رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعديل الوزارى... و«دعهم يأكلون كعكًا»


جاء التعديل الوزارى مخيبا للآمال، ومرفوضا من غالبية المصريين، جاء التعديل الوزارى ليؤكد أنه لا أمل فى تلبية مطالب المصريين بكل فئاتهم باستثناء فصيل واحد، جاء التعديل الوزارى بصك إخوانى آخر ليؤكد أن النظام الحاكم مستمر فى مخططه للأخونة

رغم أنف الشعب، ومستمر فى لا مبالاته بأوجاع المصريين واحتياجاتهم الأساسية، ومستمر فى تجاهل معيار الكفاءة، واختيار فقط من ينتمون لفصيل الإخوان المسلمين بغض النظر عن صلاحية المرشح أو عدم صلاحيته لهذه المسئولية، فالمعيار هو الانتماء للجماعة، بغض النظر عن الضائقة المالية التى تمر بها البلاد، والتى أعلنتها كل مراكز الأبحاث الاقتصادية والاستراتيجية الدولية، والأخبار ومقالات الكتاب الدوليين الذين ينشرون مقالات فى كبريات الصحف الغربية والشرقية عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعانى منها مصر حاليا.

نعم، لقد تلاشى الأمل فى أن تتم مشاركة من أى فصيل آخر أو تيار آخر أو كفاءة أخرى من خارج الجماعة فى مواقع المسئولية وفى السلطة التنفيذية، ويبدو أن هذا النهج قد قرره النظام الحاكم بلا رجعة، لأن فكرة التوافق يبدو أنها قد أصبحت فى خبر كان، وفكرة الشراكة من أجل تقدم الوطن أو الاستعانة بالخبرات الاقتصادية لإنقاذ مصر من الانهيار الاقتصادى قد ذهبت أدراج الرياح.

وهكذا فقد أغلقت كل نوافذ الأمل فى وجه الشعب الطامح إلى التغييرات فى سياسات النظام الحاكم لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن المصرى، ومؤخرا أعلنت وزارة التنمية الإدارية عن 5 أرغفة بالبطاقات الإلكترونية لكل أسرة يوميا، ومع الارتفاع المتطرد فى أسعار السلع واقتراب شهر رمضان الكريم، فإنه أصبح واضحا أنه لا رجعة ولا مراجعة فى منهج مواجهة الأزمة الاقتصادية، ولتضرب المعارضة رأسها فى أقرب جدار... وليصمت كل من يريد أن يتكلم فى الإعلام أو يحتج أو يتظاهر فالويل له، والاعتقال ينتظره، والتهم جاهزة ومعدة إعدادا دقيقا ومسبوكا.

إن اللامبالاة بسعر الخبز للمواطن المصرى يجعلنى أتذكر مقولة شهيرة للملكة الفرنسية مارى أنطوانت زوجة ملك فرنسا لويس السادس عشر، قالتها فى قصرها الذهبى قبل قيام ثورة الجياع الفرنسية فى القرن الـ 19 وتحديدا فى 1789...

حينما جاء للملكة من يقول إن الشعب جائع ولا يوجد خبز... فقالت عبارتها المشهورة:

«إذا لم يكن هناك خبز، دعهم يأكلون كعكا» (أو جاتوه حسبما قالت الملكة)، وقد ذكر هذه العبارة الأديب الفرنسى جان جاك روسو فى كتابه «الاعتراف»، ولكن الملكة مارى أنطوانت لم تكن تشعر بأحد من الشعب، ولم تكن ترى آلام المحتاجين، وكانت شقيقة لملك النمسا فلم تكن فرنسية الأصل، وكان بإمكان الملك والملكة أن يستمعا للشعب ويعملان على لم شمل الأمة من أجل دعم الملكية الدستورية، والاستماع إلى رجال الدولة المعتدلين مثل الكونت «دى ميرابو»، ولكنها بدلا من ذلك تأخرت للحصول على المساعدة والدعم العسكرى من حكام أوروبا خاصة من أخيها ليوبولد ملك النمسا، إذ رفضت أن تعطى أى امتيازات للثوار، فكان مصيرها الإعدام هى والملك لويس السادس عشر بعد أن اتهمت بالخيانة وبإفشاء أسرار عسكرية إبان الحرب مع النمسا وروسيا عام 1792. أتذكر هذه العبارة اليوم، وأطالب المسئولين بمراعاة توفير الأغذية الأساسية بأسعار رخيصة لمحدودى الدخل، لأن هذه أولوية عاجلة قبل حلول الشهر الكريم