الظهير الشعبى مع الأمن.. واجب وطنى
يخطئ من يظن أن هناك دولة فى العالم مهما بلغت من الإمكانيات التكنولوجية والمعرفية وتطور المعدات والأجهزة الأمنية لديها بمنأى عن أى أعمال إرهابية بغض النظر عن الأهداف المطلوب تحقيقها من تلك العمليات.. ولكنه من المؤكد أن نعرف أن بلادنا أصبحت مستهدفة حاليًا أكثر من أى فترة سابقة وذلك للعديد من الاعتبارات منها على سبيل المثال لا الحصر:
- النجاحات السياسية المتتالية التى حققتها مصر وما زالت تحققها تباعًا، والتى أسفرت عن عودتها بقوة إلى الساحة العربية، وكذلك الحال فيما يتعلق بالساحة الإفريقية، فها هى مصر تترأس دول الاتحاد الإفريقى لعام ٢٠١٩ بكل ما تحمله من طموحات اقتصادية مع دول القارة السمراء بما تحويه من ثروات طبيعية زراعية وتعدينية وبترولية، وسياسية بتوحيد الكلمة الإفريقية فى المؤتمرات الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة.. علاوة على تكوين جبهة شبابية من أبناء القارة الإفريقية وإعدادهم ليتولوا قيادة تلك القارة فى المستقبل القريب، وذلك على خلاف رغبة العديد من الدول الأوروبية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التى ترى فى إفريقيا ذلك المصدر لأى احتياج لها من مصادر ثرواتها، وبالتالى تعمل على كبح جماح طموح شعوبها وشبابها من حياة أكثر رقيًا وتطورًا أسوة بدول العالم المتقدم.
أما على الصعيد الدولى، فها هى دول العالم تقوم بدعوة مصر ورئيسها للمشاركة فى معظم الفعاليات التى تقام بها، ولعل آخرها «مؤتمر ميونخ للأمن»، ثم تلك المشاركة الأوروبية فى شرم الشيخ، حيث يعقد بها مؤتمر «القمة العربية الأوروبية».
- إذا نظرنا إلى الداخل، فسوف نجد العديد من الإنجازات فى شتى المجالات التى لم يتم التطرق إليها منذ سنوات بعيدة.. فها هى النهضة العمرانية تشمل العديد من المحافظات المختلفة وتمتد إلى العشوائيات لتهيئ لساكنيها حياة كريمة، حيث تم بناء أحياء كاملة كالأسمرات وغيط العنب وروضة السيدة لتحل محل المناطق التى كانت تأوى العديد من العناصر الإجرامية التى لم تجد لها مكانًا مع هذا التطور..كذلك شبكة الطرق التى تضاهى العديد من الدول المتقدمة.. علاوة على العاصمة الإدارية الجديدة، التى أصبحت مزارًا لضيوف مصر من العالم أجمع.. وذلك برغم كل ما تتعرض له البلاد من تحديات اقتصادية وأمنية وعداءات ومؤامرات من دول عربية وإقليمية.
ثم نأتى إلى الملف الأمنى- وهنا بيت القصيد- فلقد شهدت الساحة الأمنية مؤخرًا العديد من المتغيرات، التى جعلت أهل الشر والجماعات التكفيرية والإرهابية يخططون لإثبات وجودهم على الساحة بعد الضربات الاستباقية التى نجحت قواتنا المسلحة والشرطة فى توجيهها لهم منذ عدة أشهر أفقدتهم القدرة على القيام بأى مواجهات علنية، وجعلتهم يلجأون إما إلى زرع العبوات الناسفة والألغام فى أى مكان يتمكنون فيه من ذلك.. أو أنهم يقومون بتفخيخ أنفسهم بحيث يكونون هم أنفسهم أداة التفجير والتخريب.
ثم جاءت الدعوة لإجراء تعديلات دستورية تجعل من القوات المسلحة هى الحامى الشرعى للبلاد فى حالة حدوث أى قلاقل أو اضطرابات لعدم تكرار ما حدث فى ٢٨ يناير ٢٠١١ عندما قفزت جماعة الإخوان على ثورة الشباب النقى وتمكنت من السيطرة على مقاليد الحكم فى البلاد.. تلك التعديلات سوف تؤدى بدون شك إلى القضاء على أى آمال تراود أهل الشر فى العودة مرة أخرى إلى سطح الأحداث وتجعلهم دائمًا فى قاع المجتمع.. ومن هنا فإن هؤلاء الأوغاد سوف يحاولون بشتى الطرق القيام بأعمال إرهابية فى محاولة لإحداث وقيعة وتشكيك بين الشعب وقياداته التى تعمل بكل جهد وإخلاص للقضاء على الإرهاب واجتثاثه من جذوره.
