ثورة 19 باليونانى
الأديب اليونانى المصرى تسيركاس ولد فى عام 1911 فى القاهرة بحى عابدين ودرس فى مدرسة للجالية اليونانية وعمل بعد ذلك فى ديروط بالصعيد
تناول الكثيرون جوانب عديدة لثورة ١٩، لكن لم يحظ استقبال الجاليات الأجنبية فى مصر للثورة، أو صدى الثورة فى الآداب العالمية بالاهتمام الكافى. من هنا تأتى أهمية رواية «نورالدين بومبة» للأديب اليونانى المصرى العالمى تسيركاس، ولكن مَن هو تسيركاس؟.
ولد تسيركاس فى عام ١٩١١ فى القاهرة بحى عابدين، ودرس فى مدرسة للجالية اليونانية، وعمل بعد ذلك فى ديروط بالصعيد مديرًا لمحلَج قطن من عام ١٩٢٩ حتى عام ١٩٣٩، وهناك فى ديروط سمع حكايات الأبطال ومقاومة قوات الاحتلال البريطانى أثناء الثورة. ويختزن تسيركاس كل هذا فى ذاكرته ليُخرِجه لنا فى صورة رواية «نورالدين بومبة»، المراكبى البسيط الذى تحوَّل إلى البطل الشعبى للمقاومة ضد سلطات الاحتلال البريطانى فى ديروط، فى صورة أقرب إلى ملحمة أدهم الشرقاوى.
عودة مرة أخرى إلى الأديب العالمى اليونانى المصرى، الذى ربما لا يعرفه الكثيرون فى مصر، بدأ تسيركاس نشاطه الأدبى مبكرًا، شعرًا ونثرًا، ونشر إنتاجه باللغة اليونانية فى مصر واليونان، وانضم إلى الحزب الشيوعى اليونانى الذى كان له فرع فى مصر. ودخل فى صداقة مع شاعر الإسكندرية الكبير كفافيس، وكتب عنه دراساتٍ عديدة. واستمرت إقامة تسيركاس فى مصر حتى عام ١٩٦٣، حين تم تأميم مصنع دباغة الجلود الذى كان يعمل به، حيث اضطر للعودة إلى اليونان التى توفى فيها فى عام ١٩٨٠، أى أنه قضى معظم حياته فى مصر.
والجدير بالملاحظة أن تسيركاس كتب روايته عن ثورة ١٩ خلال العشرة أيام التى أعقبت قرار الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس فى ٢٦ يوليو ١٩٥٦. فى تلك الأثناء تفاعلت الجالية اليونانية مع قرار التأميم، وحق مصر فى قناة السويس، لذلك عكف تسيركاس على كتابة روايته «نورالدين بومبة» وكيف بدأ الشعب المصرى جهاده ضد الاحتلال البريطانى واستعادة سيادته على أرضه منذ ثورة ١٩١٩.
فى هذه الرواية يتتبع تسيركاس معاناة الصعيد الاقتصادية والاجتماعية طيلة سنوات الحرب العالمية الأولى. كما يرصد بدايات الثورة فى ديروط وأسيوط، وتحول نورالدين بومبة، المراكبى البسيط، إلى بطل شعبى، والمقاومة الباسلة للشعب المصرى هناك، وإعدام السلطات البريطانية لهؤلاء الأبطال. وعندما نقرأ عبدالرحمن الرافعى وما كتبه فى كتابه عن ثورة ١٩١٩، نجد تأكيدًا على أحداث الثورة والمقاومة فى ديروط وأسيوط، وكيف لجأت بريطانيا إلى العنف فى مواجهة تلك الأحداث.
ونظرًا إلى الأهمية الأدبية لتسيركاس وروايته «نورالدين بومبة»، تمت ترجمتها إلى اللغة الفرنسية فى عام ١٩٧٣ تحت عنوان «ابن النيل»، كما حصل تسيركاس على جائزة أحسن عمل روائى أجنبى فى فرنسا فى عام ١٩٧٢.
وعلينا توجيه تحية خاصة للمصرى اليونانى «ينّى ميلاخرينودى»، العاشق لمصر، الذى ترجم هذه الرواية حبًا وعشقًا لمصر وأهمية ثورة ١٩١٩ فى الذاكرة العالمية.