صلاح فوزي: استمرار دستور "الإخوان" كان يهدد بانهيار الدولة
كشف الدكتور صلاح فوزي، الفقيه الدستوري وعضو لجنة الخبراء العشرة لوضع وصياغة دستور 2014، في حواره مع "الدستور"، عن أخطر المواد التي تضمنها دستور الإخوان، والذي تم إلغاؤه عقب قيام ثورة 30 يونيو، والأوضاع التي كان سيسفر عنها حال استمراره، وأشار في حواره إلى أخطر القرارات القانونية التي اتخذها المعزول محمد مرسي، وأهم المبررات القانونية التي دفعت للإطاحة به.
* ماذا لو استمر دستور 2012؟
ـ هذا الدستور كان يحمل قدرًا كبيرًا من الانتقائية والشخصنة، فالمادة 232 علي سبيل المثال كانت تكرس لفكرة العزل السياسي، حيث قضت بمنع قيادات النظام السابق له من ممارسة كافة حقوقهم السياسية، دون الاعتماد على حكم قضائي، وهذا الأمر كان سيؤدي إلي انقسامات كبيرة في المجتمع، فضلًا عن المادة 232 التي كانت تكرس لفكرة العزل الوظيفي.
* الإخوان كانوا يدّعون أن سعيهم للسلطة ينطلق من رغبتهم في تطبيق الشريعة الإسلامية، فكيف ترى فهمهم للشريعة من واقع هذا الدستور؟
ـ لقد اتسم تعريفهم للشريعة بالاتساع، فالمستقر عليه هو ألا يناقض نص قانوني أو لائحي أحكام الشريعة، والمقصود بأحكام الشريعة، هنا، الأحكام قطعية الثبوت والدلالة. في حين أن دستور الإخوان لم يبين المقصود من الشريعة الإسلامية، حيث نصت المادة 219 منه على "أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة". وهذا أمر كان سيربك النظام التشريعي كله ويقود إلي حصر الاجتهاد في الأحكام الظنية.
* وكيف كنت ترى مستقبل الدولة في ظل هذا الدستور؟
ـ هناك إشكالية كبرى كانت ستؤدي إلي انهيار الدولة، وتحديدًا في نص المادة 76، حيث أشارت إلى أنه لا عقوبة أو جريمة إلا بنص دستوري أو قانوني.. في حين أن هناك قوانين ونصوصًا دستورية لا تبين اللائحة التنفيذية للقانون، مثل جدول المواد المخدرة المرافق لقانون المخدرات، أو جدول الأسلحة والذخيرة، وبعض جرائم الجمارك وغيرها من الحالات الكثيرة، وهذه الإشكالية كانت ستقوض اللائحة، ما يؤدي إلي إشكالية قانونية خطيرة.
* يروج الإخوان إلي أن دستورهم كان الأفضل في احترام الحريات.. فكيف ترى ذلك؟
ـ هذا ليس صحيحًا.. بل إنهم كانوا يتخذون بعض المواد ستارًا يختبئون وراءه، ومنها المادة 39 كمثال، الخاصة بتفتيش المنازل، حيث نصت علي أن "للمنازل حرمة، ويجب تنبيه من في المنازل قبل دخولها أو تفتيشها" وهذا أمر غير منطقي، ويحول دون قيام قوات الأمن ممارسة مهامهم، فكيف يمكن تنبيه تاجر مخدرات علي سبيل المثال قبل تفتيش مسكنه؟! قطعًا أنه سيهرب، وبذلك سيكون الدستور مدخلا لانتشار الجريمة.
* وكيف تم التعامل مع هذا الأمر في دستور 2014؟
ـ لقد عالج تلك النقطة، بأن "أوجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها" أي قبل دخول المنزل مباشرة بالطرق أو خلافه، حيث نصت المادة 58 علي أن "للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطـر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب، ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر فى هذا الشأن".
* وماذا عن حرية الإعلام؟
ـ دستور الإخوان لم ينص علي عدم جواز تطبيق عقوبات في شأن جرائم النشر، علي عكس دستور 2014 الذي حظر ذلك، بل إنه أعطى الحق في تدشين الصحف بالإخطار، مع حظر فرض الرقابة عليها، إلا في حالات الحرب.
* وما هي أخطر القرارات التي اتخذها المعزول "مرسي" من وجهة نظرك؟
ـ الوضع كان ينبئ عن حتمية العدول عن هذا التنظيم كلية، خاصة بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره "مرسي" في 21 نوفمبر 2012، وأنا أرى أن هذا الإعلان هو القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث إنه نص علي نفاذ جميع الإعلانات السابقة عليه، مع تحصينها ضد الطعن، وعدم جواز حل مجلس الشعب، وهذه مسألة في غاية الغرابة، لأن التحصين يعارض المبادئ الدستورية العامة، وأخصها حق التقاضي، وبالتالي فإن هذا المشهد كان يوجب ويدفع الشعب إلي الإطاحة بهذا النظام.
* هل تعرضت لأي مضايقات أو تهديدات من جانب جماعة الإخوان أثناء مشاركتك في لجنة العشرة لإعداد الدستور؟
ـ لم أتعرض لاحتكاك مباشر من الجماعة، ولكن كانت هناك احتكاكات غير مباشرة من جانب الطلاب الذين كنت أدرس لهم مادة القانون الدستوري في جامعة المنصورة التي أعمل أستاذًا بها، حيث كنت أدخل المدرج فأجد علي "السبورة" عبارة "تسقط لجنة الكفار العشرة".
* وكيف كنت تتعامل مع هذا الموقف؟
ـ كنت أذهب إلي المدرج مع الساعات الأولي من الصباح، وبصحبتي عدد من العمال لإزالتها، لأنني كنت أعلم أنهم سيكتبونها كلما مسحتها وقد اعتدت ذلك، وكنا نستبدلها بعبارة "تحيا مصر"، ونكرر كتابتها ثلاث مرات، تأكيدًا لمكانة الدولة، لأننى أعلم جيدًا أنهم لا يعملون إلا للفوضى.
* أخيرًا.. ما هي أهم مكتسبات دستور 2014؟
ـ دستور 2014 عمل علي تمكين المرأة والحفاظ علي جميع حقوقها السياسية والاجتماعية، حيث ألزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي تكفل لها التمثيل المناسب في المجالس النيابية والمحلية، وذلك وفقا لنص المادة 11 من الدستور، وهو نص تام وليس انتقاليًا، أي أنه يضمن لها استمرارية هذا المكتسب. بل إنه لم يقتصر علي المرأة فقط بل واهتم بجميع الفئات الأخرى، كما شهد تميزًا خاصًا لبعض الفئات لم يشمله أي دستور آخر، مثل الامتيازات التي منحها لمصريي الخارج والمعاقين.