وهنا يأتى دور «الظهير الشعبى» بمختلف انتماءاته ودياناته وفى مختلف المواقع، سواء تلك التى يقيم بها أو يعمل فيها.. ولعل من أهم وأبرز ما يجب أن يقوم به هذا الشعب العظيم التعاون المثمر والمخلص مع الأجهزة الأمنية فى الإبلاغ عن أى شخص يكون محل اشتباه، سواء فى مظهره أو سلوكه أو طريقة تعامله مع أقرانه أو أى تغييرات تطرأ على تصرفاته، كالخروج ليلًا على سبيل المثال والاختفاء لفترات طويلة خارج مسكنه.. أو الغياب عن جهة عمله.. وهنا فإننى أعاتب أهل تلك المنطقة التى شهدت حادث تفجير الجمالية فى عدم الإبلاغ عن الإرهابى الحسن العراقى الذى كان يقيم معهم منذ فترة طويلة بعد أن تغيرت أحواله وتصرفاته، وقام بإطلاق شعر رأسه ولحيته والغياب لفترات خارج مسكنه أو المكوث به فترات طويلة.. هل كل تلك الأمور لم تلفت أنظار أهل منطقته وجعلت أحدهم يقوم بالإبلاغ عنه حتى ولو على سبيل الاطمئنان؟.
إن المعلومات هى بداية نجاح أى عملية أمنية، وغالبًا ما يكون مصدرها هؤلاء المواطنين الشرفاء الذين يحبون وطنهم ويخافون عليه خاصة على ضوء تلك التهديدات التى يتعرض لها هذا الوطن حاليًا.
وبالتالى فتعاون المواطن مع الأمن هو البداية الصحيحة للوقاية والقضاء على أى عمل إرهابى أو شخص محل اشتباه حتى ولو كان هذا الاشتباه سلبيًا، فيكفى أن يتسبب ذلك فى إحداث نوع من الاطمئنان تجاه شخص معين.
ثم يأتى دور الإعلام، والذى أعتقد أنه لو كان قد نجح فى تذكير الرأى العام الداخلى والخارجى بتلك الجرائم والاغتيالات وأعمال الإرهاب التى قام بها هؤلاء الذين تم إعدامهم مؤخرًا لما قامت منظمات حقوق الإنسان المشبوهة وفضائيات الإخوان والأجهزة الاستخباراتية بمحاولات تأليب الرأى العام داخليًا وخارجيًا على ما قامت به السلطات من تنفيذ حكم القضاء العادل عليهم، والذى تأخر بشكل جعل البعض ينسى ما قام به هؤلاء الإرهابيون.
كما أطالبه بعمل برنامج يومى على غرار برنامج «كلمتين وبس» ولمدة خمس دقائق فقط، يقوم خلاله بتبصير المواطن بأهمية التعاون مع الجهات الأمنية والإبلاغ عن الأشخاص محل الاشتباه أو الأشياء الغريبة، التى من الممكن أن تكون عبوات ناسفة تأخذ معها العديد من أرواح الأبرياء من أبناء هذا الوطن. كما أننى أناشد البرلمان ضرورة إصدار قانون يلزم كل من يقوم بتأجير شقة مفروشة أو إيجار جديد بتسجيل بيانات الساكن فى قسم الشرطة التابع له.. بل إذا أمكن يتم تحرير عقد ذلك الإيجار فى ذات قسم الشرطة، حتى يمكن التعرف على هذا الغريب الذى سوف يقطن تلك العين المؤجرة. ورجال الدين ويا لها من مهمة شاقة تقع على عاتقهم فى المدارس والمساجد والكنائس والجامعات.. أتمنى ألا يقتصر دورهم على تلك الموعظة الأسبوعية، سواء يوم الجمعة أو الأحد، وأن تمتد لتشمل قوافل من شباب الدعاة يجوبون المدارس والمعاهد والكليات، وأن تكون هناك حصص مخصصة لهم يوميًا يناقشون فيها ذلك الفكر المنحرف والمتطرف الذى يعتنقه هؤلاء التكفيريون، والذى تكون نتيجته تلك العمليات الإرهابية وهذه الخسائر البشرية التى نحن فى غنى عنها طالما اعتدل الفكر واستقام العقل ونضج الوعى من خلال تلك المحاضرات أو الدروس اليومية.
ويأتى بعد ذلك دور الأحزاب التى تحاول أن تجد لها بابًا لممارسة الحياة السياسية خلال الفترة الحالية.. فها هى الفرصة جاءت سانحة للانتشار بين أوساط الشباب لتوعيتهم وإعدادهم بدنيًا وسياسيًا من خلال الندوات والدورات الرياضية التى تستحوذ على أفكارهم وطاقاتهم وتخلق فيهم روح الولاء والانتماء لوطنهم.
حديثنا عن أمن وطننا لم ولن ينتهى.. فهو أمانة يجب أن نتحملها جميعًا، فجميعنا شركاء فيه، ومن واجبنا أن نحميه.
وللحديث بقية
وتحيا مصر