الإجابة حاضرة بقوة
بينما أفتح معكم هنا ملفى الشباب والتنوير الأسبوع الماضى، استوقفتنى مفارقة شدت انتباهى، ففى حين أطل علينا وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، مفاخرًا بلهجة الإنجاز، بأن وزارته قد انتهت من كتابة خطبة الجمعة لخمس سنوات قادمة!!.. آه والله!!.. كان على الجانب الآخر من شاطئ النيل، الدكتور جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة، يدشن مسابقة «اقرأ» السنوية فى نسختها الجديدة، والمقامة تحت شعار «اقرأ، فكر، انقد، اكسب».. شعار المسابقة مرة أخرى.. اقرأ، فكر، انقد، اكسب.. ويبلغ مجموع جوائزها 300 ألف جنيه، وتشمل هذا العام أربعة أفرع، تقوم جميعها على إعمال العقل، من خلال القراءة والدراسة والتفكير والبحث.
الأول لطلاب جامعة القاهرة فى المرحلة الجامعية الأولى، وبشأن البحث فى واحد من كتب «دليل المسلم الحزين» لحسين أحمد أمين، «أضواء على السنة المحمدية» لمحمود أبورية، و«التفكير فريضة إسلامية» لعباس محمود العقاد.. والثانى لهيئة التدريس المعاونة من المعيدين والمدرسين المساعدين بالجامعة، وبشأن البحث فى واحد من كتب «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» للشيخ محمد الغزالى، «فى الأدب الجاهلى» للدكتور طه حسين، و«أبى آدم» للدكتور عبدالصبور شاهين.. بينما يخص الفرع الثالث طلبة الدراسات العليا بجامعة القاهرة، ومعهم بقية الجامعات المصرية، على أن يكون البحث فى واحد من كتب «تجديد الفكر العربى» للدكتور زكى نجيب محمود، رواية «أولاد حارتنا» للأديب العالمى نجيب محفوظ، و«رسالة التوحيد» للإمام الشيخ محمد عبده.
وأخيرًا يخص الفرع الرابع المدرسين من أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، ومعهم أيضًا بقية الجامعات المصرية، ويتعلق بالبحث فى واحد من كتب «المعقول واللا معقول فى الفكر العربى» للدكتور زكى نجيب محمود، «حرية الفكر فى الإسلام» للشيخ عبدالمتعال الصعيدى، و«الحقيقة الغائبة لفرج فودة».. وعفوًا هنا، لو طلبت منك أن تعود لتقرأ عناوين المؤلفات موضع البحث والمسابقة، وكذلك أسماء مؤلفيها، ومعها توقف عند الفئات العمرية المخصصة لها المسابقة، فجميعهم من الشباب من مختلف جامعات ومحافظات الجمهورية، وأضيف هنا، أن جامعة القاهرة قد خصصت للمسابقة مساحة على موقعها الإلكترونى، وصفحة خاصة على «فيسبوك، وهنا وهناك لينكات للاشتراك فى المسابقة، وللحصول على نسخ إلكترونية من المؤلفات محل البحث، وذلك تيسيرًا وتحفيزًا لدفع الشباب نحو الاشتراك فى المسابقة، والتواصل بشأنها.
نحن الآن، وببساطة، نقف أمام نموذجين من مسئولينا الحكوميين، أحدهما يدير مؤسسة دينية رسمية، مطالبة بتجديد خطابها، فتجده لا يفعل سوى إغلاق الحدود فى مواجهة العقل المصرى، ولخمس سنوات جديدة من القرن الحادى والعشرين!!.. والآخر يقود ليس فقط الجامعة الأم، بل يقود قطاعًا كبيرًا من شباب المجتمع المصرى، نحو تحرير عقله، وإعماله، وتشكيل وعيه الخاص، وإعادة صياغة شخصيته.. الأول يعمل فى صخب، يحرث فى البحر، ولا يظهر إنجازه إلا فى صوته!!.. والثانى يجتهد فى صمت، يزرع تربة خصبة، ولا يسبق ظهوره إلا إنجازاته.. رجل يأسر عقل أمة!!.. وآخر يطلق حرية مستقبلها.. مسئول ينطلق من عقلية المشكلة!!.. ومسئول لا ينطلق إلا من عقلية الحل.. فيا ترى.. أى النموذجين تحتاج مصر حاليًا؟!.. بل فى كل وقت؟!.. الإجابة حاضرة بقوة.. جابر جاد نصار.