كابتن "هبة".. فتاة ريفية تحطم أغلال العادات والتقاليد
كانت مجرد فتاة ريفية بسيطة، لكنها كانت تملك حلمًا كبيرًا، وهو أن تصبح مدربة كرة قدم، الأمر الذي يثير اندهاش الكثيرين، فكيف لفتاة قروية أن تغفل العادات والتقاليد وتكسر حاجز الروتين، وتطمح للنجاح بمجال لطالما كان مقتصرا علي الشباب فحسب، إنها كابتن "هبة رزق".
"هبة" مدربة كرة قدم، وحكم دولي بالاتحاد المصري لكرة القدم الخماسي منذ عام 2014، ورئيسة منتخب جامعة طنطا لكرة القدم الخماسية، ورئيسة شعبة تابعة لوزارة الشباب والرياضة، وحاليا المدير الفني لنادي سبورتنج كاستل بمدينة طنطا، كما أنها أول من شكل فريق كرة قدم نسائية وفريق ناشئات بمدينة طنطا، الفتاة التي زرعت الأمل في نفوس الكثير من الفتيات وطمأنتهن على أن موعد تحقيق أحلامهن ليس بعيدًا، لكن "هبة" قد حالفها الحظ بامتلاكها عائلة تقدر المواهب، عائلة لطالما شجعتها ودعمتها حتي وصلت إلي ما هي عليه الآن.
ورغم اعتراض والدتها "فريال" علي فكرة لعب ابنتها لكرة القدم، إلا أنها بالنهاية لم تجد بدًّا من الانصياع لرغبتها وتركها ترسم ملامح مستقبلها بنفسها، وقد نبت حب كرة القدم في قلب "هبة" منذ صغرها، وقد أرجعت الفضل في ذلك إلي والدها وأخيها، فقد كانا يلعبان معها هذه اللعبة كثيرا، فوالدها كان رجلًا متفتح العقل واسع الثقافة يدرك قيمة موهبة ابنته ويشجعها، وقد ربي أبناءه علي الحرية، فكان يسمح لها بركوب الدراجة في السن الذي يري فيه أهل القرية هذا أمرا مشينا، أما أخوها "السيد" الذي يعد شريكها في مجال عملها فإنه كان دائم التشجيع لها، لكنه كان يشعر بالحزن عند إصابتها بأي أذى في الملعب، معللا ذلك بأن قدرة تحمل الفتاة أقل من الولد مهما بلغت قوتها، أما أخوها "علي" فرغم رفضه لهذا المجال إلا أن ذلك لم يمنعه من دعمها.
وعند دخولها الجامعة تفاجأت بوجود فريق كرة قدم، فلم تتردد في الانضمام إليه فورا، وقد أعجب أحد المدربين بأدائها وطلب انضمامها إلي نادي "المقاصة" بالقاهرة، لكن والدتها رفضت فكرة السفر نهائيا، لكن هذا الأمر قد فتح المجال واسعًا أمامها وأسهم في تعزيز الفكرة في خاطرها.
"دا مستقبل بنتي وهي مش في دماغها الجواز" هكذا كان رد أم "هبة" علي نساء القرية اللاتي ترين أن لعب الفتاة لكرة القدم أمرًا عديم النفع، والأولي أن تقبع بالمنزل وتتعلم المهام المنزلية، مؤكدة أنه إن عاد بها الزمن مرة أخري لن تتردد في دعم ابنتها مجددا.
أما عن "هبة"، فقد صرحت بأنها واجهت اعتراضات شديدة في بداية طريقها، وقد لقبها بعض الأهل والأصدقاء بـ"الولد"؛ لأنها تفضل الألعاب الصبيانية ككرة القدم وركوب الدراجات، لكنها لم تكن تكترث لأقاويلهم؛ لأن أهلها كانوا يدعمونها، كما أنها أثبتت جدارة في توظيف وقتها بشكل عملي، فهي تستطيع التوفيق بين حياتها الشخصية وحياتها العملية.
وعند سؤالها عن أكثر المواقف التي أثرت فيها وطبعت في ذاكرتها، ذكرت أنه كان لفتاة من قرية ريفية مجاورة، فهذه الفتاة كانت تحلم بممارسة رياضة كرة القدم، في حين رفض والدها وأهله الفكرة بشدة، لدرجة التي كادت أن تودي بعلاقته مع زوجته إلي الطلاق، ما دفع "هبة" للتدخل لحل المشكلة بطريقة ودية، لكن والد الفتاة رفض تدخلها بشدة، فقد كانت تلك أول حالة تعجز عن حلها.
وقد ناشدت وزير الشباب والرياضة وبعض الشخصيات العامة إلي ضرورة العناية والنظر إلي ملف كرة القدم النسائية؛ لأن هذا المجال يتطور بشكل كبير ولن يتراجع مهما كانت المعوقات، مشيرة إلي أنها أعدت مشروعًا سيغير مسار كرة القدم النسائية بشكل كبير مستقبلًا.