"سرقه حميد الشاعرى".. سيرة الريس "بيرة" فى الأغنية الشعبية
"انا كنت غاوي أكون فنان شامل، عملت أغاني كثيرة، غنيت اللون الصعيدي والموال الشعبي والطرب، وغنيت طرب يجنن، عشان كدا أعطوني المريسة سنة 1934 وكان عمري وقتها 12سنة".. هكذا بدأت حكاية "خليل محمد خليل" حسبما رواه في حوار له بمجلة العربي 1999.
كانت الفرق الغنائية تغني في الموالد، ولكل فرقة ريس، يستأذن منه المطربون والعازفون إذا غاب عن الفرقة، وأصبح "خليل" ريس لفرقته في عام 1934 لأنه كان يجيد غناء أغلب ألوان الفن، من الموال والطرب والشعبي، وهو ما تعلمه على يد والده "محمد خليل" الذي ألف كتاب "الصهبجية" ليحفظ فيه أغلب المواويل القديمة، لكن بعد وفاته أحرق شقيقه الكتاب، وضاع من يد الريس بيرة كنز كبير لكنه طيب خاطر نفسه قائلًا: "انا لسه حافظ مواويل كتيرمنه، انا عندي في عقلي تسجيل أحسن من أي تسجيل،
وبتحريض من جدته التي كانت تناديه دومًا "يا واد يا بير العسل..يا بيرة"، كان إخوته يضربونه بقسوة لأنه كان يهرب من الكُتاب، لم يكن يغضب له ويشفق عليه سوى والده.
رغم أنه أتم حفظ القرآن الكريم، لكن الغنا أكل عقله، فكان يتردد على الأسواق والموالد، في كل ليلة حيث العزف والغناء، فكان يصعد على المسرح ويغني، مما ساعده في أن يعرف أغلب وجوه الوسط الفني في العشرينات، فكان يلتقي بالفنان حسن الإمام الذي كان يطلب منه أن يحكي له حكايات الأغاني المجهولة والفلكور.
سُرق مني 8 أغاني، لايعرفها في العالم كله غيري، ثم سمعتها في شريط كاسيت عليه اسم واحد اسمه "حميد الشاعري" ومسميه شعبيات، لو رفعت قضايا على كل المسروق مني هاقضي عمري في المحاكم بالإضافة لأن الذين يحمون حقوقنا هم أول من يسرقها"، هكذا اتهم الريس بيرة حميد الشاعري بسرقة أغانيه، بالإضافة إلى محمود لطفي الذي وصفه بانه اخطبوط، واتهمه بسرقة حقوق أغانيه بعدما خدعه وطالبه بتسجيل اسمه في جمعية المؤلفين والملحنين خشية تعرضه للسرقة.
يقول "الريس بيرة"، في يوم كنت بصالح واحد صاحبي على مراته، رحت وصالحتهم، وجبته مع مراته والولد على كتفها، وتركته على الأرض وقامت تعمل لنا الشاي، الولد صرخ، قلت لها "شيلي الواد من الأرض..الواد كده يتخض" قالت لي: "أدي الواد لابوه.. أبوه كمان زعلان مش عاوز ياخد الولد" قلت لها: "يابت شيلي الولد من الأرض، لو كان عطشان اسقيه" قالت لي: "أنا باعمل لكم الشاي..ادي الواد لابوه" فانا اكتسبت اللفظ ده، وبعدين كان سنة 1930 نشتري الخروف بربع جنيه، ونأكله برسيم على فول ودريس لحد ما يكبر، نقوم نعاكسه ونقول له "سح الدح إمبو..خروف نطاح" فأنا عملتها السح الدح امبو، ادي الواد لأبوه، شيلا الواد من الارض، أوعي الوادي يتخض، ياعيني الواد بيعيط.. صعبان على الواد" وكان الكلام ده سنة 1951 بعدين جالي عدوية سنة 1972.
ورغم انها كانت من نصيب المطرب الشعبي أحمد عدوية، لكن الريس بيرة كان يغنيها في الأفراح، إلى أن إلتقيا سنة 1972، وطلب منه أن يغنيها لكن الطريقة التي أدى بها عدوية الأغنية لم تعجب الريس بيرة.
كتب الريس بيرة أغنية وقف بها ضد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، غناها الناس في مصر عام 1981 في حملة سبتمبر: "يا سادات ياعدو الملايين.. يا رئيس النصابين والخطافين.. يا سادات يا عدو الملايين.. معروف ابليس..يا ابن الخسيس.. أبو بيحير وأمك مائير..أمك مائير..أمك مائير" وكانت على نفس لحن أغنية ياجمال يا حبيب الملايين.
أما رأي الريس بيرة في المطرب الشعبي أحمد عدوية، انه مرزق، لكنه ليس فنانًا على الإطلاق، وحكايته تشبه سيدنا موسى مع سيدنا الخضر، والدليل أن أغنية السح الدح امبو ظلت موجودة من سنة 1951 حتى 1972 ليغنيها عدوية رغم انه كان قبله عدة مطربين شعبيين، مثل أحمد التبت وأحمد لميع كانوا ينامون الليلة في اللوكندة بـ30 قرش "وكانوا مش لاقيين ياكلوا لما أعطيته الاغنية اراد المولى عز وجل أن تنجح"، حسبما قال الريس بيرة.