«أيام قرطاج الموسيقية».. روح المزيكا التونسية في كرنفال
«نتفكر كيف كنا صغار وشعري ضفاير زوز قرون، في قلبي عصافر نوار، والدنيا عرايس باللون».. بمثل هذه الكلمات تستهل الفنانة التونسية روضة عبد الله، إطلاق شرارة البدء الرسمية لفعاليات النسخة الجديدة من مهرجان أيام قرطاج الموسيقية، المقرر إقامته في العاصمة التونسية، في الفترة من 8 إبريل وحتى منتصف الشهر.
وتحمل "روضة"، على عاتقها مسئولية افتتاح الدورة الرابعة من المهرجان الموسيقي الأشهر في تونس، الهادف لتسليط الضوء على التجارب الموسيقية المستقلة بالبلاد خاصة والعالم العربي بشكل عام، لتستكمل بعرضها الموسيقي الجديد "قطايتي" النجاح الذي نالته خلال الدورة الماضية بحصولها على جائزة أفضل عرض موسيقي على مستوى المهرجان عبر عرض "أسرار"، وتعيد بمشروعها الجديد الحنين إلى نوستالجيا أيام الزمن الجميل بتونس، بتقديم روائع الفلكلور الأصيل وإعادة إحياء الموروث التونسي على الطريقة العصرية.
"أيام قرطاج" يقدم للجمهور التونسي وجبة موسيقية دسمة متنوعة المذاقات الفنية بنكهات عربية نادرة، وقليل من "رشات" حبهان تجارب موسيقية من القارة السمراء، بحصيلة تتخطى الـ 30 حفلة موسيقية مختلفة، بين عروض رسمية وعروض على هامش المهرجان، منقسمة على مدار ثمانية أيام، بحيث يحمل كل يوم ما لا يقل عن حفلتين إلى أربع حفلات، وتغلب على المشاركات الطابع التونسي، مع بعض اللمسات المغربية والمصرية.
وتضم المسابقة الرسمية بالمهرجان منافسات تجمع بين 12 فرقة موسيقية، أربعة منها فقط من خارج تونس، الفرقة المصرية هوس، والتي تقدم طابع مزيكا الوورلد ميوزيك بلمسة اورينتال شرقية، وتعد من أجدد التجارب المصرية إذ لا يتخطى عمرها سنتين، مع إطلاق أول ميني ألبوماتها "هوس" وبعده الثاني "زي الشتا"، ومن المغرب تأتي فرقة "أيوا"، مقدمة "مكس" موسيقي غريب يجمع بين الموسيقى المغاربية والعالمية بلمسات الراي والقناوة والهندوستانية مع الروك والريجي والجاز، في خلة سماعية واحدة، بجانب عرض"آجي نوريك بلادي" للموسيقي المغربي مولاي هشام التلمودي، بمشاركة الفنانة إيما لامادجي من أفريقيا الوسطى تبدع بتقديم نوعية موسيقى السول الروحانية ومزيج من الترنيمات الإنجيلية مع مزيكا الجاز عبر مشروعها الموسيقي "فري ريفر".
أما الغالبية المنافسة على لقب المهرجان تأتي من تونس، بداية من فرقة الميتال "نواثر"، والتي تمزج بين روح الموسيقى الشرقية بقوة مزيكا الميتال الغربية، ببصمة القانون الشرقي بصوت أنثوي للمطربة ريما النقاش، بجانب عرض "شورا غبار النجوم" للثنائي صابرين الجنحاني ورامي الزوغلامي عبر مشروعهما الموسيقي المشترك "يوما"، يستلهمان لمستهما الغنائية من الموروث التونسي بشكل عصري، مع مشاركة مشروع "ديسلاكسي" أو بمعناه العربي "عسر القراءة" للموسيقي التونسي محمود التركي مقدمًا "خليطًا" من عدة أنماط موسيقية بشكل منفرد، إضافة إلى عرض "هلواس"، للموسيقي نور حركاتي ومجموعة آيتما.
