تعطى لأحد الفرصة لاختراقها، وذلك بالوعى والفهم والإدراك لكل ما يحاك حولنا من مؤامرات ومحاولات دنيئة لشق الصف المصرى الواحد.
إبان الحرب العالمية الثانية، وضع الألمانى جوبلز- أحد أعوان أدولف هتلر- قاعدة حققت نجاحًا كبيرًا أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث قال: «أعطنى إعلامًا بلا ضمير أعطك شعبًا بلا وعى»، كما قال: «اكذب واستمر فى الكذب بكل الوسائل إلى أن يصدقك الجميع»، وكم كان لهاتين القاعدتين تأثيرهما الإيجابى فى بداية الحرب لصالح هتلر.
إننى هنا أعتبر أن السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى، التى تستخدمها باحترافية كبيرة بعض أجهزة المخابرات العالمية، وكذلك الشباب المأجور من جماعة الإخوان الإرهابية وغيرهما من الدول والتنظيمات التى تحاول إجهاض استقرار ورخاء وأمان وسلام الدولة المصرية بأى أسلوب.. أعتبر ذلك وبحق هو ذلك الإعلام الذى بلا ضمير.. فهل أصبحنا نحن شعبًا بلا وعى؟
من المؤكد أننا لسنا كذلك بل على العكس نحن أدركنا حقيقة ما يحاك لنا وما يدور حولنا، لأننا أصبحنا نُرى أنفسنا تلك النجاحات والإنجازات التى تتحقق أمام أعيننا، وآخرها الإنجازات الخرافية التى أشرنا إليها فى مقالنا السابق، والتى أضيف إليها هذا الأسبوع إعجازًا جديدًا وهو محور «روض الفرج- تحيا مصر»، تحدث عنه العالم بل إنه تم تسجيله فى موسوعة جينيس العالمية للأرقام القياسية كأعرض كوبرى فى العالم، وهو المحور الذى يربط شرق القاهرة بغربها عبر 12 كوبرى معلقًا، وشارك فى إنجازه 40 ألف مهندس وفنى وعامل من أبناء مصر المخلصين، فى ثلاثة أعوام فقط، محققًا شكلًا جماليًا غير مسبوق للمواطنين، حيث تم تركيب أرصفة زجاجية لأول مرة فى مصر كممشى لتمكينهم من رؤية مياه النيل.. ومع ذلك حاول ذلك الإعلام المضاد الذى هو بلا ضمير أن يروج لصورة مجهولة لأحد الألواح الزجاجية فى الكوبرى، وموجهين انتقادات لتعريفة المرور عليه لإثارة المواطنين وتفويت فرصة السعادة بهذا الإنجاز العظيم.. ولكن ولله الحمد لم تجد تلك المحاولات أى صدى أو ردود أفعال كانوا يتمنونها لأن عظمة الإنجاز طغت على كل أكاذيبهم، وهذه الحقائق كانت أبلغ رد على مزاعمهم الفاشلة.. وهنا كانت البداية الحقيقية لما سميته «إعادة الوعى».
لا بد أن نعترف بأننا فى معركة حقيقية للتأثير على وعى الشعب وشبابه، وأننا يجب أن نواجه بكل الوسائل المشروعة المتاحة ومن خلال جميع الهيئات المسئولة.. وألا نكتفى بأسلوب رد الفعل وتفنيد الأكاذيب، بل لا بد أن نلجأ لأساليب جديدة ومبتكرة فى الإعلام، ونتواصل مع الشركات المتخصصة فى هذا المجال، مع اعترافنا وتقديرنا للجهود التى تبذلها الأجهزة الأمنية فى ضبط مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى، أو إلغاء تلك الصفحات التى تثير الفتن والشك فى نفوسنا.
وسوف أكتفى هنا بأن أشير إلى بعض تلك النجاحات التى أسهمت وسائل الإعلام فى نشرها، ومدى ردود الفعل الإيجابية التى تحققت بسببها فى رفع الروح المعنوية للشعب المصرى وتنمية الوعى لدى شبابه بنسبة فاقت كل التوقعات.. هل تتذكرون تلك الأغانى الحماسية التى ما زلنا نحفظها عن ظهر قلب بعد نكسة يونيو 1967 إلى أن تحقق انتصار أكتوبر 1973؟ كيف خرج الشعب عن بكرة أبيه يغنى رغم مرارة الهزيمة «حتحارب.. كل الناس حتحارب».
هل تتذكرون مسلسل «رأفت الهجان» الذى كنا ننتظره بالدقيقة؛ حتى نرى أحد الأبطال المصريين الذين تم زرعهم فى إسرائيل وأسهم فى تحقيق انتصار أكتوبر المجيد، فكان ظهوره قدوة للشباب وحواره مع الأجهزة الأمنية المصرية وأسلوب أداء تلك الأجهزة التى أعلن عنها لأول مرة بهذه الطريقة العلنية أحد محاور تنمية الوعى والانتماء للوطن؟
وهنا أتساءل عن أى مسلسل أو أغنية وطنية حققا ذلك حاليًا، برغم كل الإنجازات التى حققها الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرًا على كل الأصعدة.. وعن استعدادنا لمواصلة مسيرة النضال معه؟
● لماذا نبحث دائما عن البقعة السوداء الصغيرة على الرداء ناصع البياض، ونسعى إلى توجيه النظر إليها؟
● لماذا نحاول دائمًا أن نبحث عن السلبيات، ونتغاضى عن الإيجابيات التى تتحقق كل يوم على أرض الواقع؟
لا بد أن نعمل جميعًا على إعادة الوعى وإيقاظ الضمير ووأد الفتنة التى تحاول قنوات الفشل الفضائية العميلة تصديرها لنا، والتى تضاءلت نسبة مشاهديها إلى أقل مستوى منذ عدة أشهر تقريبًا، عندما رأى الشعب المصرى كله حقيقة الإنجازات التى تتم بمعدلات غير مسبوقة.
إن الرئيس عبدالفتاح السيسى ما زال فى حاجة إلى مساندة شعبية وطنية واعية ومدركة؛ لكى يستعيد لمصرنا الغالية قيمتها وقدرها داخليًا وخارجيًا، لتحقيق آمال وطنه وشعبه والأجيال القادمة من بعدنا.
«معركة إعادة الوعى سوف نقودها من خلال جريدتنا الغراء على مدى الأسابيع المقبلة بإذن الله».
وتحيا مصر.