بين تاريخ من الحرب والتجارة.. تبقى «التوابل» سر إثارة الإنسان
كانت موارد التوابل محدودة جدا في العالم القديم، ولم تعرفها سوى ثقافات قليلة مثل مصر حيث استخدموها في تحنيط الموتى، والصين والهند، أما الأوروبيون سمعوا عنها فقط لكنهم لم يعرفوها لوقت طويل، مما أدى إلى انتشار الأساطير والحكايات عن تلك الأراضي التي تحوي التوابل، وعندما عرف الأوروبيون طريقها أدى ذلك إلى العولمة الثقافية نتيجة التبادل التجاري، وكذلك إلى التنافس الاستعماري، وظهور تجارة العبيد.
ساهمت الامبراطورية الرومانية في اكتشاف الطرق التي تؤدي إلى التوابل والبهارات، كما أدت التوابل إلى تنافس الامبراطوريتين الفارسية والبيزنطية على تجارتها.
وانتشرت تجارة التوابل أيضًا بين العالم الإسلامي في الشرق الأوسط وشرق آسيا حتى قدوم البرتغاليين بقيادة فاسكو دي جاما، مستكشفًا موانئ كالكوتا على ساحل مالابار الغربي في الهند، واستطاعوا تحميل الفلفل والتوابل الأخرى في سفنهم ومن ثم العودة إلى بلدهم، وانتقل الكثير من التجار من مختلف الدول الأوروبية إلى لشبونة، ليدعموا البرتغاليين ومغامراتهم التجارية، وتلاه كريستوفر كولومبوس بحثًا عن الذهب والتوابل في الهند تلك المشهورة بزراعة التوابل والبهارات.
ومن هنا فتحت تجارة التوابل باب العولمة، وأدت إلى التبادل الثقافي، ولكنها أدت أيضًا لأسوء تجارة في تاريخ البشرية وهي تجارة العبيد.
وكانت البهارات والتوابل غالية جدًا كالذهب والأحجار الكريمة، فاحتدم التنافس عليها من قِبَل الدول الأوروبية العظمى، فحاولوا السيطرة على طريق الهند من أجل احتكار هذه التجارة، ولذلك اشتد التناحر بين بريطانيا وفرنسا على طريق الهند، ما أدى لاستعمار بريطانيا لمصر لقطع الطريق على فرنسا.
ولكي يتغلب الفرنسيون احتكار الإنجليز لتجارة البهارات والتوابل، بدأوا يزرعونها في الجزر التي سيطروا عليها، مثل مدغشقر، وجزيرة موريشيوس، وغيرهما، على حد قول فريد كزارا في كتابه «التوابل: التاريخ الكوني»، وجون كياي في كتابه «طريق البهارات والتوابل تاريخ».