كما يشارك في المنافسة الموسيقي التونسي وعازف البيانو وجدي الرياحي بمشروعه "شمال إفريقيا"، بخليط بين الفلكلور والجاز بلمسات إيقاعية، مع عرض موسيقي تعبيري "حجر الواد" للموسيقي صبري العوني، بجانب مشروع "صنعة يدين" المعتج على تسليط الضوء على الواقع التونسي من منظور غنائي شعري للموسيقيين الطاهر القيزاني ومرتضى فتيتي، وأخيرًا عرض "عروق" للموسيقي التونسي بدر الدريدي.
ويعطي "أيام قرطاج" مساحة موسيقية أوسع من حيث التذوق وانماط المزيكا المختارة، مع إتاحة الفرصة للجمهور لحضور قرابة 20 حفلة إضافية خارج سباق المنافسة الرسمية، لعل أبرزها المشاركة المصرية الثانية في كرنفال مع المطربة فيروز كراوية، والتي عرفت بمشوارها الحافل بالألبومات مثل "برة مني"، و"قلبك زحام" و"إسكيمو"، تطلق العنان لمشروعها الموسيقي الجديد "مزاجنج" تمزج خلالها باقة من أشهر أعمالها مثل "قلة المزاج" و"راس شباكي" و"جربت" على طريقة المزيكا الإلكترونية، بجانب التجربة الموسيقية المغربية "نردستان"، يمزج فيها الموسيقي وليد بن سليم مع ثلاثي الفرقة بين موسيقى الروك والإيقاعات الشرقية مع حماسة المزيكا الإلكترونية. إضافة إلى مشروع "الباندا" والذي يعد "تجميعة" لعدد من نجوم مجال الراب والهيب هوب التونسي في فريق واحد.
ويشمل جدول الفعاليات أكثر من عشرين حفلة متتالية، بداية من اليوم الثاني بعد الافتتاح، بعروض "نردستان" و"ديسلاكسي"، و"هلواس"، واليوم التالي يضم عرض "حلفاوين الشعبية" للتونسي نضال اليحياوي، ودي جي علي مرابط، والتونسي وجدي الرياحي، وعرض "حجر الواد"، في حين يشمل اليوم الرابع عروض "حورية" و"السنوات الضائعة"، بجانب "آفاق أخرى" للتونسي عمر الواعر، وبلقاسم بوقنة، وحفل المصرية فيروز كراوية.
بينما تضم فعاليات اليوم الخامس عرض الراب والهيب هوب التونسي "الباندا"، وعرض "إرث قرطاج" مع أيمن بوجليدة، وعرض "الكترو بطايحي"، مع عرض "صنعة يدين"، وحفل الباند المصري هوس، أما اليوم السادس فيضم مشروع "جوكو" من السنغال والمغرب وكوت ديفوار وموزمبيق، مع التونسي "غولة"، و"شورا"، و"فري ريفر"، وعرض "سونا دياباتيه من غمبيا، حتى نصل لليوم ما قبل الأخير بالباند التونسي رباعي كادنس، وأوركسترا الجاز للمعهد العالي بصفاقس، و""آجي نوريك بلادي"، والعرض التونسي "عروق" مع بدر الدريدي، والعرض التونسي "الأسود البونيقية"، وفرقة "ميراث"، ليسدل الستار بحفل الختام مع العرض التونسي "المتناقضات الخصبة" للتوانسة أمين وحمزة المرايحي.
"أيام قرطاج الموسيقية" تظاهرة فنية غير اعتيادية في الأراضي الخضراء، تعد الشكل الجديد والمستحدث لكرنفال موسيقي مشابه في الثمانينات سمي "مهرجان الأغنية التونسية"، وبثت فيه الروح بشكل أكثر حداثة بعنوان "مهرجان الموسيقى التونسية" مع بدايات الألفينات، ليعد أشمل من حيث المحتوى، حتى استقر على اسمه النهائي وشكله المكتمل قبل اشتعال فتيل الثورة التونسية بشهر تقريبًا، بإطلاق أولى نسخ "الأيام"، لكنها لم يصبها حظ الاكتمال حتى توقفت الدماء الفنية عن السريان لمدة أربع سنوات، لتعود بالدورة الثانية والأكبر منذ سنتين، ومنها استقر على "فكرته" النهائية باعتماده على التجارب الموسيقية "المستقلة" وتسليط الضوء الجماهيري والإعلامي على رواد مجال "الأندرجراوند" أو المزيكا البديلة عربيًا وأفريقيًا.