الشرطة بين فكى الرحى
تدفع الشرطة دائما الثمن الفادح لأخطاء الأنظمة الحاكمة. فلم تكد نيران محاصرة وزارة الداخلية ومحاولة اقتحامها سواء فى أحداث محمد محمود أو مجلس الوزراء تخمد، حتى خرج قانون جديد للمظاهرات يريد أن يشعل النيران فيها من جديد.
يضاف قانون التظاهر الجديد وقانون الطوارئ الذى اقترحه المستشار أحمد مكى -وزير العدل- إلى العديد من القوانين سيئة السمعة التى ابتدعتها الأنظمة السابقة، والتى كان لها أثر كبير فى قيام ثورة يناير 2011. مشروع قانون التظاهر والاعتصام الجديد، أعدته اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، بالاشتراك مع لجنة حقوق الإنسان، وتم عرضه على اللجنة العامة بمجلس الشورى كأول مشروع قانون يطرح بعد الدستور الجديد، بعد أن أصبح يتمتع بصلاحية التشريع طبقا للدستور الجديد الذى تم إقراره بالاستفتاء الشعب. ويضع مشروع القانون الجديد قيودًا واسعة على حق ممارسة التظاهر والإضراب. والغريب أن هذا المشروع سبق تقديمه لأول برلمان منتخب بعد ثورة يناير , والذى تم حله بحكم من المحكمة الدستورية العليا فى أبريل الماضى. وصف بعض نواب مجلس الشورى مشروع القانون بأنه عودة لنظام مبارك ، حيث إنه يقر عقوبات أكثر من التى وضعها الإنجليز أثناء احتلالهم لمصر، وقيد الحريات التى أتاحها العسكر.
ويتضمن مشروع قانون التظاهر الجديد 26 مادة.
ويقضى مشروع القانون بحبس الداعين للتظاهر 6 أشهر وغرامة 5 آلاف جنيه وضرورة حصول من يريد تنظيم اجتماع عام أو تجمع سلمى، بإخطار الأمن قبلها بثلاثة أيام على الأقل، ويجوز منع الاجتماع إذا ما رأت وزارة الداخلية أنه يترتب عليه اضطراب فى النظام أو الأمن العام ، ولرجال الشرطة دائمًا الحق فى حضور الاجتماع، ومن حقهم طلب حل الاجتماع لأسباب من بينها خروج الاجتماع عن الصفة المعينة له فى الإخطار، أو إذا حدث صياح، أو ألقيت خطب تتضمن الدعوة إلى الفتنة، والمعروف أنه لا يوجد تعريف محدد لمصطلح الفتنة. واعتبر مشروع القانون أن الاجتماع العام الذى يحق للشرطة حضوره وفضه هو كل اجتماع فى مكان عام أو خاص يستطيع دخوله الجميع دون دعوة. كما حظر القانون تنظيم المظاهرات قبل الساعة السابعة صباحاً ولا يجوز أن تتأخر بعد الساعة السابعة ليلاً.
ومنح القانون الشرطة حق تقرير مكان الاجتماع أو المظاهرة، على أن تلتزم كل محافظة بتخصيص مكان أو أكثر للتظاهر السلمى.
وحظر مشروع القانون خروج التظاهرات عن الآداب العامة، كما منح وزارة الداخلية حق تفتيش المتظاهرين. كل ما سبق يمكن قبوله والتسليم به.
ولكن الخطورة فى أن القانون أعطى لرجال الشرطة حق تفريق المتظاهرين بعد انتهاء الوقت المحدد. وربما أغفلت القيادة السياسية ما طرأ على رجال الشرطة من تغييرات أهمها أنهم يرفضون وبقوة التصدى للجماهير، وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتفكير من أجل الوصول إلى شرطة جديدة، تكتسب ثقة الجماهير بدلا من الزج بها إلى أتون صد التظاهرات والاعتصامات.
■ خبير أمنى