محمد العسيرى يكتب: اللى ورا سينا.. جمال حمدان يكشف خطة الحرب
ما يحدث فى سيناء وعلى حدودنا الغربية والجنوبية ليس مجرد مطاردة شوية جرذان بعقول خربة من عناصر الإرهاب.. هى أيضًا ليست حربًا على الإرهاب وفقط.. هى حرب مع «صانعى الإرهاب» أيضًا.. وإن استخدموا شوية جهلة من بنى جلدتنا.
لا أدّعى أننى أفهم ما يجرى تحديدًا.. ولا يملك أى متابع- مجرد مواطن مثلى- أن يدّعى ذلك.. زمن العالمين بكل بواطن الأمور لم يعد موجودًا.. وربما هذا ما يُسبب المشاكل لنا غالبًا.. لكن الأعداء يكشفون أنفسهم، وبمجرد إعادة قراءة عابرة لكتاب العبقرى جمال حمدان تكشف ما يجرى الآن.. الأمر الذى يجعلنى أدعو وزيرة الثقافة ودار الهلال ووزير التربية والتعليم إلى اتخاذ قرار عاجل الآن وليس غدًا بإعادة طبع «شخصية مصر»- كتاب جغرافيا وتاريخ على فكرة - لكنه يكشف أسرار كل حروبنا.. وحروب أعدائنا ضدنا.. يكشف كيف أن الله وضعنا فى هذه البقعة من الأرض ومنحنا جنته عليها، لنحافظ عليها ونُعمرها.. ولأنهم يعرفون قيمتها وقيمة ما حولها، فنحن مضطرون بحكم التاريخ والجغرافيا أن نكون فى عقل «صناع الإرهاب» وصناع الحروب معًا.
تركيا، قطر، روسيا، إيران، سوريا، إسرائيل، اللوبى اليهودى الذى يحكم العالم.. شركات البترول والغاز التى تحكم العالم.. كل هؤلاء ليسوا بعيدًا عما يجرى فى سيناء.. ويعنى من الآخر مش شوية دقون، وعقول مستخدمة وخربة وشوية رمل يريدون أن يرفعوا عليها «مجرد علم أسود».. هذا لن يحدث أبدًا.
المقصود يا سادة أن هذا البلد الذى هو عقل وقلب كل هذه المنطقة، الذى يجرى الصراع الآن على «تاريخه وعقله وجغرافيته وبتروله وغازه وحدوده.. ومياهه».. ما يقومش.. «مش عايزينا لا نغرق.. ولا نعوم».. عايزينا مخنوقين بالحرب القذرة.. على الأرض وفى الإعلام لتشويش وتشتيت عقولنا ومواردنا والضغط علينا بلقمة العيش وفرص العمل.
الجنون الذى أصاب من يخططون للسيطرة على مفاصلنا وتاريخنا وحدودنا بعد الإعلان عن بدء العمل فى «حقل ظهر».. هو بداية القصة وليس نهايتها.. مستقبل قطر وروسيا وتركيا وإسرائيل فى خطر.. ولهذا تُدافع روسيا عن مصالحها قبل أن تدافع عن سوريا.. تدافع عن «غازها» وكذلك تفعل تركيا وأمريكا دفاعًا عن الفرخة التى تُدر وستدر ذهبًا وسيطرة لأعوام طويلة قادمة.. ولا أريد أن أذكركم بما حدث عندما قررت شركة سعودية أن تتوقف عن ضخ الغاز لنا.
ما حدث من أداء دبلوماسى وسياسى واستخباراتى رفيع فى مسألة ترسيم الحدود البرية مع قبرص واليونان لم يكن صدفة.. وهم يراقبون ويعرفون ويقدرون كل الاحتمالات.. ويعرفون كم صرفنا.. ويعرفون أين تقف أقدام الشركات العالمية الكبرى التى ستعمل على توصيل الغاز إلى أوروبا.. ويعرفون ماذا تنتظر هذه الأسواق.. ومن دمر السياحة «عشان مصر مش آمنة» هو من يريد أن تظل «بحار مصر» غير آمنة أيضًا حتى «لا يصل غازنا إلى أوروبا.. فهل نقدر على حماية حدودنا بحرًا وجبالًا».
ما يحدث فى سيناء ليس مجرد مطاردة.. وليس استعراضًا لقواتنا فقط.. لكنها رسائل من الأرض والبحر والجو.. لكل هؤلاء.. نستطيع أن نحمى حاضرنا.. وأن نحمى مستقبلنا أيضًا.
حرب الغاز.. حرب البحر.. حرب معلومات بالأساس.. ولذلك ما يجرى فى الغرف المغلقة لا يجوز ولا يصح أن نتعامل معه فى الإعلام- برامج التوك شو بالتحديد- بغباوة.
دى مش حصة ردح.. ويجب ألا يصمت أهل الثقافة والتعليم فى بلادنا عند حدود اللغو والصراعات على مناصب تافهة.. دورهم الآن أكبر مما يتصورون.. لماذا لا يتولى إبراهيم عيسى شرح كتاب جمال حمدان الآن وهو يحفظه عن ظهر قلب؟!.. لماذا لا يتوقف عمرو أديب عن هرتلة يوسف زيدان ولست ضدها «لكن ضد توقيت ما يناقشه».. الحكاية مش زرادشت الوقت ويعرض موسوعة عبدالوهاب المسيرى عن اليهود؟!.. لماذا لا تقوم الأوقاف الآن وليس غدًا بتطوير مكتبات المساجد بكتب تاريخ وجغرافيا قبل خناقات المشايخ وخطبها الموحدة التى لا تُغنى ولا تسمن من جوع؟!. علموا أولادنا أن هذه حدود بلادهم وأن من يموتون فى سيناء الآن.. يحفظون «الجغرافيا» والدين.. والعرض والزرع والمستقبل.. هذا ما أعرفه وأظنه.. واللى عايز يفهم واللى مش عايز يفهم عنه ما فهم.