انتصر للعلمانية
حصلت المرأة فى سويسرا على حقها فى التصويت فى الانتخابات فقط فى عام ١٩٧١.. والمدهش فى الأمر أن دولًا إسلامية وشرق أوسطية قد سبقت سويسرا فى هذا الأمر!!.. إذ عانت وناضلت النساء فى سويسرا!!.. تلك الدولة التى تعد اليوم مثالًا ونموذجًا للكثير من دول العالم، ويضرب بها المثل الآن فى التمدين والتحضر بل محاربة الإرهاب والأفكار المتطرفة بشكل قد يراه البعض متعسفًا.. فسويسرا تحرم بناء المآذن والقباب وتمنع الأذان والنقاب.. إلخ من الممارسات التى يراها البعض متشددة.
عانت المرأة طويلًا فى هذا البلد المسالم المحايد.. الذى لم يعان ويلات حروب ولا أزمات اقتصادية طاحنة ويهرع الجميع إليه وإلى نظامه المصرفى كى يحتمى به وبقوانينه الليبرالية المحايدة التى ترفض التدخل الخارجى لحفظ حقوق ومال الرجل السويسرى قبل أن تنتفض النساء ويطالبن بحقهن الإنسانى فى التصويت وممارسة العمل السياسى وأشياء أخرى كان يسخر فيها المجتمع من المرأة ويراها مجرد خادمة ودمية يحركها كيفما يشاء.. يسىء إليها ويعتدى ويمارس شتى صنوف العنف والتمييز حتى قررت النساء أن يقفن بحزم وحسم ضد تلك الممارسات وانتزعن حقهن انتزاعًا، ومن ثم رسخن لفكر وثقافة اللا تمييز فصارت بلادهن نموذجًا مشرفًا عالميًا.
أما دولتان، مثل إيران وأفغانستان، فيرتدى نساؤهما الآن غطاء الرأس وفقا للقانون فى بلادهما.. وكانت ومازالت لنسائهما الحق فى التصويت وممارسة العمل السياسى فى حين يحرمن من حريات شخصية تخص الملبس وخلافه!!.. وذلك لأن النساء فى سويسرا قد ناضلن فى حين رضخت وانبطحت النساء فى أماكن أخرى.. فكانت المحصلة والنتيجة أن أصبحت سويسرا ما هى عليه الآن نتاج حراك للأمام لا للخلف، وبعد سنين متراكمة طويلة من المطالبة والنضال والحوار المجتمعى وعدم الارتكان والاستكانة واستمراء عدم الصراع والميل للقبول والإذعان الذى حرض القائمين على شئون النساء فى البلاد الإسلامية الشرق أوسطية على المزيد من الجور والتقهقر بهم وببلادهم لخلف الخلف.
سويسرا الآن هى واجهة العالم العلمانى المتمدين، فى حين يسيطر الملالى على نساء العجم، وأعضاء طالبان يحكمون ويقهرون المرأة فى أفغانستان ويمارسون ضدها وضد الجميع وضد غيرهم من البشر والشعوب أعتى صنوف العنف والإرهاب.. وتظهر جماعات مثل «بوكو حرام» ويطل علينا «العنقاء الداعشى» المستنسخ الذى لم يولد من العدم بل جاء وولد من رحم ومعين التشدد والتطرّف والاستسلام للهوان والاتكاء على الخوف والاستسلام له تحت تكئة وذريعة تقول بأن الجبن هو سيد الأخلاق!!.. فى حين أن العدل هو بندول التوازن لأى شعب أو جماعة، فما بال الأمم العريقة والحضارات القديمة؟!.. ولهذا السبب تقدم الآخرون وتخلفت بلاد فارس التى أنجبت للعالم «الفارابى» و«ابن سينا» وأفغانستان، التى كانت تسير فيها النساء مرفوعة الرأس صرن الآن سبايا وأسيرات للقهر والغبن.
فالعلمانية هى الحل الأوحد للارتقاء والسمو.. والعلمانية هى الترياق الوحيد لسموم التطرّف والإرهاب.. والعلمانية هى العدل المطلق والخير المطلق للمجتمعات والأمم للرجال وللنساء، للمؤمنين ولغير المؤمنين.. والعلمانية للمقصدين والعدول وقاصدى السبيل.. والعلمانية تحارب الإنصاف والمبتسرين.. والعلمانية تحطم أصنام التخلف والرجعية وتحارب العنصرية والظلم والجهل.. والعلمانية فيها شفاء للناس.. والعلمانية تكرم الإنسان الذى خلق فى أحسن تقويم.. والعلمانية تقضى على التمييز وتنصف المقدس من متاجرة المتاجرين. العقائد والأديان يبيعها ويشتريها من يبيع النساء ويشتريهن فى أسواق النخاسة.. والعلمانية تحرر العبيد من أدعياء الأسياد وتقضى على العبودية.. والعلمانية تحمى الفرد وتحمى الدولة.. ولا تعادى أحدًا.. فقط من يَرَوْن فيها زوالهم هم من يحاربونها ويشوهونها لمآرب.. من يقل لك احترس من العلمانية، فعليك أنت أن تحترس منه.. فلنحترس ممن يقول لنا احترس.. فله فى نصحه مآرب أخرى.. العلمانية فيها فناؤه لتعيش أنت وغيرك آمنًا وتحيا فى رحابة.. فى العلمانية نهضة البلاد واستقلالها واستردادها لكامل هيبتها وتراثها وثقافتها دون ثقافات وفدت إليها واستعمرتها بتراكم خبيث.. طمس هويتها وغرّبها عن نفسها وغرّب أهلها وشتتهم فى بلاد طقسها ليس كطقسنا وظلماتها ليست كنور وأضواء بلادنا، فالعلمانية وطن.. فهى وطن كبير وحاضنة إنسانية لكافة صنوف البشر العلمانية،، قدر نستحقه وحضارة لنا فيها ماضٍ عريق وإرث لا يجوز بيعه أو التفريط فيه.