فى ذكرى رحيله.. تعرف على القصة الكاملة ليشوع النبى
"لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك، كما كنت مع عبدي موسى أكون معك، لا أهملك ولا أتركك، تشدد وتشجع لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم، إنما كن متشددًا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي، لا تمل عنها يمينا ولا شمالًا لكي تفلح حيثما تذهب، لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلًا، لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه، لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح، فتقوي قلب يشوع".
بتلك الكلمات المعزية تحدث الله حسب العقيدة المسيحية، مع يشوع بن نون، كى يشجعه ويدعوه بقوة للخدمة، مثل موسى النبى، وبالتزامن مع احتفال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بذكرى رحيله، تستعرض "الدستور" القصة الكاملة ليشوع النبى.
ولد "يشوع" في مصر، عام 2460، أي قبل خروج الشعب الإسرائيلي من عبودية فرعون بثلاث وخمسين عاما، وكان تلميذًا وخادمًا لموسى النبي الذي بعد أن أخرج شعب الله بقوة الذراع الإلهي والعجائب العظيمة وأوصلهم إلى قرب جبل سينا صعد إلى الجبل آخذًا معه يشوع خادمه لسماع الوحي واستلام الوصايا.
وحسب الكتاب الكنسى "السنكسار" أنه في أثناء حرب إسرائيل ضد عماليق كان يشوع قائدا للجنود، فلما انتخب موسى اثني عشر رجلًا، واحدًا من كل سبط وأرسلهم ليتجسسوا أرض الميعاد كان يشوع واحدًا منهم وقد أتم خدمته بكل أمانة، وقرر هو وكالب وحدهما الأخبار الصادقة عن أرض الميعاد.
ولذلك دخل الاثنان فقط تلك الأرض دون جميع الشعب الإسرائيلي الذي خرج من مصر الذين لكونهم تذمروا وشكوا في صدق مواعيد الله، فقد أقسم تعالي أنهم لا يدخلون إلى راحته، ولكن أولادهم الذين ولدوا لهم بعد خروجهم من مصر هم الذين دخلوا تلك الأرض مع يشوع وكالب.
واستكمل الله حديثه مع يشوع قائلًا: "لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك كما كنت مع عبدي موسى أكون معك، لا أهملك ولا أتركك، تشدد وتشجع لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم إنما كن متشددا وتشجع جدًا، لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه، لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح".
ومن هناك قوي قلب يشوع وأرسل جاسوسين سرًّا تجسسا الأرض ودخلا بيت راحاب الزانية فخبأتهما ثم أنزلتهما من الكوة لأن بيتها كان بحائط السور، وذلك بعد أن أمَّناها علي نفسها وعلي كل أهل بيتها، ثم فتح أريحا بعد أن طاف حول أسوارها مرات متعددة وهو يهتف فانهدمت أسوارها العظيمة.
وصعد الشعب إلى المدينة وقتلوا كل من كان فيها من إنسان وحيوان بعد ما أخرجوا راحاب وأباها وأمها وإخوتها وكل من لها وعشيرتها خارج المحلة، وأحرقوا المدينة بالنار، فقد جعلوها في خزانة بيت الله، واستحيا يشوع راحاب الزانية وكل بيت أبيها لأنها خبأت الرسولين.
وكان الله مع هذا الصديق فقتل ملوكا وفتح مدنا كثيرة فخافته الأمم، ولعظم الخوف احتال أهل جبعون فلبسوا ثيابا بالية ونعالا مرقعة وصيروا خبز زادهم فتاتا، ومضوا إلى يشوع وقالوا له نحن جئنا من أرض بعيدة نريد منك الأمان والعهد فأجابهم يشوع ومشايخ بني إسرائيل: "انظروا لئلا تكونوا ساكنين في هذه الأرض"، فأجابوهم: "من أرض بعيدة جئنا علي اسم إلهكم، هذا خبزنا سخنا تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا لكي نسير إليكم، وها هو الآن يابس قد صار فتاتا، وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطريق جدا"، فأمنوهم وحلفوا لهم وبعد ثلاثة أيام سمعوا أنهم قريبون إليهم وأنهم ساكنون في وسطهم فلعنهم يشوع وجعلهم عبيدا ينقلون الحطب لخدمة بيت الله.
وحارب يشوع خمسة ملوك الأموريين حيث ساعدته يد الله بنزول الحجارة كالمطر علي الأعداء وكان الشعب يقاتلهم أمام مدينة جبعون فأوقف الشمس إلى أن أباد الخمسة الملوك مع كل عساكرهم وحسب أوامر الله قسم الأرض بين بني إسرائيل وأعطي الكهنة بلادا لسكناهم وأرضا لمواشيهم ثم افرد خمس مدن يلتجئ إليها كل قاتل بغير قصد.
ولما أكمل يشوع نحو مئة وعشر سنين، ووصل إلى شيخوخة صالحة استدعي الشيوخ والرؤساء والقضاة والمعلمين ووعظهم ونبههم أن لا يحيدوا عن عبادة الله تعالي، ووضع لهم الرسوم والفرائض اللازمة، ثم رحل عن العالم، عام 2570.