"مارى منيب".. فنانة تربعت على عرش الكوميديا تحديًا لإهانة "الريحانى"
"ماري منيب"، فنانة افتقرت للمقاييس الشكلية للنجومية، لكنها خلقت بفطرتها مقاييس أخرى وشكلًا آخر لفن الكوميديا الذي لا يخضع لأي حدود أو فواصل، وتحدت إهانة نجيب الريحاني لها بأنها لا تصلح لعمل المسرح حتى تربعت على عرش الكوميديا.
في كتاب "الضاحكون الباكون" تقول الكاتبة أمل عربان فؤاد، إن عفوية ماري وبساطتها وجمال روحها كان المفاتيح السحرية لعالم النجومية التي استطاعت كسر حاجز نجومية الرجل لتقف بطلة جنبًا إلى جنبه، لتكون هي البطلة في السينما والمسرح رغم أنها لا تمتلك ملامح البطلة المألوفة من جمال ومواصفات جمالية.
وأضافت أن ماري قدمت دور الحماة، وتلك الشخصية التي كانت سر تربعها على عرش الكوميديا لنجيب الريحاني بربري مصر الوحيد على الكار، ورغم أنه قابلها بشخصية سليطة إلا أنها أبدعت كما لم يبدع فنان من قبل، مشيرة إلى أنها نجحت في أن تصبح الأم التي لا يهدأ لها بال إلا بإشعال خلافات لتعكير صفو حياة زوجة ابنها أو زوج ابنتها.
وتابعت: "من قلب الحارة الشعبية تفتحت آذان ماري على الحكايات والأحاديث الشعبية لتترك داخلها مخزون من أحاديث وعادات وتقاليد كانت هي زادها الفني ومعينها الذي لا ينضب، وما ساعدها على ذلك عدم ميلها للدراسة، لذا فقد كانت الحارة الشعبية معلمها الأول المشكل الأساسي لشخصيتها".
وذكرت أن المفاتيح شخصية الفنانة كانت بسبب ظروفها الحياتية التي لعبت دورًا أساسيًا في تشكيل شخصيتها الفنية، موضحة أن ماري من أصل سوري وقدمت مع والدتها وهي ابنة ستة أشهر حين هاجرت والدتها من الشام إلى مصر بحثًا عن زوجها الخواجة سليم الذي كان قد ترك أسرته الصغيرة، وجاء إلى مصر ليضارب في القطن أملًا في تعويض خسائره المتلاحقة، فطالت غيبته فاستبد القلق بزوجته ما دفعها إلى السفر للقاهرة بحثًا عنه، لكن تشاء الأقدار أن يقرر الزوج السفر من القاهرة إلى سوريا في نفس التوقيت بسبب إصابته بمرض أثناء رحلة العودة، وهنا قررت الزوجة عدم الرجوع إلى سوريا والإستقرار في مصر بشكل نهائي.
وتابعت: أن الأسرة استقرت في حي الفجالة في شقة ايجارها الشهري سبعين قرشًا، ولم يكن لدى والدة ماري أي مصدر للدخل إلا عملها بالحياكة، فيما لم تستجب ماري للتعليم، فما كان منها إلا أن تركت الدراسة وتكتفي بمساعدة والدتها في الأعمال المنزلية، حيث أتاحت الفترة التي قضتها بالمنزل بالغوص في عادات وتقاليد الحارة الشعبية، والتي التقطت منها العبارة التي شكلت منها قاموسها اللغوي، ورغم فشلها الدراسي إلا أن رحلتها الفنية من خلال أحد الفنانين المقربين لأسرة ماري الذي عرض على الأم أن يقوم بإلحاق الفتاة بالعمل الفني بفرقة الريحاني.
وتروي الكاتبه أن الفنان قدمها لنجيب الريحاني لضمها إلى فرقته، إلا أنه رفض في البداية لصغر سنها، فقام باصطحابها إلى فرقة على الكسار المنافس للريحاني والذي وافق بدوره على انضمامها لفرقته في مجاميع الكومبارس في مسرحية "القضية نمرة 14" لتبدأ أولى خطواتها الفنية على مسرح الماجستيك، ومن داخل الماجستيك دخل الفن قلبها وتعلقت بالمسرح والكوميديا بشكل خاص، ورغم أنها لم تكن تجيد القراءة والكتابة وكانت تقوم بتجسيد دورها بناء على الفكرة التي يكلفها بها المؤلف والمخرج، أما عن كيفية التمثيل فقد كانت فطرتها هي المحرك الأساسي لها.
ظلت ماري تتنقل في الأعمال حتى عرضت على الريحاني مرة أخرى لكن حين رأها قال: "إنها لا تصلح للتمثيل بقدر ما تصلح لعمل المنزل"، وبعد صعوبة اختبرها الريحاني أكثر من اختبار إلى أن وافق على انضمامها لفرقته.
مع فرقة الريحاني بدأت ماري مرحلة النجومية، وكان الريحاني فنانًا ذكيًا استطاع أن يوظف موهبة ماري الفنية التي ارتوتها من الحارة الشعبية ليصنع لها بديع خيري شخصية الحماة تلك الشخصية التي كانت المفتاح الذهبي لنجاح ونجومية ماري.