تصاعد غضب المثقفين
دخلت معركة المبدعين مع النظام الحاكم منعطفاً جديداً حيث إصرار من جانب وزير الثقافة على المضى قدماً فى عناده والاستمرار فى قراراته الغاشمة التى طالبه المثقفون بالعدول عنها...
دخلت معركة الثقافة المصرية منعطفاً جديداً برفض المثقفين لأخونتها، ومحاولات تدمير الهوية المصرية، وإذا كانت هناك خطة متعمدة لاستبعاد الكفاءات الإبداعية الكبيرة وإحلال شخصيات أخرى مكانها لتطويع الوزارة وتشتيت المبدعين، وإلغاء ما قررته الأجندة الإخوانية من أنواع ثقافية، فإنها بلا شك خطة مآلها الفشل، لأن القامات الإبداعية الكبيرة فى مصر قد استقرت قيمتها واسمها وأعمالها فى الوجدان المصرى، وإذا كان بعض كبار الفنانين قد أعلنوا عدم مشاركتهم فى حفلات الأوبرا مثل نجم الغناء المطرب الكبير هانى شاكر، والموسيقار العالمى عمر خيرت، فإن لا أحد يستطيع أن يسكت صوت هانى شاكر من أن يشدو بأغنياته المصرية الجميلة، ولا أحد يستطيع أن يوقف الموسيقى الرائعة لعمر خيرت، فكلاهما قد استقر كقامة فنية فى قلوب المصريين، أما بالنسبة لإيناس عبدالدايم فهى فنانة عالمية وسيدة تتمتع بتقدير كبير من كل من عرفها، ولها حفلات ناجحة على أكبر المسارح العالمية.
إن الهجمة الأخيرة على الثقافة ورموزها، هى هجمة على روح مصر وعقلها وفكرها وفنونها، هى هجمة لن تجدى لأن رموز الإبداع المصرى وكبار فنانى مصر لهم مكانة فى قلوب المصريين، وستؤدى محاولات الهجوم عليهم أو إقصائهم إلى المزيد من الغضب من فئات الشعب المصرى المختلفة. لقد كان أمام الوزير الجديد فرصة ذهبية حينما طالبه جموع المثقفين بالرجوع عن قراراته المستفزة لهم، لكن من يسمع، «و لا حياة لمن تنادى» كما قلت أن هذه هى السياسة التى تتبعها السلطة الحاكمة، تكلموا وطالبوا ولكن لا أحد سيسمعكم، ولا أحد سيلبى أياً من مطالبكم...
عندما تجمعت حشود المبدعين الغاضبين فى محيط مكتب الوزير، لم يبال ولم ينصت، ولم يحاول حتى أن يهدئ من ثورتهم، لأنه ببساطة جاء لينفذ مخططاً مسبقاً لإقصاء كل الرموز الكبيرة أو التى لها مكانة فنية متميزة.
إن انتفاضة المبدعين هى انتفاضة «لضمير مصر»، وللمعبرين عن وجدان الشعب، والضمير المصرى لن يمكن ترويعه أو إرهابه أو إسكاته لأنه يمكن أن ينشر عمله من مصر ومن خارج مصر، ولذلك أعتقد أنه كلما تزايد الدعم للثقافة المصرية، وكلما توحدت الفئات الغاضبة مع بعضها البعض، ستتحول إلى تيار ثورى يتسع ليشمل كل المصريين الذين هم ليسوا من الفصيل الحاكم. ولقد أعلن حتى الآن عدد من الأحزاب عن دعمهم الكامل لحركة المثقفين المصريين والحضارة المصرية والهوية المصرية... فحزب «المصريين الأحرار» قد أعلن دعمه الكامل لمثقفى مصر ومبدعيها، فيما وصفه بأن ثورتهم ضد وزير الثقافة الذى اتهمه الكثيرون بأنه جاء إلى المنصب لتنفيذ أجندة الإخوان المسلمين فى إقصاء معارضيهم والهيمنة على جميع قطاعات الوزارة، وطالب الحزب بإقالة الوزير المعين من قبل النظام، وعودة كوادر الثقافة التى تم إقصاؤها دون مبرر إلى عملهم.
كما عقدت المبادرة الوطنية للتفاعل الإيجابى مؤتمراً صحفياً للدفاع عن الثقافة الوطنية المصرية وأسس الهوية الثقافية فى مصر، وشاركت اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير فى التظاهرة الاحتجاجية بدار الأوبر المصرية ضد وزير الثقافة والتى أخذت عنوان «الإنذار الأخير»، بينما صدر بيان جبهة الإبداع الذى قرأه الفنان خالد صالح والذى طالب الوزير بالتراجع عن القرارات التى اتخذها، وقال شباب حزب الوفد وعنهم ياسر التركى وكيل المؤسسين إن الإخوان يريدون نشر تعاليم البنا وطمس الهوية المصرية، كما انضم حزب التجمع لغضبة المثقفين ضد الهجوم الإخوانى على الثقافة المصرية وتفريغ المؤسسات الثقافية من كل الكوادر الفنية والإدارية.
و هكذا تتعالى الدعوات للتوحد من أجل صد الهجوم الشرس على الثقافة المصرية والكفاءات المصرية، وأعتقد أن الصوت سيعلو أن الإبداع يعيش، أما القمع للحريات والإبداع فعمره قصير، إن التاريخ يتذكر أسماء المبدعين والكتاب والمفكرين، وهذه حقيقة نسيتها السلطة الحاكمة.