الجيش أمام إرادة الشعب
نعيش أيامًا عصيبة لم نشهد لها مثيلاً من قبل فى تاريخنا الحديث، انقسم المصريون إلى قسمين نتيجة مشروع إخوانى مستبد، قسم هو الشعب المصرى الثائر والذى يتجه إلى ثورة ثانية يوم ٣٠ يونيو المقبل، وقسم آخر هو فصيل إخوانى يجر الوطن إلى الهاوية.
أسوأ عام مر فى حياتى وفى حياة الشعب المصرى، فنرى المسلم يقتل مسلمًا آخر بتحريض ممن يطلقون على أنفسهم «دعاة».
مجزرة دموية شاهدناها ضد الشيعة، فأزعجت كل البيوت المصرية لأنها تنذر بفتنة طائفية تطرق الأبواب إن لم يتغير النظام الحاكم الذى يشجع على الترويع والقتل والتكفير للآخرين.
وصلت معاناة الشعب المصرى إلى ذروتها وبلغت ما هو فوق طاقة احتماله ، لم يعد بإمكان المواطن العادى أن يأمن على بيته أو على أسرته فى أى مكان، لم يعد بإمكان المواطن العادى أن يظل متفرجًا أو أن يصمت ، أو أن يذعن أمام حمامات الدم.
لقد قرر الشعب المصرى أن يمضى فى مطالباته بالحرية وبنظام جديد يحترم حقوق كل المصريين ويأمن فيه المواطن على قوت يومه، وعلى بيته وعلى أسرته وعلى أمنه القومى.
كل من التقيت بهم فى كل المواقع والتجمعات واللقاءات يتحدثون عن الخروج من بيوتهم يوم ٣٠ يونيو من أجل الثورة على النظام الإخوانى، لقد قرر الشعب المصرى أن يثور..
أما الاختيار الحقيقى الآن فهو للجيش المصرى، فإما أن يقرر اختيار الوقوف مع الإرادة الشعبية والتفاعل مع مطالب الملايين الثائرين والغاضبين والتوافق مع الشعب المصرى المضطهد، وأما الاختيار الثانى فهو الانحياز للسلطة الحاكمة وضد إرادة غالبية الشعب المصرى، وهذا اختيار لا أظن أن القوات المسلحة المصرية ستتبناه.
لقد قال الفريق عبد الفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى بيانًا أعطى الأمل والأمان للشعب المصرى أن قواته المسلحة على وعى كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل، وأنها تعمل بتجرد وحياد تام، مؤكدًا «أن ولاء رجالها لمصر وشعبها العظيم، كما أكد أن إرادة الشعب المصرى هى التى تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة، ونحن مسئولون مسئولية كاملة عن حمايتها، ولا يمكن أن نسمح بالتعدى على إرادة الشعب، وليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين، والموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر فى وجود جيشه»
وأكد عدم سماحه لأحد بإهانة الجيش المصرى، إلا أن هناك تعمدًا لإهانة الجيش ورجاله أبطال أكتوبر والدرع الواقية للوطن.... فخرج حازم صلاح أبو إسماعيل بهجوم متعمد لثانى مرة ضد أعظم جيش فى المنطقة، كما خرج قبله محمد البلتاجى أثناء وقفة التيارات الإسلامية الجمعة الماضية ليهاجم الجيش المصرى، ورغم أن الشعب المصرى لا يقبل إهانة جنودنا البواسل الذين نفتخر بهم، إلا أن هذا التعمد المقصود هو جزء من مخطط لتدمير جيش مصر. إن رفض الشعب المصرى لإهانة جيشه قد نقل الشعب إلى منطقة أخرى وهى منطقة الغليان، ويبدو أن السلطة الحاكمة لا تدرك حتى الآن أن الشعب المصرى يكن احترامًا وتقديرًا كبيرين لأعظم وأقدم جيش فى المنطقة، إن هذا الجيش هو جيش الانتصار فى حرب أكتوبر العظيمة.
أما الرسالة التى وصلت إلى داخل البيوت المصرية فهى أن القوات المسلحة هى الدرع الواقية للوطن ولأمنه القومى فى مواجهة كل الأخطار التى تحيط به.
و إذا كان شعار مظاهرات ٣٠ يونيو هو «السلمية» ، فإن أدواتها سلمية أيضاً، وهى علم مصر وكارت أحمر وصفارة صغيرة، بالإضافة إلى شجاعة شعب قرر أن ينتفض من أجل قوت يومه ومستقبل أبنائه، ومن أجل أن يعيش المسلم والمسيحى معا حياة كريمة آمنة حرة فى دولة مدنية حديثة تتقدم للأمام ولا تعود للخلف، إن الشعب المصرى قد قرر بكل فئاته أن ينتفض فى ثورة سلمية سيكتب عنها التاريخ، وإننا نطالب القوات المسلحة بأن تقرر حماية الشعب المصرى قبل فوات الأوان، وأن تستجيب إلى مطالبه المشروعة فى التغيير وألا تتأخر عن تلبية نداء الشعب فى مواجهة جماعات مسلحة تبث العنف والكراهية والفتن...
إن العد التنازلى للثورة قد بدأ فى كل أنحاء مصر.