البنتاجون يحقق في "تحريف" تقييمات المخابرات للحملة على "داعش"
بدأ المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) التحقيق في مزاعم بشأن تحريف مسؤولين عسكريين أمريكيين لتقييمات استخباراتية للحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش"، وذلك من أجل تصوير وجهة نظر متفائلة عن التقدم الذي تحرزه هذه الحملة.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية -في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء- أن التحقيق بدأ بعد أن أبلغ محلل السلطات أنه يمتلك أدلة على أن مسؤولين في القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على حملة القصف الجوي الأمريكي والجهود الأخرى ضد "داعش" يعيدون صياغة النتائج بشكل خاطئ لرفعها إلى صناع القرار، بمن فيهم الرئيس باراك أوباما ومسؤولين حكوميين.
وأضافت الصحيفة أن التفاصيل الكاملة عن المزاعم ليست متوافرة، بما في ذلك وقت هذه التقييمات ومن المسؤول عن ذلك في القيادة المركزية الأمريكية، وقال مسؤولون، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، إن التحقيق الذي فتح مؤخرا يركز على ما إذا كان مسؤولون عسكريون قد غيروا الاستنتاجات في التقييمات التي قدموها أم لا.
وقالت الصحيفة إن تصور تحريف المعلومات يثير تساؤلات عن اتجاه الإدارة في الحرب ضد "داعش"، ويفسر لماذا تختلف التصريحات عن التقدم المحرز بشكل كبير، مشيرة إلى أن الاختلافات المنطقية في وجهات النظر واردة بين مسؤولي الأمن القومي، ولهذا فإن تحقيق المفتش العام تحرك غير معتاد ويشير إلى أن الأمر يتجاوز مرحلة الاختلاف في التقييمات.
وأشارت الصحيفة إلى أن القوانين تنص على ألا يتم تزييف التقييمات الاستخباراتية أو تحريفها من منطلق وجهات النظر السياسية أو توجهات الأجهزة، وأنه يتعين على المحللين أن يستشهدوا بالمصادر التي تدعم النتائج التي توصلوا إليها وقدموها.
وتجنبت متحدثة باسم المفتش العام التعليق على الموضوع، وكذلك البيت الأبيض ووزارة الدفاع.
وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية الكولونيل باتريك ريدر إنه لا يستطيع التعليق في ظل استمرار التحقيقات، مضيفا أن "المفتش العام يمتلك كامل الصلاحيات للتحقيق في هذه المزاعم ونحن نرحب وندعم وجهة النظر المستقلة".
وكان أوباما قد أجاز حملة قصف "داعش" وتواجد نحو 3400 جندي أمريكي يخدمون الآن في العراق لتوفير الاستشارات ولتدريب القوات العراقية.
ويقاوم البيت الأبيض فكرة زيادة أعداد القوات في العراق التي أعلن نهاية الحرب فيها في عام 2009.
وقالت الصحيفة إن حملة القصف على مدار العام الذي مضى أحرزت بعض النجاحات التي سمحت للقوات العراقية باستعادة بعض المناطق التي كانت في السابق تحت سيطرة "داعش"، لكن المدن الهامة مثل الموصل والرمادي ما زالت تحت سيطرة "داعش".
ولفتت الصحيفة إلى أن التقدم المحرز في سوريا محدود للغاية، حيث ما زال التنظيم "الإرهابي" يحكم قبضته على أنحاء كبيرة منها.
وكان مسؤولون أمريكيون قد قدموا صورة إيجابية للرأي العام عن التقدم المحرز على صعيد الحملة العسكرية ضد "داعش" في العراق وسوريا، وفي شهر يوليو الماضي قال الجنرال المتقاعد جون آلين، وهو كبير مبعوثي أوباما الذي ينسق مع الدول التي تقاتل التنظيم، إن عزم "داعش" تلقى هزة استراتيجية عملياتيا وتكتيكيا بدرجة كبيرة، مضيفا " داعش ينهزم".
لكن في إيجاز صحفي الأسبوع الماضي، كان وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أكثر موضوعية، حيث قال إن الحرب " صعبة وستستغرق بعض الوقت "، إلا أنه قال "أنا واثق أننا سننجح في إنزال الهزيمة بداعش ونحن نتبنى إستراتيجية صحيحة".
غير أن تقييمات استخباراتية حديثة، بعضها من وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية، ترسم صورة متزنة وتحكي كيف أن "داعش" لم تتراجع قوته الا بصورة قليلة على مدار العام الماضي، وذلك وفقا لمسؤولين على اطلاع بالتقييمات.
ويقول المسؤولون إن الوثائق تشير إلى أن الحملة المستمرة منذ نحو عام لم تلحق إلا قليلا من الضرر بمقاتلي داعش، وأن التنظيم وسع على مدار العام الماضي تواجده في شمال أفريقيا وآسيا الوسطى.
ويقول منتقدون لإستراتيجية إدارة أوباما إن حملة القصف الجوي وحدها دون تدخل بري ليس من المرجح أن تحرز تقدما كبيرا وتلحق ضررا بالتنظيم، وليس واضحا ما إذا كان محللو وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية قد أوصوا بأن زيادة القوات الأمريكية ربما تحرز اختلافا مهما.