إلهام شاهين: فنانة بدرجة مناضلة
إلهام شاهين ليست فقط نجمة مصرية لها جماهير عريضة فى مصر والدول العربية، وحاصلة على جوائز من مهرجانات دولية مهمة عن أدوارها السينمائية، ولكن إلهام تحولت إلى مناضلة فى صفوف أهل الإبداع والفن المصرى الذين يواجهون هجمة شرسة
ضدهم، فى محاولات لترويعهم، وإساءات بالغة ضد أدوارهم الفنية، وسيل منهمر من دعاوى التكفير ممن يتشدقون بالدين الإسلامى بمفاهيم غير صحيحة، لأنها فى اعتقادى هجمة منظمة وممنهجة لإلغاء دور مصر التنويرى، وتزييف وعى شعبها..
إن هناك مؤامرات واضحة ضد الفن المصرى، وضد الدور الرائد للسينما المصرية بشكل خاص، والتى نشأت مع نشأة السينما فى العالم، حيث قدم أول عرض سينمائى فى مصر فى مقهى زوانى بمدينة الإسكندرية عام 1896، وتبعه أول عرض فى القاهرة فى نفس العام فى سينما سانتى، وظهر أول فيلم روائى عام 1917، وهو «الشرف البدوى» بطولة محمد كريم، وتعتبر مصر أغزر دول الشرق الأوسط فى الانتاج السينمائى والذى تعتمد عليه جميع الفضائيات العربية تقريبا، وأدى انتشار السينما المصرية وشعبيتها إلى انتشار شعبية الفنان المصرى الذى أعتبره سفيرًا فوق العادة لمصر المحروسة، بل استطاع الفن المصرى أن ينشر اللهجة المصرية العامية لتصبح الأكثر شعبية والأكثر جماهيرية بين الدول الناطقة بالعربية، وتحولت معها الأفلام إلى تاريخ ناطق للأحداث المصرية المتعاقبة على الوطن منذ نشأة السينما وحتى الآن...
إلا أنه مع قيام ثورة يناير ومطالبتها بالحرية، تصور المصريون أن الحرية ستصبح باباً واسعًا لمضاعفة العمل السينمائى ومساحات أوسع من حرية التعبير عن الواقع المعاش، ولكن حدث عكس ذلك تمامًا، وتحول الفن والفنانون إلى هدف لمن يتشدقون بالدين، وهم يعانون كما يعانى غالبية المصريين من محاولات تكميم الأفواه، وإطلاق الاتهامات على جميع الفئات ما عدا الفصيل الحاكم والموالين له...
و هنا أتوقف عند قضية الفنانة إلهام شاهين والتى صدر حكم فيها لصالحها من القضاء المصرى، وهى خطوة جيدة وتحسب للقاضى الذى أصدر الحكم ضد من سب وأساء إلى إلهام، ولكن يبقى دور مهم لوزير الداخلية لحماية فنانة كبيرة لها مسيرة طويلة فى دنيا الفن المصرى، فهى الآن تواجه تهديدات بحصار منزلها، بالإضافة إلى محاولات متعمدة لتشويهها حتى لا تواصل الدفاع عن نفسها وعن الفن المصرى، لقد عرفت إلهام عن قرب وهى سيدة مصرية حتى النخاع، كرست حياتها من أجل الفن، ومن الطبيعى إذن أن تقول رأيها فى مواجهة من يهاجمون الفن والإبداع، ومن حقها أن تناضل حتى تحصل على رد اعتبارها بالقانون..
إن إلهام ليست وحدها فى مرمى سهام التطرف الجارحة، فلقد تم أيضاً الإساءة لنجوم الصف الأول الذين يحظون بشعبية وجماهيرية بين الشعب المصرى والعربى، مثل يسرا وفاروق الفيشاوى وليلى علوى وخالد يوسف، وغيرهم من نجوم لهم مكانتهم، فأصبحوا عناصر أساسية فى نهر الإبداع العربى الذى يعكس نبض الشعوب، وينادى بتقدم الشعوب إلى الأمام، فالفن المصرى يقدم الواقع المعاش، وينتقده بغية تحسين الأحوال وهذا واضح فى السنوات الأخيرة من خلال السينما.
لقد عرفت كثيراً من فنانينا عن قرب بحكم مسيرتى الإبداعية والمهنية، وأعلم أن إلهام هى فنانة مصرية كرست حياتها للفن، مما جعلها فى السنوات الأخيرة تقدم أدواراً تحصد بها جوائز دولية، ومن أهم أدوارها السينمائية فى تقديرى دورها فى فيلم «يا دنيا يا غرامى» وفى «خلطة فوزية» وفى «واحد صفر»، ولا ننسى أدوارًا فى الدراما المصرية فى مسلسلات ناجحة مثل «ليالى الحلمية» و«قلب امرأة» و«الحاوى» و«امرأة فى ورطة»، و«قضية معالى الوزيرة»، و«نعم مازلت آنسة».
إن الإساءة للفنان المصرى لن تجدى لأن الفنان المصرى هو عنصر أساسى فى نسيج هذا الشعب المصرى الأصيل، الذى يأبى القهر والاستبداد والإساءة، والذى يرفض العودة إلى عصور الظلام والإظلام، فالفن نور يضىء بالحقيقة مهما حاول البعض إطفاءه